ج٦ص١٥٧
ستة أوجه لأنه إما مصدر ميميئ أو اسم زمان أو مكان على كل حال فهو إما من الشهود أي الحضور أو من الشهادة، وإذا فسر بشهود يوم فالإضافة إفا بمعنى في أو على الاتساع وكذلك الشهادة، وقوله : وهو أن يشهد الخ تفسير لهذا الوجه وفيه إشارة إلى أن نسبة الشهادة إلى اليوم مجازية كنهاره صائم وتذكير الضمير باعتبار الخبر دماذا جعل زمانا فالإضافة بمعنى من أو للملابسة، وقوله : هوله وحسابه
إشارة إلى أن إسناد العظمة إلى اليوم مجازية أو بتقدير مضاف فتجري الصفة على غير من هي له، وقوله : أو من وقت الشهود وهو بعض ذلك اليوم فلا يلزم أن يكون للزمان زمان مع أنه لا استحالة فيه بناء على أنه متجذد يقدر به متجذد آخر كما بين في محله، وآرابهم أعضاؤهم جمع أرب كعضو وهو القطعة من الشيء وقوله : ما شهدوا به في عيسى عليه الصلاة والسلام وأفه فعظمه لعظم ما فيه أيضا، كقوله : كبرت كلمة تخرج من أفواههم. قوله :( معناه ( أي معنى التعجب المراد منه، أن أسماعهم جمع سمع بمعنى المصدر أو القؤة السامعة وأبصارهم جمع بصر بالمعنيين، وجدير أي حقيق ولائق خبر أن وإنما أول التعجب بما ذكر وأنه مصروف للعباد الذين يصدر منهم التعجب لأن صدوره من الله محال إذ هو كيفية نفسانية تنشأ عن استعظام ما لا يدري سببه، ولذا قيل إذا ظهر السبب بطل العجب، والمعنى تعجبوا من سمعهم وأبصارهم حيث لا ينفعهم ذلك كما يشير إليه قوله اليوم في ضلال مبين لإهمالهم النظر والاستماع فهي كقوله تعالى :﴿ فكشفنا عنك غطاءك فبصرك اليوم حديد ﴾ [ سورة ق، الآية : ٢٢، . قوله :( أو التهديد بما سيسمعون ويبصرون يومئذ ( فهو على الأول ذكر فيه اللازم وأريد الملزوم وليس بكناية لامتناع إرادة الملزوم والفعلان منزلان منزلة اللازم إذ ليس المراد أنهما متعلقان بالمفعول والتعجب منه بل المراد نفس الأسماع والأبصار، وعلى هذا المراد تعلقهما بالمفعول وهو ما يسوءهم ويصدع قلوبهم وهو على هذا أيضا مجاز عن أن أسماعهم وأبصارهم جدير أن يتعجب منها لكن لا مطلقا بل متعلقين بالمفعول المذكور، وفيه معنى التهديد لكنه أخره كما مرضه في الكشاف لأن قوله لكن الظالمون الخ أنسب بالأول فهو معطوف على قوله : إن أسماعهم لأنه للتعجب فيهما وأما عطفه على قوله : تعجب فبعيد ينبو عنه اللفظ وإن صح أيضا والمعنى أن الأول تعجب مصروف إلى العباد وهذا تعجب مقصود به التهديد والفرق بينهما ما مر، وقيل : إنه على الأول تعجب راجع إلى العباد وعلى الثاني هو كناية عن مجرد التهديد فيكون معطوفا على قوله : تعجب وفيه نظر، وعلى التعجب المراد أسمع بهم وأبصر بهم. قوله :( وقيل أمر ( أي النبي ﷺ بأن يسمعهم الخ فهو أمر حقيقي غير منقول للتعجب والمأمور هو النبي ﷺ والمعنى أسمع الناس وأبصرهم بهم وحذثهم بما يحل بهم من العذاب، وهو منقول عن أبي العالية كما ذكره المعرب فيتعلق الاستدراك بقوله : فويل للذين كفروا، وقوله : والجار والمجرور على الأول في موضع الرفع يعني على أنه للتعجب سواء أريد به التهديد أو لا، وهذا بناء على القول بأن المجرور في باب التعجب فاعل والباء فيه زائدة على ما فصل في كتب النحو واختاره المصنف، وعلى الثاني أي قول أبي العالية يكون في محل
نصب لأنه أمر حقيقي فاعله مستتر وجوبا وهو ضمير النبي ﷺ وقيل في التعجب أيضا أنه في محل نصب وفاعله ضمير المصدر، وليس مراد المصنف رحمه الله الإشارة إلى هذا القول كما توهم ثم إنه لا يلزمه حذف الفاعل من وأبصر لأن ابن مالك رحمه الله ذهب إلى أن الجاز حذف من وأبصر ثم استتر الضمير في الفعل لدلالة الأول عليه فلا حذف للفاعل، نعم قال سيبويه : إنه لملازمته الجز وكون الفعل قبله في صورة ما فاعله مضمر والجاز والمجرور بعده مفعوله أشبه الفضلة فجاز حذفه اكتفاء بما تقدمه، واحترز بقيد الملازمة عن نحو كفى بالته شهيدا، وما جاءني من رجل فلا يجوز حذفه لعدم الملازمة فيه، ومن لا يقول إنه فاعل فهو ظاهر عنده. قوله :( أوقع الظالمين موقع الضمير ( إذ مقتضى الظاهر لكنهم وكون الظلم لأنفسهم مأخوذ من السياق لأن الإغفال إنما يعود ضرره عليهم وقال في الكشاف : أوقع الظاهر أعني الظالمين موقع الضمير إشعارا بأنه لا ظلم أشد من ظلمهم حيث أغفلوا


الصفحة التالية
Icon