ج٦ص٢٤٥
ادعاء فلم لا يصح جمعه لذلك ولولاه لما صحت الاستعارة أيضا فتدبر.
قوله :( وهو مع حصيدا الخ ) دفع لما يتوهم من أنه نصب ثلاثة مفاعيل هنا، وهو ناصب لمفعولين بأنهما بمنزلة شيء واحد كحلو حامض بمعنى مر فحصيداً خامدين بمعنى جامعين لمماثلة الحصيد والخمود في أنهم مستأصلون والخمود معطوف على مماثلة لا على الحصيد لأنه استعارة كما مز. وعليه إن قلنا إنه تشبيه وكونه صفة له أي لحصيدا مع أنه تشبيه أريد به ما لا يعقل يأباه كونه للعقلاء كما مر لا كونه جمعا، كما توهم لأن فعيلايطلق على الجمع. قوله :( وإنما خلقناها الخ ( يعني أنها ليست كبناء الناس للزينة واللهو. ويتسلقوا بمعنى يتوصلوا وأصل التسلق النزول إلى الدار من حائطها دون باب. قوله :( ما يتلهى به ويلعب ( إشارة إلى أنه مصدر المبني للمفعول وتوطئة لما سيأتي. وتوله من جهة قدرتنا ظاهره أن اتخاذ اللهو داخل تحت القدرة وقد قيل إثه ممتنع عليه تعالى متناعاً ذاتيا والله سبحانه وتعالى غير قادر على الممتنعات. وأجيب بأن صدق الشرطية لا يقتضي صدق الطرفين فهو تعليق على امتناع الإرادة. أو يقال الحكمة غير منافية لاتخاذ ما من شأنه أن يتلهى به وإنما تنافي أن يفعل فعلا يكون هو بنفسه لاهيا به فلا امتناع في الاتخاذ بل في وصفه بأنه لاه. كما هو كذلك في الولد والزوجة كما أشار إليه في الكشف وقوله : أو من عندنا فالمراد بالعندية عالم الملكوت والمجردات، وهذا إطلاق ثالث لعند اللّه والمقصود الرد على ما سيأتي لا أنه يجوز اتخاذه من المجردات بل لأنّ ذلك أظهر في الاستحالة والتزويق التزيين مأخوذ من الزاووق وهو الزئبق. قوله :( وقيل اللهو الولد الخ ( وقيل الزوجة قال الراغب : إنه تخصيص له بما هو من زينة الحياة الدنيا التي
جعلت لهوا ولعباً وقوله : والمراد الرد على النصارى في دعوى ما ذكر كما سيصرّج به لكنه غير مناسب هنا كما بينه شراح الكشاف. قوله :( ذلك ( أي اللعب وهو بيان لمفعوله المقدر وبيان لأن إن شرطية وجوابها مقدر بقرينة جواب لو الشرطية المتقدّم وسياق الآية لإثبات النبوّة ونفي المطاعن السابقة لأنه تكرّر في القرآن أنّ خلق العالم لعبادة الله ومعرفته ولا يتمّ ذلك إلا بإنزال الكتب وارسال الرسل عليهم الصلاة والسلام، فإنكاره يستلزم كونه عبثا وهو مناف للحكمة فقوله : إن كنا الخ تكرير لتأكيد امتناعه. وإذا حمل على النفي كما عليه الجمهور يكون تصريحا بنتيجة السابق، واستحسنه في الكشف أي لكنا ما أردنا فما كنا فاعلين لكن أكثر مجيء إن النافية مع اللام الفارقة. قوله :( إضراب عن اتخاذ الخ ( يعني أنه إضراب إبطاليّ وكان ينبغي اقتصاره على الثاني، أو تأخير الأوّل لأنه مرجوج عندهم، وكونه شأناً وعادة من المضارع الدال على الاستمرار التجدّدي. وقوله : إن نغلب بتشديد اللام تفسير لحاصل المعنى ونص على الجذ واللهو ليصح ارتباطه بما قبله. وعداد اللهو ما يدخل فيه ويعد منه ويمحقه بمعنى يذهبه ويفنيه. قوله :( استعار لذلك ) أي لتغليب الحق حق يمحق الباطل فهو استعارة تصريحية تبعية ويصح أن يكون تمثيلا لغلبة الحق على الباطل حتى يذهبه برمي جرم صلب على رأس دماغها رخو ليشقه وفيه إيماء إلى علوّ الحق وتسفل الباطل وأنّ جانب الأوّل باق والثاني فإن ووجه التصوير أنه استعارة محسوس لمعقول بجعله كأنه مشاهد محسوس. ويجوز أن يكون استعارة مكنية بتشبيه الحق بشيء صلب يجيء من مكان عال والباطل بجرم رخو أجوف سافل، والقذف ترشيح أو بشخص والدمغ تخييل، وأصل معنى يدمغه يشق دماغه ويصيبه. قوله :( وهو الرمي البعيد المستلزم لصلابة المرمى ( قيل إنه ينافي قوله في سورة طه القذف يقال للإلقاء وللوضع ولا منافاة بينهما لأنّ أحدهما مطلق والآخر مقيد فيحمل عليه، قال الراغب : القذف البعيد ولاعتبار ذلك فيه قيل منزل قذف أي بعيد انتهى، وتصويراً تعليل لقوله : استعارة. قوله :( وقرئ فيدمغه بالنصب الخ ( في غير المواضع الستة لأنه بعد خبر مثبت ولذا استبعده المصنف رحمه الله ووجهه بأنه في جواب المضارع المستقبل وهو يشبه التمني في الترقب وهي قراءة عيسى بن عمر وهي شاذة وهذا مراده بالحمل على المعنى لا أن القذف والرمي فيه معنى النفي وهو منصوب بأن مقدرة لا بالفاء خلافا للكوفيين


الصفحة التالية
Icon