ج٦ص٢٩٩
وأخرج ابن جرير عن أبي العالية أن أوّل آية نزلت في القتال ﴿ وَقَاتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ ﴾ وفي الإكليل للحاكم أنّ أوّل آية نزلت في القتال ﴿ إِنَّ اللّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُم ﴾. لكن ما ذكره المصنف رحمه الله مخالف لقوله في أوّل السورة أنها مكية إلا ست آيات إلا أن يقال إنه ترك التنبيه عليه لأن الإذن في القتال لم يكن إلا بعد الهجرة. قوله :( وعد لهم بالنصر ) أي على طريق الرمز والكناية كما هو دأب العظماء ودفع أذى الكفار في قوله : أن اللّه يدفع الخ والذين أخرجوا في محل جز بدل أو صفة للذين قبله ويجوز كونه في محل رفع أو نصب. قوله :( على طريقة قول النابغة الخ ) هو من تأكيد المدح بما يشبه الذم وهو لا يختص بهذا بل كل ما يكون فيه إثبات الشيء بضده فهو من هذا القبيل والبيت من قصيدة معروفة والمعنى كما في الكشاف أخرجوا لله بغير موجب سوى التوحيد الذي يكون موجب الإقرار والتمكين لا موجب الإخراج والتسيير ومثله هل تنقمون منا إلا أن آمنا بالله والاستثناء إن كان منقطعا فهو مما اتفق على نصبه نحو ما زاد إلا ما نقص وما نفع إلا ما ضرّ فلو توجه إليه العامل جاز فيه لغتان النصب وهو لغة أهل الحجاز وأن يكون كالمتصل في النصب والبدل نحو ما فيها أحد إلا حمار وإنما كانت الآية من الذي لا يتوجه إليه العامل لأنك لو قلت الذين أخرجوا من ديارهم إلا أن يقولوا ربنا الله لم يصح فتقديره ولكن أخرجوا بقولهم ربنا الله وإليه أشار المصنف بقوله وقيل منقطع وقيل إنه في محل جرّ بدل من حق لما في غير من معنى النفي فيؤول الكلام إلى نفي النفي وهو الإثبات فحاصل المعنى أخرجوا من ديارهم بأن يقولوا ربنا الله كذا قيل في تقريره وهو رد على أبي حيان إذ رد هذا الوجه بأن البدل لا يجوز إلا من حيث سبقه نفي أو نهي أو استفهام في معنى النفي وصح تسلط
العامل عليه. ولو قلت أخرج الناس من ديارهم إلا أن يقولوا لا إله إلا الله لم يكن كلاما إلا إذا تخيل أنه بدل من غير وأما إذا كان بدلا من حق فهو في غاية الفساد. لأنه يلي البدل فيه غيرا فيصير التركيب بغير إلا أن يقولوا وهو لا يصح ولو قدر النفي الذي تضمنه الإخراج بغير كما يقدر غيره من النفي لم يصح أيضاً لأنه يصير التركيب بغير غير قولهم ربنا الله بإضافة غير لغير والزمخشري مثله بغير موجب سوى التوحيد. وهو تمثيل للصفة لا وجه لتفسير إلا بسوى وهو على الصفة صحيح وقد التبس عليه باب الصفة بباب البدل. وما ذكره ليس بوارد على الزمخشري لأن ما ذكره بيان لحاصل المعنى وليس مثله ممن يلتبس عليه باب بباب وهو استثناء لكن ظاهر مقابلته بالمنقطع أنه متصل على هذا وهو ظاهر لدخول المستثنى في الحق إذ تقديره في الحقيقة لا موجب لإخراجهم إلا التوحيد وتقديره بغير لا يتعين ولو تعين لم يدخل على الإبل على ما بعدها لأنه هو البدل. فما ذكره مغالطة لا طائل تحتها مع ما فيه من الاختلال وان تبعه بعضهم ) وههنا بحث ( وهو أنّ التوحيد داخل في الحق فليست الآية كبيت النابغة فلذا أوّله الزمخشري والمصنف بغير موجب مع أنه لا يخلو من الكدر فإن التوحيد والطعن في آلهتهم موجب للإخراج عندهم فلا بد من ملاحظة كونه موجبا في نفس الأمر. ومن جعل إلا بمعنى غير هنا صفة عند المصنف وقال : وعندي أنّ البدل يصح من المضاف وفي أخرجوا معنى النفي أي لم يقروا في ديارهم إلا بأن يقولوا ربنا الله فيصح التسليط. فقد أخطأ فيهما لأن المصنف رحمه اللّه أراد الاستثناء كما في بيت النابغة وإذا جعل استثناء من غير فسد المعنى كما لا يخفى فتأمل. قوله :( عل أهل الملل ( أي في كل عصر وهو إشارة إلى عمومه فالمراد بالمؤمنين مؤمنو كل أتة وأمّا تخصيصه وجعل حفظ البيع ونحوها لحماية أهل الذفة فيأباه مع بعده ما بعده ودفاع قراءة نافع على أنه مصدر فاعل. والرهابنة جمع رهبان وهو مخصوص بالنصارى القسيسين المختلين فالصوامع خاصة بهؤلاء والبغ عامة فيهم وقوله : كنائس اليهود الكنيسة غير مختصة باليهود على قول لأهل اللغة كما يشعر به كلام المصنف رحمه الله. قوله :( سميت بها الخ ( وفي نسخة وسميت فهي جمع صلاة سمي بها محلها مجازاً فتنوينه كمسلمات وقيل هي بمعناها الحقيقي وهذمت بمعنى عطلت أو فيه مضاف مقدر وهي مما ألحق بجمع المؤنث من العلم كأذرعات ولا وجه له لأنه جمع