ج٦ص٢٠٧
بعينه في كلامه اقتباسا وسيأتي مثله في الزخرف أو يكون موسى عليه الصلاة والسلام وصفه تعالى على سبيل الغيبة فلما حكاه تعالى أسنده إلى نفسه لأن الحاكي هو المحكني عنه أو قوله : أخرجنا كقول خواص الملك أمرنا وفعلنا والمراد الملك ولا يخفى أن وقوع الاقتباس في القرآن لا وجه له مع أنه لا يكون إلا بالوجه الأخير فيتحد معه. قوله :( كالمهد ( فهو تشبيه بليغ وتقدم له بسط في سورة البقرة، وقوله : سمي به أي جعل اسم جنس لما يمهد للصبي، وهو مفعول جعل الثاني إن كانت بمعنى صير وهو الظاهر أو حال إن كانت بمعنى خلق وجوز فيه الزمخشري بقاءه على مصدريته ونصبه بفعل مقدر من لفظه أي مهدها مهدا بمعنى بسطها ووطأها والجملة حال من الفاعل أو المفعولى، وإذا كان جمعا فهو ككعب وكعاب والمشهور في جمعه مهود، وقوله : كالمهد متعلق بقوله : تتمهدونها مقدم عليه، وقيل : تتمهدونها صفة المهد لأنه معنى نكرة، وقوله : كالفراش أي معنى ووزنا. قوله : التبلغوا
منافعها ( إشارة إلى وجه ذكرها على سبيل الامتنان ولذا كزر ذكر لكم الدال على الانتفاع المخصوص بالإنسان بخلافه في الأول فانه ذكر لبيان أن المقصود بالذات منها الإنسان وبه يظهر بلاغة ذكر المهد هنا. قوله تعالى :) أ فأخرجنا بها ( قال بعض المفسرين : إنزاله تعالى دهاخراجه عبارتان من إرادته النزول والخروج لاستحالة مزاولة العمل في شأنه والفاء للتعقيب، فإن ثانية الإرادتين لا تتراخى عن الأولى د ران تراخى ثاني المرادين، وإنما قلنا إنها للتعقيب لأن معنى السببية علم من باثها، وقيل عليه إن الإنزال! والإخراج عبارتان عن صفة التكوين عند الحنفية وهو منهم ولا يلزمه المزاولة كما قال مع أن تعقيب الإرادة الأولى للثانية ممنوع إن أريد بها الصفة الأزلية فإنه لا يعقل ذلك في الأزليات دمان أريد تعلقها التجذدي فهو متراخ بحسب تراخي المرادين فالقول بالسببية والتأكيد أهون، ويمكن أن يحمل على التأسيس بأن يشبه التراخي بالتعقيب في أنه ترتب لا محالة وبعبر عنه بلفظه ) أقول ( لا خلاف بين الماتريدية والأشعرية في إثبات صفة قديمة هي مبدأ صفات الأفعال وإنما الخلاف في أنها عين القدرة كما اذعت الأشاعرة أو صفة أخرى مغايرة لغيرها من الصفات كما ذهب إليه الحنفية وعلى كل حال فالمقصود هنا الاستدلال عليه بأفعاله تعالى الواقعة في الخارج لا بالصفات الذاتية لأنه لا يعوف الله حتى يعترف بصفاته فلما لم يصح إرادة ذلك كما لا تصح إرادة المزاو-لة لأنه تعالى إنما أمره لشيء إذا أراده أن يقول له : كن فيكون كان إسناد ذلك على معنى أنه تعلقت إرادته بإيجاده، وأما قوله : لا تعقيب بين الإرادتين فليس كذلك لأن لها تعلقات تعلقا أزليا بمعنى أنه أراد وقوعه في زمانه ولا تعقيب بين إرادة دمارادة فيه، وتعلقا قبيل وقوعه بتهيئة أسبابه العادية كالمطر للنبات وبينهما تعقيب كما قيل إذا أراد الله شيئا هيأ أسبابه ولذا تطلق الإرادة على قرب الوقوع كقوله : جدارا يريد أن ينقض، وتعلقا تنجيزيا مع أن قوله : دمان تراخى ثاني المرادين غير مسلم لأنه تعقيب عرفي إذ ايجاد النبات على أشكال لطيفة في مثل هذه المدة يعد تعقيبا كما ذكروه على أن بين الإرادتين باعتبار المرادين تعقيبا رتيبا مثل ضربته فانكسر ولك أن تقول إن الفاء لسببية الإرادة عن الإنزال والباء لسببية النبات عن الماء فلا تكرار كما في توله تعالى : إ لنحيي به، ولعل هذا أقرب. قوله :( عدل به الخ ( عدل فعل مجهول وليس معلوما والضمير لموسى عليه الصلاة والسلام كما قيل وإنما عبر به لأنه يحتمل أن يكون من كلام مرسى ومن كلام الله كما مر تحقيقه ولم يذكر أن فيه التفاتا وافتنانا لأن فيه ترددا فقيل إنه ليس بالتفات لأن الالتفات يكون في كلام متكلم واحد، وقيل إنه التفات، وفي الكشف وجه الالتفات أن المصنف رحمه الله حمله على أن موسى عليه الصلاة والسلا ا حاك قوله تعالى : إ كما هو والدليل عليه " قوله : الذي جعل لكم دون لنا وحكاه الله لنبينا ﷺ على ما حكاه موسى، وأما أن الله تعالى لما حكى غير العبارة لأن الحاكي هو المحكي فلا يصح لتوجيه الالتفات وإن ظن فتأئله. قوله :( على الحكاية لكلام الله ( يحتمل أن المراد حكاية موسى عليه الصلاة والسلام لكلام الله بعينه ثم إن الله حكى ما
حكاه موسى لنبينا صلى الله عليه وسلم