ج٦ص١٩١
إنه بتقدير فبينما هو كذلك إذ رأى فإذ فيه فجائية بخلاف ما في التنزيل ولك أن تبقيها على ظاهرها وضم هاء الفمير للاتباع وهر الأصلى فيها عند أهل الحجاز، وهو اتباع لما بعده، وقوله : أقيموا مكانكم أي فيه وفي نسخة بمكانكم. قوله :( أبصرتها ( وقد ورد بهذا المعنى في كلام العرب أيضا في أبيات ومنه إنسان العين، وقيل : الوجدان وقيل الإحساس وقيل غير ذلك وكقوله :
آنست نبأة وقد راعها الف ضاص يوما وقد دنا الإمساء...
والقبس معناه الشعلة عند أهل اللغة فعل بمعنى مفعول ولذا مرض تفسيره بجمرة ويشهد
له قوله تعالى :﴿ بشهاب قبس ﴾، [ سورة النمل، الآية : ٧ ]، أي شعلة ساطعة تقتبس من نار، وأو في النظم الظاهر أنها لمنع الخلؤ، وقوله : هاديا إشارة إلى أن المصدر مؤؤل باسم الفاعل واقتصر على المفرد ولم يقل : قوما يهدوني كما في الكشاف اكتفاء بما هو المتيقن وأشار إلى أن الهداية تحتمل معنيين الدلالة على الطريق لأنه ضل عنها كما تذمه وهو الظاهر وفي تقديمه ما يدل على ترجيحه لمناسبته للمقال، ولذا قال : فإن الخ لكنه قيل إنه لا يدفع البعد عنه ويعن لهم بمعنى يعرض ويطرأ، وقوله : ولذلك حققه لهم بأن إشارة إلى أن التأكيد قد يكون لإفادة أنه أمر محقق وإن لم يكن ثمة تردد أو إنكار، وما ذكر في المعاني بناء على الأغلب كما صرحوا به. قوله :( ومعنى الاستعلاء الخ ( لما كان الاستعلاء عليها بحسب الظاهر غير مراد لأنه يقتضي دخولها أوله بأنه بتقدير مشرفين عليها، والإشراف الاطلاع وهر يتعدى بعلى أو هو مجاز
مشهور صار حقيقة عرفية في الاستعلاء على مكان قريب ملاصق لها كما في قوله :
وبات على النار الندى والمحلق
ونحوه ما نقله عن سيبويه رحمه الله والمراد بأهلها من هو عندها للإصطلاء والانتفاع بها وبياضها بالنور ورؤية النار منها مع خضرتها من أسفلها إلى أعلاها من خوارق العادة، واختلف في تلك الشجرة هل هي من شجر العوسج أو غيره مما لا حاجة إلى تعيينه، وقوله تعالى :" ئودي، في الدر المصون القائم مقام الفاعل ضمير موسى وقيل : ضمير المصدر أي نودي النداء، وقوله : يا موسى تفسير له وهو ضعيف ومنعوا أن يكون القائم مقامه الجملة لأن الجملة لا تكون فاعلا ولا قائما مقامه يعني إلا أن يعتبر تضمينه معنى القول ويقصد بهذا لفظه وحينئذ فلا يظهر وجه منعه فتأمل. قوله :( أي بأني ( يعني بحذف الجار وهو مطرد فيه ونادى يتعدى بالباء وقوله بإضمار القول لأنه لا يعمل في الجمل عند البصريين والكوفيون يجرون ما هو في معناه مجراه وإليه أشار بقوله : أو إجراء الخ، وقوله : وتكرير الضمير يعني أنا سواء كان تأكيدا لاسم إن أو مبتدأ أو الجملة خبرها ويحتمل أنه ضمير فصل. قوله :( قيل إنه لما نودي الخ ( اعلم أن المتكلمين بين مثبت للكلام وناف له والمثبتون له فرقتان منهم من قال : إنه كلام نفسيئ بلا حرف ولا صوت وتحقيق الكلام النفسي، والفرق بينه وبين العلم مفصل مذلل في الأصول، ومنهم من قال : إنه لفظي واستلزام اللفظ للحدوث لأنه لا يوجد بعضه إلا بتقضي بعض آخر إنما يلزم من التلفظ بآلة وجارحة وهي اللسان أما إذا كان بدونها فيوجد دفعة واحدة، كما يشاهد في الحروف المرسومة بطبع الخاتم دون القلم وهذا ما اختاره الشهرستاني، وموسى كلمه الله تعالى بغير واسطة ولذا اختص باسم الكليم فكلام الله له لمجييه وكونه من جميع الجهات لصدوره عن الذات المنزهة عن الجهة والمكان على مذهب الشهرستاني لا إشكال فيه وإن كنا لا نعرف حقيقته لأن من لم يذق لم يعرف، وأما على مذهب غيره فسماع الكلام النفسي مشكل فلذا حققه المصنف رحمه الله بأنه تلق روحانيئ، كما تتلقى الملائكة كلام الله لا من جارحة، ثم أفاضته الروح بواسطة قؤة العقل على القوى النفسية ورسمته في الحس المشترك بصور ألفاظ مخصوصة فصار لقؤة تصؤره كأنه يسمعه من خارج فشاهده في اليقظة كما يرى النائم أنه يكلم ويتكلم ووقوف الشيطان حيحثذ عليه إفا أن يكون كذلك أو بالتفرس من كونه على هيئة المصغي المتأمل لما يسمعه، وهذا تحقيق لكلامه بما لا مزيد عليه، فقوله : من جميع الجهات وبجميع الأعضاء نفي لكونه صوتا كالأصوات كما ورد في الحديث يمين الله، وكلتا يديه يمين لنفي