ج٦ص٢٩٤
على قوله :﴿ ومن يعظم حرمات اللّه ﴾ [ سورة الحج، الآية : ٣٠ ] وهو الظاهر فلما حث على المحافظة على حدوده وترك الشرك وعبادة الأوثان أعظمها تفرّع عنه هذا وان تفرّعت على ا المجموع فلا يضر عدم تفزعه على قوله : وأحلت الخ المغدرج تحته وعلى الأوّل فقوله : وأحلت جملة معترضة مقررة لما قبلها فلا يرد عليه أنه يكون أجنبيا في البين كما قيل وأما تفرعه على قوله :﴿ أُحِلَّتْ لَكُم ﴾ الخ فقط فإنه نعمة عظيمة تستدعي الشكر لله لا الكفر والإشراك أو أنّ ألمعنى فاجتنبوا الرجس من أجل الأوثان على أن من سببية وهي تخصيص لما أهل به لغير ألله بالذكر فيتسبب عن فوله ﴿ إلا ما يتلى ﴾ ويؤيده قوله : غير مشركين قإنه إذا حمل على ما حملوه كان تكرارا، فمع كونه تكلفا من غير داع إليه قد رد بأنه لم يصب فيه لأنّ إحلال الأنعام وإن كان من النعم العظام إلا أنه من الأمور الشرعية دون الخارجية التي يعرف بها التوحيد وبطلان الإشراك فلا يحسن اعتبار تسبب اجتناب الأوثان على الإحلال المذكور كما لا يخفى. قوله :( الذي هو الأوثان ) إشارة إلى أن من بيانية لا تبعيضية أو ابتدائية كما قيل فإنه تكلف وقوله كما تجتنب الأنجاس إشارة إلى أنه تشبيه بليغ حملى طريق التجريد وغاية المبالغة والتنفير من جغلها نجاسة. وتعريف الرجس بلام الجنس حتى كأنها جنس النجاسة مغ ما فيه من الإبهام والتبيين وقوله : تعميم لشموله جميع أكاذيب الباطلة وكون عبادتها زور الادعاء أنها قتحق العبادة فالزور فطلق الكذب وكونها رأسه أي أعظمه ظاهر وضمير أتبعه للحث أو التعظيم، وذلك إشارة إلى قوله أحلت الخ. قوله :( وقيل شهادة الزور ) أي المراد بالزور شهادة الزور لأنّ تلاوة الهيّ ﷺ لهذه الآية بعد التقريع على شهادة الزور تدل على أنه المراد منها ويؤيده اشتهاره فيها لكنه مرضه لأنّ هذا الحديث وإن وواه الترمذي وغيره لكنه طعن في سنده وقيل إنه ضعيف مع أنها داخلة فيه فيحتمل أنها تليت لشمولها لها وقوله عدلت شهادة الزور الإشراك أي ساوته
في الإثم والقبح لجعلها معه في قرن هذه الآية وهو تشديد وتوبيخ، وثلاثاً متعلق بقال أي كرّرها ثلاث مرّات والزور بفتحتين وكذا الإفك، وقوله : الإشراك بالله في نسخة بواو وليس في محله، وقوله حالان من الواو يحتمل الأولى والثانية. قوله :( لأنه سقط من اوج الإيمان الخ ) الأوج ضد الهبوط إلا على والمراد به أوج الفلك لمقابلته بالحضيض وهي لفظة هندية معربة كما في بعض كتب الهيئة وأوج الإيمان استعارة وسقوطه منه إن كان في حق المرتد ظاهر وفي حق غيره باعتبار الفطرة وجعل التمكن والقوّة بمنزلة الفعل. قوله :( فإن الأهواء الرديئة الخ ( فيه إشارة إلى أنه تشبيه مفرق حيث شبه الإيمان بالسماء لعلوه والكفر بالسقوط منها والإهواء الموزعة المشتتة لأفكاره بطيور جارحة مختطفة والشيطان المضل بريح عاصفة ألقته في مهاو مهلكة. وتوزع مضارع، وزع بمعنى فرق لا ماض! أصله تتوزع كما توهم والرديئة وقع في نسخة بدله المردية أي المهلكة وهما تشبيهان على التفريق والتركيب. وطوّح فعل مشدد بمعنى ألقى وفي نسخة طرح والأولى أولى وقوله وأو للتخيير بناء على أنه لا يشترط فيها سبق الأمر وقد مرّ في البقرة والمعنى أنه مشبه بهذا النوع وبهذا النوع أو أنت مخير في تشبيهه بأيهما شئت وقوله فإن الخ إشارة إلى أن التشبيه الأوّل لمن لا خلاص! له من الكفر كمن توزج لحمه في بطون الجوارج فإنه بعد هلاكه والثاني لمن يرجى خلاصه فإن من رمته الريح في المهاوي يمكنه الخلاص، وقوله : على بعد من قوله مكان سحيق. قوله :( ويجوز أن يكون الخ ( فشبه من أضله الله بالكفر وابتلاه بالأفكار الفاسدة بمن وقع من السماء فتقطع قطعاً اختطفتها الطير. أو بمن حملته ريح عاصفة فألقته بمفازة بعيدة ووجه الشبه الهلاك المتيقن أو المظنون. فقوله : تشبيه أحد الهالكين أو الهلاكين كما في نسخة بصيغة التنبيه بيان لحاصل المعنى المقصود منه واقتصار على أقوى أجزاء التشبيه فلا يرد أنه إذا شبه أحد الهالكين كان مفرداً لأمر كبا لكنه من تشبيه مقيد بمقيد نعم النظم يحتمله أيضاً. قوله :( دين الله الخ ) الشعائر إما جمع شعارة وهي العلامة كالشعار فشعائر الله علامات اتباعه وهدايته وهي الدين، أو المراد بها فرائض الحج