ج٦ص٢٢٥
الجسم المصوّر، وبه فسر أيضا على القراءة المشهورة
بسكون الواو وجوّز فيها أن تكون بمعنى القرن الذي ينفخ فيه وهو المشهور، وأورد على كونه جمع صورة أنّ النفخ يتكرر لقوله : ثم نفخ فيه أخرى والنفخ في الصورة إحياء والإحياء غير متكرّر بعد الموت وما في القبر ليس بمراد من النفخة الأولى بالاتفاق والجواب أن من يقرأ به، ويفسره به لا يجعل الثانية مثل الأولى في الإحياء ولا يلزم أن يجعلها في كل موضع بمعنى واحد فتأمّل.
قوله :( زرق العيون ( فهو وصف للشيء بصفة جزئه كما يقال غلام أكحل وأحور والكحل والحور صفة العين والظاهر أنه مجاز وأسوأ بمعنى أقبح، وقوله : لأن الخ علة لكونها أبغض، وأعدى بمعنى أشد عداوة فأزرق مجاز عن كونه قبيحا مكروهاً لأنه لازم له عندهم ولذا يقال : العدوّ الأزرق وعلى الثاني هو كناية عن العمي لأن الزرقة من لوازمه، والكبد بالباء الموحدة عضو باطني معروف وهم يتوهمون أنّ الحقد والعداوة في الكبد ولذا قالوا للأعداء سود اكباد كما ذكره أهل اللغة، ومن ضبطه الكتد بالمثناة الفوقية وهو مجمع الكتفين فقدسها وأصهب من الصهبة بالصاد المهملة وهي حمرة أو شقرة في الشعر، والسبال بكسر السين المهملة جمع سبلة والمراد بها هنا اللحية أو ما استرسل منها ومن الشارب، وتزراق بتشديد القاف مضارع إزراق كاد لهامّ بمعنى تشتد زرقتها، وقوله : لما يملأ الخ أي أو لضعفهم والخفت قريب من الخفض لفظا ومعنى. قوله تعالى :( ﴿ إِن لَّبِثْتُمْ ﴾ الخ ( بتقدير حال أي قائلين إن الخ، وقوله : أي في الدنيا. ييان لمرادهم بالعشر ويستقصرون بمعنى يعذونها قصيرة قليلة إمّا لتقضيها كما قاله ابن المعتز كفى بالانتهاء قصراً أو بالنسبة للآخرة أو للتأسف أي الحزن على سرعة تقضيها قبل علمهم بما صاروا إليه وتداركهم لما نالهم فيه كما في قولك : ليت الزمان امتذ حتى يكون كذا وكذا وهو معنى قوله : وعلموا الخ فلا وجه لما قيل إنه لا مدخل له في استقصار مدة لبثهم في الدنيا وما في الكشاف من استقصار أيام السرور أظهر منه. كوله :( أو في القبر لقوله تعالى :﴿ وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ ﴾ إلى آخر الآيات ( معطوف على قوله في الدنيا الخ وظاهره أنّ هذه الآية تعين أن المراد اللبث في القبور رلذا استدل بها تبعا للزمخشري، وأوردوا عليه أنه غير متعين كهذه الآية وقد ذكر الحسن في تفسيرها أن المراد لبثهم في الدنيا أو في القبور أو فيما بين فناء
الدنيا إلى البعث فكيف يتأتى الاستدلال بها، وأجيب بأنّ قوله تعالى :﴿ لَقَدْ لَبِثْتُمْ فِي كِتَابِ اللَّهِ إِلَى يَوْمِ الْبَعْثِ ﴾ [ سورة الروم، الآية : ٥٦ ] صريح في أنه اللبث في القبور وبه يرجح هذا الوجه في الموضعين واليه أشار المصنف بقوله إلى آخر الآيات وأورد عليه أنه لا صراحة فيها لاحتمال أن يراد به ما قبل البعث الشامل لما في الدنيا ولما في القبر وأنّ المذكور هناك أقسامهم أنهم ما لبثوا غير ساعة، وهنا أنهم ما. لبثوا إلا عشرا والا يوما، في أخرى فكيف يتحد المراد في الموضعين ولا يندفع بأنه لا مخالفة بينهما لاختلافهم في مدة اللبث فقائل عشرا وقائل يوما وقائل ساعة والقائل ساعة أمثلهم طريقة فلذا ذكر هناك، وهذا صلح من غير تراض وهو غريب من قائله فإنه ليس المراد حقيقته ولا الشك في تعيينه بل المراد أنه لسرعة زواله عبر عن قلته بما ذكر فتفنن في الحكاية وأتى في كل مقام بما يليق به، فإن سلم إنه على طريق الشك في تعيينه فالجواب هو ما ذكره، وما قيل إن المراد باليوم معناه اللغوي وهو مطلق الوقت وتنكيره للتقليل والتحقير فالمراد إلا زمنا قليلا فلا تعارض! فيها، يأباه مقابلته بالعشر فتأمّل. قوله :( وهو مدّة لبثهم ) إشارة إلى المراد بما الموصولة، وقله : أعدلهم لأنّ الأمثل الأفضل والمراد به بقرينة المقام ما ذكر، وقوله : استرجاع أي بيان لرجحانه والتقالّ تفاعل من القلة ووجه الرجحان أنه أبلغ في الطريقة المذكورة، وهو جار على الوجوه السابقة ويؤيد ما ذكرناه وسؤال الثقفي عن حالها في القيامة. قوله تعالى :( ﴿ وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْجِبَالِ ﴾ الخ ) قال النسفي وغيره : الفاء في جواب شرط مقدر أي إذا سألوك فقل وهذا بناء على أنه لم يقع السؤال عنه كقصة الروج وغيرها فلذا استؤنف الجواب ثمة بدون فاء وقرن بها هنا لأنّ هناك استشراف النفس للجواب فيسألونك بمعنى سيسألونك واستبعده أبو حيان وكلام المصنف


الصفحة التالية
Icon