ج٦ص٢٦٣
لما روي أنهم قالوا إنه تخييل سحري فرموا فيها
شيخا فاحترق ولذا قيل إنه متعلق بسلاماً ليندفع الإشعار ظاهراً وذكر الإشعار لأنه مفهوم لقب
غير معتبر. وأما قوله : إنه لم ينقل أنّ البرد أضر بغيره بل النار كما مرّ فغنيّ عن الرد وقد قيل
إنه إذا تعلق بسلاما فالإشعار بحاله لكون مؤدّاهما واحدا إذ لم يرد تعميم البرد وتخصيص
السلام. وقيل إنه تعالى نزع منها طبيعة الحرّ والإحراق وأبقاها على الإضاءة والإشراق ولا بعد
فيه فإنهما خارجان عن حقيقة النار. قوله :( كما ترى في السمندل ) وفي نسخة السمندر بالراء
وفي أخرى السمند وهي لغات فيه لتلاعبهم فيه لأنه معرب وهو طائراً ودويبة كالفأر لا تحرقها
النار ويجعل من ريشها أو وبرها مناديل ولا تحرقها النار ووقع في الشعر الفارسي سمندر بالراء
فهي أعجمية وما عداه تعريب، ووقع في بعض نسخ عين الحياة سندل بدون ميم ولصاحب
القاموس رحمه الله تعالى فيه خبط في موادّ ليس هذا محل تفصيله. قال ابن خلكان ومثله
السرفوت وهي دويبة تعيش في فرن الزجاح ولابن صابر فيه :
نسج داود لم يفد صاحب الفا روكان الفخار للعنكبوت ٠.. وبقاءالسمندفي لهب النا رمزيل فضيلة الياقوت.. ء
قوله :( عاد سعيهم الخ ) بيان وتفسير لكونهم أخسر من كل خاسر ومزيد درجته رفعته في
الدنيا والآخرة وهم لخسرانهم لهم أشد العذاب في الدارين. وقوله تعالى إلى الأرض متعلق بنجينا لتضمنه معنى الإيصال أو الإخراج. وعموم البركات من قوله للعالمين ومرض تفسير البركات بالنعم الدنيوية لأن الأوّل أظهر وأنسب بحال الأنبياء عليهم الصلاة والسلام ولم يقل باركناها للمبالغة بجعلها محيطة بها، وفلسطين كورة فيها بيت المقدس ولوط عليه الصلاة والسلام ابن أخي إبراهيم عليه الصلاة والسلام وقيل ابن عمه. قوله :( عطية ( لأنه من نفله بمعنى أعطاه وقد قيل إنه مصدر كالعافية منصوب بوهبنا لأنه مصدره معنى ولا لبس للقرينة الحالية المعنوية العقلية لاختصاص معناها به على التفسيرين الأخيرين. قوله :( فصاروا كاملين ( يشير إلى أن، ذكر الصلاج الذي خلقوا : عليه لما يلزمه من الكمال اللائق بهم والا فالأنبياء عليهم الصلاة والسلام لا يمدحون بالصلاج ولذا قيل في مثله إنه لمدح الصفة وقوله الناس بيان لمتعلقه المحذوف والضمير في يحثوهم وكمالهم للناس. قوله :( وأصله أن تفعل الخيرات الخ ( وإنما كان كذلك لأنّ كل مصدر ذكر له معمول فهو بتأويل أن والفعل وإذا أوّل به عمل عمله فينون ويذكر معموله ثم / يخفف بحذف التنوين ويضاف لمعموله، وأن تفعل بالبناء للمجهول ورفع الخيرات فالمصدر مصدر المجهول والخيرات في قوله فعلا الخيرات مرفوعة أيضا على القيام مقام فاعله وكون المصدر يكون مبنيا للمفعول رافعاً لنائبه مختلف فيه فأجاز ذلك الأخفش قال المعرب : والصحيح منعه فليس ما اختاره الزمخشري كالمصنف بمختار، والذي ذكره المصنف كما في الكشاف بيان لأمر مقرّر في النحو والداعي لذكره هنا أن فعل الخيرات
بالمعنى المصدري ليس موحى إنما الموحى أن تفعل ومصدر المبني للمجهول والحاصل بالمصدر كالمترادفين، وأيضاً الموحى عام للأنبياء عليهم الصلاة والسلام وأممهم فلذا بني للمجهول فما قيل تبعاً لما في البحر في وجهه أنّ فعل الخيرات ليس من الأحكام المختصة بالموحى إليهم بل عام لهم ولأممهم فلذا بني الفعل للمجهول وانه يرد عليه أنّ فاعل المصدر محذوف فيجوز تقديره عاما كفعل المكلفين الخيرات فلا حاجة إلى تطويل المسافة إلا أن يقال قدره به لأنّ أوحى يستعمل مع أن والفعل فالموحى لا يكون نفس الفعل الذي هو معنى صادر عن فاعله بل ألفاظ دالة عليه ذهول عما أراد، وإذا ظهر المراد سقط الإيراد وقوله : للتفضيل كعطف جبريل على الملائكة وقد مرّ بيانه.
تنبيه : قال الحلبي : ردّاً على أبي حيان الذي يظهر أنّ الزمخشريّ لم يقدر ما ذكر لما قاله
بل لأنّ الفعل لا يوحى وإنما يوحي قول اللّه : لهم افعلوا الخيرات ( قلت ) تأويله لا يؤدّي معنى ما قاله فالظاهر أنّ المصدر هنا للأمر كضرب الرقاب كما أشار إليه المصنف بقوله : ليحثوهم فاعرفه. قوله :( وحذف


الصفحة التالية
Icon