ج٦ص١٨٣
والمكسور بمعنى وقيل : المفتوح مصدر والمكسور اسم. قوله :( يتشققن مرة بعد أخرى ( لأنه من الفطر وهو الشق، وقال الراغب : الشق طولا، والتفعل يدل على التكثير في الفعل أو في الفاعل أو المفعول، وقوله : مرة بعد أخرى إشارة إلى أن التكثير في المفعول، لأنها لكونها طبقات يتصؤر وقوع الانفطارات مرتبا ترتبا حقيقيا أو رتبيا كما في غلقت الأبواب يقع في الذهن غلق البراني قبل الجؤاني !ان كان ذلك قد يقع دفعة واحدة فلا يرد ما قيل إن المناسب لعظم هذه الكلمة أن يقال : يتشققن شقوقآكثيرة بمزة واحدة من هولها، ثم توافق القرا آت يقتضي الحمل على تكثير المفعول لا الفعل ولذا اختير الانفعال في تنشق الأرض إذ لا كثرة في المفعول ولذا أول ومن الأرض مثلهت بالأقاليم ونحوه كما سيأتي، وقوله : فعل أي المشدد العين وهو دال على المبالغة أي والمطاوع أثره فيكون فيه مبالغة أيضا، وقوله : مطاوع فعل أي المخفف العين، وقوله : ولأن أصل التفعل للتكلف كتحلم وهو يقتضي التعمل والمبالغة فيما يتكلفه لأنه على خلاف مقتضى الطبع فمجرد للمبالغة ولذا وصف الله تعالى بالمتوحد والمتفرد كما حققوه. قوله :( تهذ هذا (
الهد الهدم وأشار بهذا إلى أنه مفعول مطلق لتهذ مقدرا أو لتخز لأنه بمعناه، وقوله : أو مهدودة إشارة إلى أنه حال مؤؤل باسم المفعول من هذ المتعذي، وقوله : أو لأنها الخ إشارة إلى أنه مفعول له من هذ الحائط اللازم بمعنى انهدم لأنه يرد لازما أيضا وهو هذ يهذ بالكسر بمعنى سقط أثبته المعرب تبعا لشيخه أبي حيان وهو إمام اللغة والنحو فلا عبرة بمن أنكره وهو بمعنى المجهول فلذا فسره به لأن كسر العود بمعنى انكسر أي هو إشارة إلى أنه إذا هذ حصل له الهذ فصح أن يكون مفعولأله أو هو مصدر مجهول فيكون فعل الفاعل الفعل المعلل كما في بعض شروح الكشاف، وتهذ في قوله : تهذ هذا مجهول هذ المتعذي أو معلوم اللازم والمشهور الأول وقول المصنف رحمه الله : مهدودة دون هاذة لأنه الأكثر، وقوله : أو مهدودة إشارة إلى الحالية كما مر بتأويله بالوصف، ويصح فيه بتقدير المضاف أي ذات هذ، وقوله : أو لأنها الخ تقدم بيانه وأما إسناده إلى الجبال على معنى أنها تهذ نفسها من هول هذه الكلمة فتكلف دمان ادعى أنه أنسب بالمقام، وقوله : وهو تقرير الخ أي قوله : تكاد السموات يتفطرن منه وتنشق الأرض الخ لكونه دالا على أنه منكر عجيب صدوره منهم إلا أنه لكونه أبلغ عطف عليه لاذعاء التغاير. قوله :( والمعنى أن هول هذه الكلمة الخ ( ذكر الزمخشري في تفسيره وجهين كما ذكره المصنف أيضا أحدهما أن المعنى كدت أن أفعل هذا غضبا على من تفؤه بهذه الكلمة لولا حلمي كقوله : إن الله يمسك السموات والأرض أن تزولا ولئن زالتا إن أمسكهما من أحد من بعده أنه كان حليما غفورا، والثاني أنه استعظام لهذه الكلمة وتهويل لفظاعتها وتصوير لأثر! في الدين وهدمها لأركانه وقواعده وإن مثل ذلك لو أصاب هذه الإجرام العظيمة التي هي قوام العالم تهذمت وخربت فعلى الأول ليس خراب العالم المجرد هذه الكلمة بل هو كناية عن غضب الله على قائلها، وأنه لولا حلمه لوقع ذلك وهلك القائل وغيره، كما في قوله :﴿ واتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة ﴾ [ سورة الأنفال، الآية : ١٢٥ ] فلا يرد عليه آية ﴿ ولا تزر وازرة وزر أخرى ﴾، [ سورة الأنعام، الآية : ١٦٤ ]، كما قيل، وعلى الثاني هو تمثيل لفظاعة هذه الكلمة بأخذ الزبدة والنظر إلى المجموع كقوله : والأرض جميعا قبضته كما قرر في محله وهو من المبالغة المقبولة، كقوله : يكاد زيتها يضيء ولو لم تمسسه نار، وقيل إنما خلقت هذه الإجرام والموجودات لتدل على وجود ذاته وصفاته وعلى تنزهه عن الضد والنذ والتوالد فمن اعتقد خلافه أبطل دلالته فكأنه أبطل وجودها واستجاز عدمها بهذها وتخريبها لنفي دلالتها كما قيل :
وفي كل شيء له آية تدل على أنه الواحد...
فهو استعارة واعترض عليه بأن الموجودات إنما تدل على خالق قادر عالم حكيم لدلالة
الأثر على المؤثر والقدرة على المقدور واتقان العمل يدل على العلم والحكمة وأما دلالتها على الوحدانية فلا وجه له ولا يثبت مثله بالشعر والجواب عنه أنها دلت على عظم شأنه وأنه لا يشابهه ولا يدانيه شيء فلزم أن لا يكون له شريك ولا ولد لأنه لو كان كذلك لكان نظيرا له ولذا عبر عن هذه الدلالة بالتسبيح والتنزيه فتأمل.