ج٦ص٢١٥
موسى في الأعراف وهو الظاهر لأنه أشرف من هرون والدعوة والرسالة إنما هي له فتقديمه على الأصل لا يحتاج لنكته وإنما المحتاج إليه تأخيره كما هنا فلذا أشار إليه بما ذكره، وهذه النكتة إنما هي في الحكاية لا في المحكي حتى يحتاخ إلى أن يقال إنه كلام فريقين من السحرة أو أنه حكى في أحد الموضعين بالمعنى ليدفع التعارض فتقديمه لكبر سنه أو لرعاية الفاصلة، أو لأنه لو قدم موسى ربما توهم أن المراد بربه من رباه وذكر هرون بطريق التبعية، وأورد على الأخير أن المقام لا يتحمله لأن سجودهم تعظيما يأباه، وتقديمه ثمة يدل على أنه ليس في الترتيب نكتة لا سيما والواو لا تقتضي ترتيبا وليس بشيء لأن التوهم لا يلزم أن يكون منهم بل من غيرهم، والمعظم غير معين عندهم، وتقديمه ثمة على الأصل فلا يحتاج لوجه وكون الواو لا تفيد الترتيب لا يستلزم أنه ليس لتقديمه نكتة إذ مثل الكلام المعجز لا يعدل فيه عن الأصل لغير داع وقد ذكر هذا القائل في سورة الأعراف ما يعارض ما ذكره هنا وما وقع في شرح المفتاح من أن موسى عليه الصلاة والسلام أكبر من هرون سهو، ورؤية منازلهم في الجنة بطريق الكشف بعد رفع غطاء الكفر مروي عن عكرمة رحمه الله.
قوله :( أي لموسى ( عليه الصلاة والسلام لما كان الإيمان في الأصل متعذيا بنفسه ثم
شاع تعديته بالباء لما فيه من معنى التصديق حتى صار حقيقة أول تعديته باللام بتضمينه معنى الانقياد لأنه يقال انقاد له لا التسليم لأنه بمعنى الإيصال وأما الذي بمعنى الانقياد فالمعروف فيه أسلم نحو أسلم أمره دثه وسلم لغة قليلة، كما في المصباح مع ما فيه من كثرة الحذف وأما ما ذكره فغير ظاهر لأن الاتباع متعد بنفسه يقال : اتبعته ولا يقال اتبعت له، وهذا إذا لم تكن اللام تعليلية فإنه حينئذ يكون على أصله والتقدير والذي آمن بالله لأجل موسى عليه الصلاة والسلام
وما شاهدتم منه ولذا اختاره بعضهم ولا تفكيك فيه كما توهم لكنه معارض لما تدره في الأعراف وهو بموسى لا بالئه لأن قوله : في الشعراء إنه لكبيركم الذي علمكم السحر لا ينتظمه لهان كان فيه إبقاؤه على أصله أيضا وفيه نظر، وقوله : أو لأستاذكم أي معلمكم لأن الأستاذ يستعمل في العرف بهذا المعنى، وهو معرب لأن السين والذال لم تجتمعا في كلمة عربية ومعناه الماهر، ويطلق على الخصيئ أيضا في العرف والمقصود مما ذكر التوبيخ لا فائدة الخبر أو لازمها. وقوله : إنه لكبيركم استئناف للتعليل، وتواطأتم بمعنى اتفقتم وهذا تلبيس منه لتنفير الناس والا فهم سحرة قبل قدومه ولم يعرف تعلمهم منه. قوله :( اليد اليمنى الخ ( يعني معنى ئوله : من خلاف من جهتين مختلفتين وهو تخفيف قصد به التشديد، وقيل : إن في قطعها من وفاق إهلاكا وتفويتا للمنفعة فلا يكون القطع مرة أخرى عقوبة وفيه نظر، وقوله : كأن القطع ابتدئ من مخالفة العضو العضو يعني أن مبدأ القطع من الجانب المخالف لا من الخلاف نفسه لكنه جعله مبتدأ على التجوز وكون الخلاف بمعنى الجانب المخالف مجاز أيضا. قوله :( في حيز النصب على الحال ( قيل المناسب لقوله : كأن القطع أن يكون صفة مصدر أي تقطيعا كائنا من خلاف أو قطعا وفيما اختاره تقليل التقدير. قوا!ه :) شبه تمكن المصلوب الخ ( يعني أنه استعارة تبعية بتشبيه شدة حاله بدخول المظروف في ظرفه لشدة تمكنه فيه والياء في قوله : بالجذع بمعنى في أو على والظاهر الئاني كما في مررت به وعليه، أو للإلصاق فلا يرد عليه ما ورد على قول الزمخشري في الجذع بأن الوجه أن يقرل على الجذع لأن المشبه لا ظرفية فيه. قوله :( وهو أول من صلب ) ظاهره أنه أوقع بهم الوعيد، ولا يقال مثله بالرأي لكن الإمام قال : إنه لم يثبت في الأخبار ولا ينافيه قوله : أنتما ومن اتبعكما الغالبون وهو ظاهر. قوله :( يريد ئفسه وموسى ( تفسير لضمير المتكلم مع غيره فالمراد بالغير على هذا موسى بقرينة تقدم ذكره في قوله : آمنتم له ولاحتمال كون الضمير دنه أشار إلى دفعه بأن الإيمان إذا تعدى باللام فهو بمعنى الانقياد ومجرورها غير الله كما وقع في آيات كثيرة تعليم بالتتغ وقولنا بمعنى الانقياد لم نقل الاتباع لما مر، ورأيته في نسخة فيما مر بمعنى الاتباع بالباء وحينئذ لا يرد عليه ما مز. قوله :( واللام الخ ( قيل الحق أنها للتعنيل وليست بصلة للإيمان ولا دلالة