ج٦ص١٩٧
بالمعجزة إنما هو للدعوة فلذا قدر المعطوف الدال عليه ما بعده لكنه جعل المدعؤ إليه العبادة دون الطاعة أو الإيمان مع أنه المتبادر لدلالة، قوله : إنه طغى المسوق للتعليل عليه، فإن تكبره عن عبادة الله ولقوله :﴿ وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون ﴾ [ سورة الذاريات، الآية : ٥٦ ]. قوله :( بخطب عظيم ( هو دعوة فرعون الجبار، وقوله : ويفسح قلبه إشارة إلى أنه ليس المراد بالشرح هنا الشق بل لازمه وهو الفسخة والتوسيع وأن توسيعه عبارة عن عدم الضجر والقلق القلبي لأن القلب هو المدرك، وأعبائه بمعنى مثاقه والتلقي معطوف على تحمل أي يفسح قلبه لتلقي الوحي النازل عليه، ويسهل معطوت على يشرح وبإحداث متعلق به. قوله :( وفائدة الخ ( أي ذكر لي مع أن المعنى تام بدون ذكره فذكره أطناب فائدته أنه يحصل بذكره إجمال لأنه لما قال اشرح لي لم يعلم ما المشروح إلا إجمالأ
لأنه لا بد له من متعلق، فلما قال صدري علم تعيينا وتفضيلا وفي الإجمال والتفضيل تأكيد لأنه كذكره مزتين ومبالغة بذكر الصدر مع أنه في الحقيقة للقلب الذي فيه، كما أشار إليه بقوله : ويفسح قلبه وقيل عليه إنه كما أن اشرح لي يدل على أن ثمة مشروحا كذلك اشرح وحده يدل عليه لما فيه من الإبها ا أيضا، وأجيب بأنه لما كان المطلوب شرح شيء ما له لا على التعيين بخلاف اشرح فإنه لا يدل عليه أتى بذلك وإليه مال في المفتاح، ويمكن أن يقال تقديم الظرف على المفعول به مؤيس عن ذكره فيحصل الإبهام بخلاف اشرح صدري فإنه لا يلتفت الخاطر فيه إلى غيره، وقد يقال : إن هذا هو المراد بالمبالغة وقيل : المبالغة فيئ البيان وهو يرجع إلى التأكيد وقيل : ذكر لي لزيادة الربط كما في قوله : اقترب للناس حسابهم، وفي الانتصاف إن فائدة ذكره الدلالة على أن منفعة شرح الصدر راجعة إليه فإنه تعالى لا يبالي بوجوده وعدمه وقس عليه يسر لي أمري. قوله :( فإنما يحسن التبليغ من البليغ ( أي من يقدر على إبلاع كلامه من غير اعتقال لسان، وليس المراد به معناه المصطلح، ورتة بضم الراء المهملة وتشديد المثناة الفوقية حبسة ولكنة في اللسان وكذا كانت في الحسين رضي الله عنه، وقال النبي ﷺ فيه إنه ورثها من عمه موسى عليه الصلاة والسلام وآسية هي امرأة فرعون، وأحضرا مجهول وضمير التثنية للياقوت والجمرة، وقوله : ولعل تبيض تفعل، وفي نسخة تفعيل أي جعلى الله لها بياضا كما مر، وقوله : كان لذلك أي كان كرامة في مقابلة ذلك أي أخذه بلحيته أو أخذه النار بيده، وقوله : عنه أي عن إبرائها، وقوله : تمسك الخ لأن إيتاء سؤله بإجابة دعائه ومن جملته حل العقدة. قوله :( احتج بقوله هو أفصح مني لسانا الخ ( فإن المراد بأفصح أبين فيقتضي نقص بيانه وقيل عليه أن ا!فصاحة اللغوية مقولة بالتشكيك كما يدل عليه صيغة أفعل فيجوز أن تكون فصاحة موسى بزوال الرتة وفصاحة أخيه بقؤة القدرة على الكلام مثلا مع أنه يجوز أن يكون قوله : هو أفصح قبل استجابة دعائه، ووقل فرعون بناء على ما عرفه منه قبل ذلك، والاستدلال به وإن كان من كلام عدوه لتقرير الله له، ثم إن خاتمة المفسرين قالي : إن قوله أفصح شاهد عليه لا له لأن فيه دلالة على أن موسى عليه الصلاة والسلام كان
فصيحا غايته أن فصاحة أخيه كثر، وبقية اللكنة تنافي الفصاحة اللغوية المرادة هنا بدلالة قوله : لسانا اص. ووجه الدلالة بين قال ابن هلال في كتاب الصناعتين : الفصاحة تمام آلة البيان ولذا لا يقال لله فصيح، دمان قيل لكلامه فصيح ولذلك لا يسمى إلا لثغ والتمتام فصيحين لنقصان آلتيهما عن إقامة الحروف، وقيل لزيادة الأعجم لذلك اهـ. فلا وجه لما قيل إن منافاة رتة اللسان للفصاحة اللغوية غير بينة ولو صح ما ذكره يكون بين قوله : هو أفصح، وقوله : ولا يكاد يبين منافاة. قوله :( بل عقدة تمنع الإفهام! فلا يقتضي زوالها بكمالها، وقوله : نكرها تنكير تقليل وتنويع ولم يضفها مع أنه أخصر، وجعل يفقهوا جوابا دليل على أن المراد ذلك هاذا كان صفة فمن ابتدائية أي عقدة ناشئة من لساني أو بمعنى في أو تبعيضية والتقدير من عقد لساني. قوله :( يعينئي الخ ( ( بيان لحاصل المعنى المقصود من طلبه ذلك، وقوله : من الوزر بكسر فسكون بمعنى الحمل الثقيل يثقل به فوزير صفة منه بمعنى صاحب وزر أي حامل لا بمعنى ثقيل لأن من يحمل الثقيل يثقل به، والمراد بالأمير السلطان كما يقال : أمير


الصفحة التالية
Icon