ج٦ص١٨٩
والآخر مبين ورد بأن الفعل إنما يطلب المؤكد وإذا عمل في المبين فقد عمل في المؤكد لأنه بعض ما يعطيه وزيادة فلا يعمل في المبين إلا عند عدم المؤكد أو يؤتى به وأنا نحو دكا دكا فليس منه. قوله :( فإنه المنتفع به ( ذكره لأن القرآن تذكير للخاشي وغيره فأشار إلى أن التخصيص به على الوجهين لتنزيل غيره منزلة العدم والجار والمجرور متعلق بتذكرة أو صفة له وليس فيه إشارة إلى أن اللام للعاقبة، كما قيل : بناء على أن يخشى بمعنى يؤول أمره إلى الخشية كما في هدى للمتقين وكذا ليس المراد من شأنه الخشية فإنه لا يلائم كلامه. قوله :( بإضمار فعله ( فهو مفعول مطلق أي نزله تنزيلآ، وقوله : أو بيخشى، والمعنى إلا تذكرة لمن يخشى المنزل الذي هو من قادر قاهر فإن من لم يخش غير مؤمن، فيقدم على الارتياب والتكذيب والنصب على المدح بتقدير أعني والبدل بدل اشتمال، وقوله : أو معنى يعني إذا كان استثناء منقطعا فإنه يفيد
التعليل. قوله : الأن الشيء لا يعلل بنفسه ( إن كان التنزيل والإنزال، بمعنى بحسب الوضع ولا بنوعه إن كان الإنزال عاما والتنزيل بالتدريجي فإن البدل هو المقصود فيصير المعنى أنزلناه لأجل التنزيل وعلى الحالية فهي حال مؤكدة لا موطئة كما في بعض شروح الكشاف وان وجه بأن مراد قائله أنها كالموطئة لأنه لو اكتفى بقوله : ممن خلق الخ كفى. قوله :( مع ما بعده ( خبر مبتدأ محذوف أي هذا مع ما بعده، والتفخيم لشأن المنزل وهو الله جل وعلا أي تعظيمه بذكر مخلوقاته العظيمة ولذا وصف السموات بالعلى وقوله : بعرض الظاهر أنه بضم فسكون بمعنى التعريض به على طريق الكناية كما في بعض الحواشي والباء فيه للمصاحبة أو السببية ومن فسره بإظهار تعظيمه جعله بفتح العين وسكون الراء والظاهر الأول، وقوله : الذي هو عند العقل لأنه يدرك أفعاله أولا ثم يستدل بها على سائر صفاته ولذا قدم الخلق وثنى بالرحمة التي تنال الموجودات قبل كل شيء لأن الخلق منها وليس الترتيب بحسب الوجود فإنه بعكسه ولذا قدم الأرض كما أشار إليه والعليا بضم العين والقصر كالكبرى وقوله : بأن قصد الخ إن كان المعنى بأن ذكر قصده لذلك فهو متعلق بأشار هالا فهو خبر مبتدأ محدوف أي وهو بأن قصد الخ واجراء الكلام والتقادير بناء على أن قوله : على العرش استوى تمثيل لإجرائه ذلك، كالملك إذا جلس على سرير ملكه لتنفيذ أوامره ونواهيه، وقيل : إنه من إطلاق العرش على المحيط تشبيها له بسرير ملك يصدر أمره ونهيه عليه. قوله : اليدل بذلك محلى كمال قدرته الخ ( كمال القدرة والإرادة مأخوذ من قصد ما ذكر كما مر بيانه، وقوله : ولما كانت القدرة الخ قيل عليه إنه لا مدخل لتبعية القدرة لإرادة في ترتيب الجزاء على الشرط بل يكفي فيه وجود الإرادة المعلوم مما سبق وكان وجهه أن ما في النظم يدل بصريحه على كمال القدرة كما يدل عليه قوله : أولا حسبما اقتضته حكمته وتعلقت به مشيئته فتأمل، وقوله : بجليات الأمور وخفياتها إشارة إلى أن قوله : السز وأخفى كناية عما ذكر، وقوله : عقب ذلك أي القول المذكور ببيان إحاطة علمه. قوله :( أي وأن تجهر بذكر الله ودعائه فاعلم الخ ( أشار بقوله : فاعلم إلى أن ما ذكر لا يصلح
لأن يكون جوابا للشرط لأن علمه للسز، وأخفى ثابت قبل جهره وبعده وبدونه فهو يقام مقام الجواب وهو أمر الله له بعلمه لترتبه عليه والمقصود منه ترك ملازمته له لا فائدة الخبر وسيأتي بيانه وتخصيص القول بذكر الله مع إطلاقه لأن التعريف للعهد بقرينة الجواب فإن استواء الجهر والسز عنده يقتضي أن الجهر المذكور في خطابه، وهو الدعاء كما لا يخفى. قوله :( وأخفى منه وهو ضمير النفس ( فالسز ما أسر به إلى الغير وأخفى منه ما أضمره في نفسه ولم يظهره، وقيل : السز ما أسررته في نفسك وأخفى منه ما ستسره فيها، وأخفى أفعل تفضيل من الخفاء، وقيل : فعل ماض يعني أنه يعلم أسرار العباد وأخفى عنهم ما يعلمه وقد قال الزمخشري : إنه ليس بذاك. قوله :( وفيه تنبيه على أن شرع الذكر الخ ( ذكر في الكشاف بعد تقدير الجواب بما مر إنه إتا نهى عن الجهر كقوله تعالى :﴿ واذكر ربك في نفسك ﴾ [ سورة الأعراف، الآية : ٢٥٥ ]، لماتا تعليم للعباد أن الجهر ليس لإسماع الله بل لغرض آخر كما ذكره المصنف رحمه الله هنا واختاره لأن الجهر ليس بمنهيئ عنه بل هو لحكمة، وتصوير النفس