ج٦ص١٦٣
وما ذكره ثمة في تفسير قوله تعالى :" قد كانت لكم أسوة حسنة في ) براهيم والذين معه إذ قالوا لقومهم انا برآء منكم ومما تعبدون من دون الله، إلى أن قال إلا قول إبراهيم لأبيه فإق استغفاره لأبيه ليس مما ينبغي أن يأتسوا به فإنه كان قبل النهي أو لموعدة وعدها إياه وكتب عليه فيه بحث لأن المذكور في النظم هو الوعد بالاستغفار لا الاستغفار نفسه إلا أن يقاد : مقصوده الإشارة إلى أنه كناية عن الاستغفار لأن عدة الكريم خصوصا مثل إبراهيم عليه الصلاة والسلام وخصوصا إذا كانت بالقسم يلازمها الإنجاز وقوله : فإنه كان الخ مندفع بما قررناه آنفا، وبما عسى أن يقال : المذكور في حيز الاستثناء هو العدة نفسها فكيف يستقيم التعليل ) أقول ( هذا كله من ضيق العطن فإنه لا تعارض بين هذه الأجوبة فإق محصلها أن استغفاره ىلمجح! إن كان قبل النهي عنه فلا إشكال دمان كان بعده فالنهي والمنع عنه ليس مطلقا بل يجوز أن يستغفر له بشرط إيمانه لأنه كان في حياته إذ لا مغ من أن يقاك : اللهم اغفر لهذا الكافر إن آمن وقد قال الفاضل اليمني : إن الإجماع منعقد على جواز الاستغفار للكافر شرط التوبة من الكفر وكذا استغفاره له
إذا وعده الإيمان فإنه في الحقيقة طلب لإيمانه بطريق الاقتضاء إلا أن الاستثناء يخالف الشق الثاني وقد عرفته، وأما كون المذكور في النظم الوعد أو الاستغفار فلا وجه له لأنه إذا امتنع استغفاره امتنع وعده إذ النبي المعصوم لا يعد بما لا يجوز ولذا قال في الكشاف كيف جاز أن يستغفر للكافر أو يعده فلا حاجة إلى ما تكلفه من حديث الكناية، فتأمل. قوله :( بليغا في البر والألطاف ( المبالغة من صيغة فعيل والبر من مادته، يقال : حفي به إذا اعتنى بإكرامه كما قاله الراغب والألطاف بفتح الهمزة جمع لطف بمعنى الرأفة أو بكسرها مصدر لطف به إذا بره، وقوله : بالمهاجرة بديني الباء فيه تحتمل التعدية والسببية والمباعدة بالبدن أو بالقلب والاعتقاد والظاهر الأول، وقوله : وإعبده وحده الوحدة تفهم من اجتناب غيره من المعبودات وفسر الدعاء بالعبادة لقوله : وما تعبدون من دون الله ويجوز أن يراد به الدعاء مطلقا أو ما حكاه في سورة الشعراء، وهو قوله : رب هب لي حكما وألحقني بالصالحين وقوله : مثلكم في دعاء آلهتكم إشارة إلى أن فيه تعريضا بشقاوتهم وهو النكتة في التعبير به، وقوله : وأن ملاك الأمر خاتمته من السعادة والشقاوة وهي غير معلومة وان كان الأنبياء عليهم الصلاة والسلام مأموني العاقبة، وغيب بمعنى غائب أو مغيب، وقوله : منه أي من إسحق، والشجرة بمعنى الأصل هنا وقوله : أو لأنه أراد أن يذكر إسماعيل الخ، والنكتة لا يلم اطرادها فلا يرد عليه أنهما خصصا حيث لم يذكر إسماعيل في العنكبوت كما قيل، وقوله : منهما أي من إسحاق ويعقوب، أو منهم هما لرابراهيم عليهم الصلاة والسلام وفسر الرحمة بما ذكر لأنه المأثور عن ابن عباس رضي الله عنهما والكلبيئ. قوله :( يفتخر بهم الناس ويثنون عليهم ( يعني المراد باللسان كلام
الافتخار والثناء الحسن فأطلق اللسان على ما يوجد به من الكلمات والحروف كما تطلق اليد على العطية بعلاقة السببية، وأحقاء جمع حقيق كأصدقاء وصديق وهو راجع إلى إضافته لأنه لا يكون حقيقا بذلك إلا إذا كان صادقا كما أن ما بعده راجع إلى توصيفه بالعلو على طريق اللف والنشر وإن احتمل رجوعه للأول لأن ما كان صادقا يثيع ويثبت بخلاف الباطل فإنه مضمحل منسيئ، وقوله : لا تخفى الخ إشارة إلى أن العلو مستعار لما ذكر لأن ما ارتفع مكانه ظهر كأنه نار على علم، وقوله : أخلص عبادته إشارة إلى مفعوله المقدر بقرينة ما قبله ليفيد معنى التوحيد وكذا في الوجه الآخر وهو مغاير له معنى لتغاير مفعوليهما، ومعنى كون الله أخلصه أنه خلقه خالصا عما مز. قوله :( أرسله الله تعالى ( إشارة إلى أن الرسول بمعنى المرسل، وقوله : فأنبأهم أي أخبرهم إشارة إلى أن النبي بمعنى المنبىء عن الله بالتوحيد والشرائع وأن أصله الهمز فأبدلت في النبي والنبؤة، ولو قيل هنا إنه من النبوة بدليل قوله : مكانا عليا والمعنى رفيع القدر على غيره من الرسل عليهم الصلاة والسلام ليكون بمعنى آخر أخص هنا كان أظهر كما نقله الطيبي عن بعض العلماء، وقوله : ولذلك أي لكونه بمعنى المنبئ عن الله قدم الخ على وفق ما في الواقع وإن كان الرسول أخص منه إذ كل نبي رسول ولا عكس ولذا كان أعلى لاستلزام الرسالة


الصفحة التالية
Icon