ج٦ص١٧٠
لأنه إذا أحاط ملكه وعلمه بكل شيء لا يمكن إقدامهم على ما لم يكن بأمره مما يوافق حكمه وحكمته.
قوله :( تاركا الخ ( يحتمل أن يبقى النسيان على ظاهره بمعنى أنه تعالى لإحاطة علمه وملكه لا يطرأ عليه الغفلة والنسيان حتى يغفل عنك وعن الإيحاء إليك، وأن يكون مجازا عن الترك واختاره المصنف رحمه الله لأن الأول لا يجوز عليه تعالى فلا حاجة إلى نفيه عنه ولأنه هو الموافق لسبب النزول كما أشار إليه ولذا خالف الزمخشري رحمه الله في ترجيح الأول، وذلك إشارة إلى عدم النزول. قوله :( وقيل أول الآية حكاية قول المتقين الخ ( القائل له اختاره ليناسب ما قبله ويظهر عطفه عليه، والتنزل هنا من النزول في المكان أي ما نحلها ونتخذها منازل كما أشار إليه بقوله : تنزل الجنة لكنه خلاف الظاهر، وأيضا مقتضاه بأمر ربنا لأن خطاب النبي ﷺ كما في الوجه الأول غير ظاهر إلا أن يكون حكاه الله على المعنى لأن ربهم وربه واحد ولو حكاه على لفظهم لقال ربنا وإنما حكى كذلك ليجعل تمهيدا لما بعده وكذا وما كان ربك نسيا إذ لم يقل ربهم ومرضه لأنه لا يوافق سبب النزول، وأما كون الخطاب من جماعة المتقين لواحد منهم فبعيد، وقوله : ولطفه إشارة إلى أن الأمر هنا أمر تكريم ولطف، كقولك : للمسافر انزل هنا. قوله :( وما كان ربك ناسيا لأعمال العاملين ( إشارة إلى أن المنفي أصل النسيان لا زيادته حتى يقتضي ثبوت أصله وإنما المبالغة باعتبار كثرة من فرض تعلقه به كما في وما ربك بظلام للعبيد في أحد الوجوه، وقوله : بيان لامتناع النسيان لأن رلث هذه المخلوقات العظيمة المدبر لأمرها والممسك لها في كل حال لا يمكن أن يجري عليه الغفلة والنسيان على ما مر في قوله :﴿ لا تأخذه سنة ولا نوم له ما في السموات وما في الأرض ﴾ [ سورة البقرة، الآية : ٢٥٥ ]. قوله :( وهو خبر محذوف أو بدل من ربك ( في قوله : وما كان ربك نسيا وفي الكشاف بدل من ربك ويجوز أن يكون خبر مبتدأ محذوف أي هو رلث السموات والأرض ) فاعبده ( كقوله :
وقائله خولان فانكح فتاتهم
وعلى هذا الوجه يجوز أن يكون وما كان ربك نسيا من كلام المتقين وما بعده من كلام
رب العزة انتهى وإنما لم يجز على البدل أن يكون من كلامهم لأنه لا يظهر إذ ذاك ترتب قوله :
فاعبده الخ عليه لأنه من كلام الله لنبيه ﷺ في الدنيا بلا شك وجعله جواب شرط محذوف على تقدير إذا عرفت أحوال أهل الجنة وأقوالهم فأقبل على العمل لا يلائم فصاحة التنزيل للعدول عن السبب الظاهر إلى الخفيئ كذا في الكشف ولم يذكره المصنف لما فيه من التكلف بل جعله من كلام الله لنبيه ﷺ كما مر. قوله :( خطاب للرسول الخ ( الترتب مأخوذ من الفاء، وقوله : لما الخ إشارة إلى وجه الترتب، وقوله : أو إعمال بالنصب عطف على مفعول ينساك إشارة إلى تفسيره على كونه حكاية قول المتقين، وقوله : فأقبل لم يقل فاستمر لأن الإقبال كان حاصلا قبل لئلا يتكزر مع ما بعده لأن معناه الثبات والاستمرار فلا يتوهم ما ذكر كما قيل. قوله :( وإنما محدى باللام الخ ( أي والمعروف تعديته بعلى لما فيه من معنى الثبوت المتعذي بها كأنه فيل اصبر ثابتا على طريق التضمين المعروفة وجعل العبادة بمنزلة القرن إشارة إلى قوله : رجعنا من الجهاد الأصغر إلى الجهاد اكبر، وقيل إنه استعارة تبعية ملوحة إلى مكنية بجعل العبادة بمنزلة القرن والصبر والمداومة عليها بمنزلة الثبات له ولو كان تضمينا لم يحتج إلى أن العبادة بمنزلة القرن، رفيه نظر. قوله :( مثلا يستحق أن يسمى إلها الخ ( يعني أن أصل السميئ المشارك في الاسم وذلك يقتضي المماثلة خصوصا في أسماء الأجناس فأريد بنفي السمي نفي المثل على طريق الكناية ونفي السمي حينئذ يجوز أن يراد به نفي المشاركة فما يطلق عليه مطلقا كإله لأن الكفرة وان سموا أصنامهم آلهة لكنها تسمية باطلة لا اعتداد بها وأن يراد به نفي المشاركة فيما يختص به، كالته والرحمن كما نقل عن ابن عباس رضي الله عنهما وأشار إليه المصنف رحمه الله بقوله : أو أحدا يسمى الله، وقوله : فإن المشركين الخ تعليل للأول أولهما لأن الله أصله الإله كما مر فتأمل، وقوله : لظهور أحديته الذاتية المقتضية للتفرد بأسمائه العلية وتعالى بكسر اللام اسم مصدر مضاف، وقوله : وهو تقرير للأمر أي كونه لا يفعل إلا بإذنه وأمره، وقوله :