ج٦ص٢٠٩
أن يكون أيضا للاستغراق العرفي كما في جمع الأمير الصاغة وقوله وهي الآيات التسع وفي نسخة السبع والصحيح هي الأولى رواية وهذه أولى دراية وقد عذها المصنف رحمه الله في سورة النحل رهي العصا واليد وفلق البحر والحجر والجراد والقمل والضفاح والدم ونتق الجبل واعترخس عليه بأن الحجر ونتق الجبل جاء بهما موسى عليه الصلاة والسلام لبني إسرائيل بعد هلاك فرعون وأنه لم يكذب بعد فلق البحر ورد بأنه قد كذب إلى أن أدركه الغرق وغرضه من دخوله البحر بعد فلقه أهلاك موسى عليه الصلاة والسلام وأما الأوليان فلعل اراءتهما بمعنى الاخبار
بأنهما سيقعان وفيه كلام تقدم. قوله :( أو أنه عليه السلام أراه آياته الخ ( فالتعريف للاستغراق والاراءة بالمعنى الثاني، وجوز فيه المعنى الأول بجعل تعدادها له بمنزلة رؤيتها وهو بعيد وقوله : فكذب موسى عليه الصلاة والسلام إشارة إلى مفعوله المقدر وتكذيب موسى عليه الصلاة والسلام يستلزم تكذيبه في نبؤته وآياته فلا وجه لما قيل إلا ظهر تقدير الآيات. قوله :( هذا تعلل وتحير ( المراد بالتعلل تكلف علة وحجة لا أصل لها تمويها وتلبيسا على غيره وقد أشار إليه الفارابي كما في المصباح ونقله المحشي عن تاج المصادر، وقوله : فإن ساحرا الخ تعليل لكونه تعللا وما بعده وذكر إخراجهم من أرضهم إغضابا لهم لأنه مما يشق، وذكر الإتيان بمثله استدلالط على كونه سحرا يمكن معارضته لا معجزة، وقوله وعدا إشارة إلى أنه مصدر لا اسم زمان أو مكان كما سيأتي. قوله :( فإن الإخلاف لا يلانم الزمان الخ ( بيان لكونه مصدرا يعني موعدا إفا أن يكون اسم مكان أو زمان أو مصدرا والأولان ممتنعان عند الزمخشري غير مناسبين عند المصنف لأن قوله لا نخلفه صفة لموعدا فلزم تعلق الإخلاف بالزمان أو المكان والأخلاف إنما يتعلق بالوعد يقال أخلف وعده لا زمانه ومكانه ولا يجوز عود الضمير إلى الوعد الذي تضمنه على حذ قوله : من صدق كان خيرا له وكذا عوده عليه بمعنى آخر على طريق الاستخدام لأن جملة لا نخلفه صفة لموعدا فلا بد فيه من ضمير يعود على الموصوف بعينه ومن جوزه لا يرى أن الجملة صفة لجواز كونها معترضة ل!ان كان خلاف الظاهر فلا وجه للجزم ببطلان توله : وقد قيل أيضا أنه يجوز جعل المكان مخلفا على التوسع كما في قوله : ويوما شهدناه. قوله :( وانتصاب مكانا الخ ( دفع لإشكال أن قوله مكانا يقتضي أن يكون الموعد اسم مكان لا مصدرا فأوله بأنه منصوب بفعل مقدر يدل عليه الموعد أي عد مكانا لأنه إنما يدل على ما ذكر لو كان بدلا أو عطف بيان له وليس منصوبا على الظرفية بالمصدر لأن المصدر إذا تقدم وصفه لا يجوز عمله عندهم بخلاف ما إذا تأخر كقولك إن هجرك إياي المفرط لمهلك فإنه لا ينعت قبل تمامه فالمانع هو عدم تماميته وهو الصحيح المصرح به أر فصل الصفة بينه وبين معموله لا الوصفية كما صرح به في شرح التسهيل وذكره بعضهم هنا ردا على من علل به كما توهمه عبارة المصنف، نعم هي محمولة على ما ذكر فلا وجه للرد عليه والقول بأن ما ارتضاه عين ما رذه وهو رد على تجويز الزمخشري له لكنه مجاب بأنه يجوز في الظرف لتوسعهم فيه مع أن بعض النحاة جوزه مطلقا وهو مذهب الزمخشري كما ذكره المعرب، ويجوز أن يضمن لا
نخلفه معنى المجيء والإتيان أو يقدر بقرينته أي آتين وجائين مكانا وقد جوز فيه أيضا أن يكون ظرفا لغوا لأجعل أي اجعل بيننا وبينك في مكان منتصف زمان وعد لا نختلف فيه ولا يرد عليه أن تعين زمان الوعد إنما هو في مكان التكلم لا في مكان سوى وأنه مفقود فيه شرط النصب على الظرفية، كما قيل لأنه بناء على أن الموعد اسم مكان وأن معناه زمان يقع فيه ما وعد لا زمان الوعد نفسه فإنه معنى الوعد والميعاد في كلام العرب إذ المكان يكون لمعناه لا للفظه ألا ترى فوله :
قالوا الفراق فقلت موعده غد
وهذا منشأ غلطه، وأما قوله : إنه إذا انتصب فهو مفعول به لا ظرف لأن الرضي شرط في
عامله أن يكون فيه معنى الاستقرار كقمت وقعدت وتحزكت مكانك بخلاف ما ليس كذلك نحو كتبت الكتاب مكانك وقتلته أو شتمته ففيه بحث لأن ما ذكره الرضي غير مسلم إذ لا يمانع من قولك : لمن أراد التقزب منك ليكلمك تكلم مكانك فإن فيه استقرارا لتبعية، الا ترى قوله :