ج٦ص٢٥٠
لا من دليل آخر ولا تقدير له في النظم كما قيل.
قوله :( أن يشفع له مهابة منه ( المهابة معلومة مما بعده وفيه إشارة إلى الردّ على تمسك المعتزلة بهذه الآية على أنّ الشفاعة لا تكون لأصحاب الكبائر فإنها لا تدل على أكثر من أنه لا يشفع لمن لا ترتضي، الشفاعة له مع أن عدم شفاعة الملائكة لا تدل على عدم شفاعة غيرهم. وقوله عظمته ومهابته إشارة إلى قول الراغب أنّ الخشية خوف مشوب بتعظيم ومهابة فليس المراد أنها مجاز عن سببها كما قيل، وكيف يتأتى هذا مع تصريح المصنف بما ذكر. وقوله : مرتعدون أي شديد والخوف لأنه يكنى به عن ذلك كما يقال : أرعدت فرائصه خوفا وإلا فالارتعاد لا مناسبة له هنا أصلاً، وقوله : خص بها العلماء إشارة إلى قوله :﴿ إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاء ﴾ [ سورة فاطر، الآية : ٢٨، وما ذكره من الفرق مأخوذ من كلام الراغب وتعدى الخوف بمن ظاهر لأنه يقال خاف منه وأمّا تعدى الاعتناء بعلى فغير ظاهر فكأنه بملاحظة الحنوّ والعطف فكان الظاهر ذكره كما في الأساس. قوله :( من الملانكة ) فسره به لتقدم ذكرهم واقتضاء السياق وكونه أبلغ في الرد والتهديد لكنه على سبيل الفرض إذ لم يقع ذلك بل لا يصح صدوره ولا نسبته لهم، ولو تركه كان أولى وإنما ذكره تشديداً في إنكاره وقوله البنوة بتقديم الباء. والدعاء مجرور معطوف عليه ونفي الادعاء من فحوى الشرط وقوله مدعي الربوبية بصيغة المفعول ليلائم ما قبله كما لا يخفى ويجوز كونه على زنة الفاعل. وجعل رأي علمية لأنهم لم يشاهدوا ذلك ولا داعي للمجاز. قوله :( من ظلم الخ ( يجوز أن يكون المعنى مثل جزاء المشركين نجزي الظالمين مطلقا. قوله :( ذاتي رتق ( يعني أن الإخبار به عن المثنى لأنه مصدر والحمل إما بتقدير مضاف أو بتأويله بمشتق أو لقصد المبالغة والمراد ذاتي رتق. والالتحام جعلهما كشيء واحد متداخل أو المراد بالوحدة وحدة الماهية والفتق الفصل بين المتصلين وهو ضد الرتق. فقوله : بالتنويع والتمييز لف ونشر مشوّس فإن كان رتقها التحامها ففتقها تمييزها بانفصال أجزائها وان كان إيجاد حقيقتها ففتقها جعلها أنواعا متغايرة في الحقيقة فمن جعلهما شيئا واحداً وفسره بضم الأعراض المنوّعة والتعينات المميزة لم يصب. قوله :( أو
كانت السموات واحدة الخ ( التفسير الأوّل بناء على أق السموات والأرضين طبقات متباعدة متغايرة كما وردت به الآثار وهذا مبنيّ على خلافه، وأنّ السموات كقشور البصلة المتلاصقة وأنّ الأرض واحدة وان كلاً منها متحد الماهية لكنها غير متلاحمة فمعنى رتقها عدم تغايرها هيئة وصفة ومعنى فتقها اختلاف حركاتها وأقاليمها فلا يرد عليه ما قيل إنه كان الظاهر أن يقول بالعوارض! المشخصة لأنها جزء من الماهية المختصة بكل فرد منها بخلاف الحركات، وما ذكر في الأرض! غير ثابت عندنا والقائل به قائل بكونها رتقاً لكونها قديمة عنده. قوله :( وقيل كانتا بحيث الخ ( معنى الفتق والرتق عليه ظاهر وقوله لا تمطر ولا تنبت لف ونشر مرتب والفتق والرتق استعارة على هذا. وقوله : سماء الدنيا الخ إما أن يريد جهة العلو منها أو جعلها شاملة للسحاب على الجمع بين الحقيقة والمجاز وقيل المراد بها السحب فإنّ السماء يطلق عليها والمطر منها وجمعها على ما ذكره كثوب أخلاق. قوله :( والكفرة وإن لم يعلموا ذلك فهم متمكنون ( وفي نسخة يتمكنون جواب سؤال وهو أنه كيف يستفهم منهم على سبيل التقدير وهم أي الكفرة لا يعلمون ذلك ولم يروه على الوجهين في رأي إن جعلت علمية أو بصرية فأجاب أوّلاً بأنهم لما كانوا عقلاء متمكنين من علم ذلك نزل تمكنهم، وما هو بالقوّة فيهم منزلة ما هو محقق بالفعل فهو قريب من قولهم ضيق فم الركية وقوله : فإق الفتق عارض على الوجوه السابقة وهو بيان لطريق النظر وقيل : إنه على التفسير الأوّل للفتق والرتق فتأمل وقوله : مفتقر إلى مؤثر بيان لما يستدل به عليه من إثبات الصانع. وواجب أي واجب الوجود صفة مؤثر. وقوله ابتداء أو بوسط تقسيم للافتقار إلى المؤثر والصانع القديم وإن جميع الآشياء لا بد لها من أن ينتهي إسنادها إليه سواء كان بالذات كمخلوقات الله أو بالواسطة كالأشياء الصادرة منا. وقيل إن الابتداء على مذهب أهل الحق من أنه لا شرطية ولا علية والواسطة على مذهب غيرهم. وقد قيل عليه إنّ أصالة الرتق وعروض! الفتق مما لا يستقل به


الصفحة التالية
Icon