ج٦ص١٥٤
قوله : إنسيا دون أحدا، وقوله : مع ولدها إشارة إلى أن الباء للمصاحبة ولو جعلت للتعدية صح أيضا وقوله : حاملة إياه إشارة إلى أن الجملة حال من ضمير مريم أو عيسى، ولذا فصل الضمير ليتحقق تنكيره بخلاف ما لو قال حاملته. قوله :( بديعأ منكرا من فرى الجلد ( يعني أن أصل حقيقة الفرى قطع الأديم والجلد مطلقا، ثم فرق بين قطع الإفساد والإصلاح ثم استعير لفعل ما لم يسبق له، ولذا فسره المصنف بقوله : بديعا وأما كونه منكرا فظيعا فمما فعل، واختار الثلاثي لأن فعيلا إنما يصاغ قياسا منه، ومن لم يحققه قال الأولى أن يقول : من أفرى لما في الصحاح من أن أفراه معناه قطعه على جهة الإفساد وفراه قطعه على جهة الصلاح ثم أجاب تارة بأن فرى يرد للإفساد
أيضا، كما في القاموس وأخرى بأن القطع الصالح قد يكون محل تعجب لقلة النظر الصحيح وغلبة الهوى. قوله :( وكانت من أعقاب من كان معه الخ ( يعني أنها وصفت بالأخوة لكونها وصف أصلها أو هرون يطلق على نسله كهاشم وتميم، والمراد بالأخت أنها واحدة منهم كما يقال أخا العرب، وقوله : وقيل هو رجل صالح أو طالح فليس المراد هرون موسى بل رجل آخر سمي باسمه، وقوله : شبهوها به لأن الأخ والأخت يستعمل بمعنى المشابه كثيرا والتهكم على أنه صالح والشتم على أنه طالح، وقوله : إن كلموه ليجيبكم يعني أشارت إليه إشارة يفهم منها هذا بدليل قوله : قالوا كيف. قوله :( وكان زائدة الخ ( الداعي لما ذكره أنه لو أبقى النظم على ظاهره لم يبق خارقا للعادة ومحلا للتعجب والإنكار فإن كل من يكلمه الناس كان في المهد صبيا قبل زمان تكليمه، فإقا أن تجعل زائدة لمجرد التأكيد من غير دلالة على زمان والمعنى كيف نكلم من هو في المهد الآن حالة كونه صبيا، فصبيا حال مؤكدة لأن كان الزائدة لا عمل لها، ولو لم تكن زائدة كان خبرا وأما على قول من قال : إن كان الزائدة لا تدل على حدث لكنها تدل على زمان ماض مقيد به ما زيدت فيه كالسيرافي فالزيادة لا تدفع السؤال كما في شرح المفصل لابن يعيش، وما وقع هنا في تفسير النيسابوري من أن زيادتها نظرا إلى أصل المعنى وإن كانت تفيد زيادة ارتباط مع رعاية الفاصلة بناء على أنها عاملة في الاسم والخبر كما ذهب إليه الجوهرفي ونقله عنه في شرح التسهيل للدمامينيئ فلا يرد عليه ما قيل إنها غير عاملة فلا دخل لها في انتصاب صبيا في الفاصلة كما قيل نعم المشهور خلافه وهو سهل. قوله :( أو تاقة ( بمعنى وجد وصبيا حال مؤكدة أيضا وهي وإن دلت على المضيئ أيضا إلا أن معنى المضيئ هنا تقدمه على زمان التكلم في الجملة، وبقاؤه عليه بحكم الاستصحاب وفيه نظر فإنه على هذا ما الفرق بين التافة والناقصة فتأمل. قوله :( أو دائمة كقوله تعالى :﴿ وكان الله عليما حكيما ﴾ ) يعني أنها تدل على الدوام والاستمرار بقطع النظر عن المضيئ، وغيره فهي
بمعنى لم يزل ولا يزال، قال في الغرر : والدرر الرضوية وهو فصيح كثير في كلام العرب وهو مجاز ثم بين وجه التجوز فيه، والدوام هنا يكون بمعنى ثبوت الخبر في الماضي من غير انقطاع له كما ذكره ابن الحاجب، ويصح أن يراد به هذا أيضا فيكون أحد الوجهين المذكورين في الكشاف ولا يرد عليه شيء كما توهم دماذا كان بمعنى صار فالمضيئ بالنسبة لما صار منه وهو يدل على البقاء فيما صار إليه كما هو شأن صار، وفي الكشاف إن كان لإيقاع مضمون الجملة في زمان ماض مبهم يصلح لقريبه وبعيده وهي هنا لقريبه خاصة بقرينة السياق والتعجب والغرض استمراره على حاله وهو أوكد ممن هو في المهد لأن السابق كالشاهد عليه، ووجه آخر أن يكون نكلم حكاية حال ماضية أي كيف عهد قبل عيسى أن يكلم الناس صبيا في المهد وقال الزجاج : الأجود أن تكون من شرطية لا موصولة أو موصوفة كما قيل أي من كان في المهد فكيف نكلمه وهذا كما يقال : كيف أعط من لا يعمل بموعظتي والماضي بمعنى المستقبل في باب الجزاء فلا إشكال فيه. قوله : الأنه أول المقامات ( أي مقامات السالكين أولها الاعتراف بالعبودية وذلك بتفويض أموره كلها لسيده الذي لا يسئل عما يقعل ومراتب هذا المقام متفاوتة، ووجه الرد أنه لو كان ربا لم يكن عبدا بل مالكا متصرفا فلا وجه لما قيل إن الظاهر أن يقول على من زعم أنه ابنه وتفسير الكتاب بالإنجيل لأن تعريفه للعهد.