ج٦ص٢٠٠
من الله لأنه ركزها في القلوب حتى أحبه فرعون وكل من أبصره كذا قرروه في الكشاف وشروحه واعترض عليه بأن وجه التخصيص غير ظاهر، فإنه على تقدير الوصفية يجوز أن يكون معناه أحببتك بأن يراد ألقيت عليك محبة كائنة من محباتي، وعلى التعلق بألقيت يكون المعنى ألقيت عليك محبة الناس إلقاء ناشئا مني لا سبب له غير تفضلي وإحساني، وما ذكره وإن تراءى في بادئ النظر لكن الظاهر أنه لا وجه له فإنه إذا كان مستقرا يكون المعنى ألقيت عليك محبة كائنة مني والكائن من الله هو إن كان في غيره إذ لا فائدة في جعل صفته كائنة منه، ولذا احتاج هذا القائل إلى تقدير مضاف وهو من محباتي وهو مع ركاكته لا قرينة عليه، فتعين على هذا أنها محبة العباد، وأما إذا تعلق بألقيت فيفيد أن مبدأ الملقى له اتصال به فيكون صفته وكون الاتصال سبب الاتخاذ لا وجه له، فتعين بحسب الذوق ما ذكر فتدبر.
قوله :( وظاهر اللفظ أن أليم ( معطوف على مجموع ما قبله من قوله : قيل الخ بيان لتأويل النظم لأنه مخالف لما في تلك الروإية بحسب الظاهر كما مر لأن فيه أنه ألقى بالبركة وما في النظم بالساحل فبين أن المراد بالساحل جنب طرت نهر فرعون مما يليه. قوله : الأن الماء يسحله ( أي يقشره ويحفره من سحل الحديد إذا برده فساحل للنسب ومعناه ذو سحل أي مسحول، وقيل : إنه تصؤر منه أنه يسحل الماء أي يفزقه ويضيعه أو هو من السحيل وهو النهيق لأنه يسمع منه صوت، وقوله فالتقط منه أي من الساحل معطوف على ألقاه ولكون الفاء للسببية لم يحتج إلى رابط أو فيه رابط وهو عوده على ما أضيف إلى ضمير أليم كما مر مرارا، وفؤهة بضم الفاء وتشديد الواو المفتوحة وهاء مفتوحة بعدها تاء تأنيث كقبرة أعلى النهر والطريق كما في كتب اللغة ويجوز تخفيف واوه ساكنة. قوله :( ولتربي ويحسن إليك وأنا راعيك ( لأن تصنع معناه يفعل بك الصنعة ومعناها الإحسان والتربية إحسان وأنا راعيك معنى قوله : على عيني وقرنه بالواو للإشارة إلى أق الجار والمجرور حال من المستتر في تصنع وليس صلته ومعنى راعيك حافظك وأصله من رعي الحيوان وهو حفظه إفا بغذائه الحافظ لحياته أو يذب العدو عنه وكذا راقب معناه حافظ أيضا من المراقبة، وفي نسخة من الكشاف رافيك بالفاء من رفوته إذا سكنت رعيه وعلى عيني هنا استعارة تمثيلية للحفظ والصون لأن المصون يجعل بمرأى وقال الواحدي الصحيح!! معناه لترهـ بي على محبتي وإرادتي لأن جميع الأشياء بمرأى من الله قيل : وليس بذاك لأنه غفوك عن كونه تمثيلا ولا يرد عليه ما ذكر لأنه مراده فتأمل! قيل وعلى بمعنى الباء لأنه بمعنى بمرأى مني في الأصل، وقوله والعطف الخ مثله وقع في مواضع والتأويلان
مشهوران فيه وقد مر تفصيله، وقوله : معلل أي بهذه العلة وهي لتصنع. قوله :( وقرئ ولتصنع الخ ( وهو معطوف على قوله : فليلقه كما في اللوامح فلا عطف فيه للإنشاء على الخبر وأمر المخاطب باللام شاذ لكونه مجهولا هنا وأصله الغيبة نحو ليصنع زيد وعمرو وهو جائز فيه فلما نقل إلى المجهول للاختصار أبقى على حاله كما في لتعن بحاجتي جاز فيه ذلك، ويحتمل أنها لام كي سكنت تخفيفا ولم يظهر فتح العين للإدغام وهذا حسن جدا وقوله : ولتصنع أي قرئ به وفيه التأويل السابق، وقوله : على عين مني هو تمثيل كما مز. قوله :( طرف لألقيت أو لتصنع الخ ( في الكشف كونه بدلا أوفق لمقام الامتنان لما فيه من تعداد المنة على وجه أبلغ ولما في تخصيص الإلقاء والتربية بزمان مشي الأخت من العدول عن الظاهر فقيل : كان محبوبا محفوظا ثم أولى الوجهين جعله ظرفا لتصنع وأما إضمار اذكر فضعيف وتبع فيه صاحب الانتصاف لأن زمان التربية هو زمان رده إلى أف وأما إلقاء المحبة فقبله، وقد قيل عليه أن آل فرعون كانوا يربونه أيضا بغير الارتضاع من حين الالتقاط فالزمان متسع أيضا فلا غبار عليه فتأمل. قوله :( المراد بها وقت متسع ( فيتحدان وتصح البدلية فلا يكون من إبدال أحد المتغايرين الذي لا يقع في فصيح الكلام ويكفله بمعنى يربيه ومتفحصة أي طالبة للوقوف على خبره وتقز عينها بمعنى تسز، وقوله : هي إشارة إلى أن المستتر ضمير الام وقدمه لظهوره إذ حزن الطفل غير ظاهر ولتعيينه في سورة القصص لقوله : بعده


الصفحة التالية
Icon