ج٦ص٣٠٤
الآدميين كما أشار إليه وقوله بالردّ والإبطال لأنه يقال سعى في أمر فلان إذا أصلحه أو أفسده بسعيه فيه. قوله :( مسابقين مشاقين ( يعني أنه حال من الضمير والمعاجزة بمعنى المسابقة مع المؤمنين على طريق الاستعارة للمشاقة لهم ومعارضتهم فكلما طلبوا إظهار الحق طلب هؤلاء إبطاله كما يقال جاراه في كذا قال تعالى :﴿ أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ أَن يَسْبِقُونَا ﴾ [ سورة العنكبوت، الآية : ٤، وقوله : فأعجزه وعجزه فهو مطاوعه وقوله : لأن الخ توجيه لتسمية المسابقة معاجزة لا بيان لأنه مجاز فيها كما يعرف من اللغة وقراءة أبي عمرو معجزين بالتشديد والباقون قرؤوا معاجزين، وقوله : على أنه حال مقدّرة أي على قراءة معجزين لأن التعجيز المطاوع بمعنى السبق وهو لم يحصل لهم وإنما قدروه كذا قيل. ورد بأن الحال المقدرة فسرها النحاة كما في المغني بالمستقبلة كادخلوها خالدين والتعجيز لم يقع في المستقبل غايته أنهم قدروه وزعموه ومثله لا يسمى حالاً مقدرة ودفعه يعرف بالتأمل فيه وكذا ما قيل إنه يجوز أن يكون حالاً مبينة بناء على زعمهم ولا يخفى أنه لا يناسب لأن السبق إنما يكون بعد السعي كما قيل :
والسبق يعرف آخر الميدان
نعم إذا كان بمعنى التثبيط أو النسبة إلى العجز وهو المناسب لقوله :﴿ يَسْتَعْجِلُونَكَ بِالْعَذَابِ ﴾ لم تكن مقدرة ومن في من قبلك ابتدائية وما بعدها زائدة. قوله :( الرسول من بعثه اللّه بشريعة مجدّدة الخ ( في الفرق بين الرسول والنبيّ أقوال منها ما ذكره المصنف رحمه الله وهي ظاهرة وإنما الكلام فيما أورد هنا من الاعتراضات والنقوض منها ما أورد على المصنف رحمه اللّه أنه قال في سورة مريم أن الرسول لا يلزم أن يكون صاحب شريعة فإن أولاد إبراهيم عليه الصلاة والسلام كانوا على شريعته ومنهم رسل. ورد بأنه مشى على قول المرضيئ هنا وذكر ما ذكر ثمة تبعا لغيره مع إشارة ما إلى توجيهه، فإنه يجوز أن يراد برسولاً ثمة معناه العامّ ونبيا بيان له على وجه التأكيد كما أنه مؤكد له إذا أريد به معناه الحاصل أيضا. وقيل الرسول من بعث إلى قوم بشريعة جديدة بالنسبة إليهم وان كانت الشريعة غير جديدة في نفسها كإسماعيل عليه الصلاة والسلام إذ بعث لجرهم أوّلاً لكن حمل كلام المصنف رحمه الله عليه بعيد. وقيل الرسول من له تبليغ في الجملة وإن كان بياناً وتفصيلاً لشريعة سابقة والنبيّ من لا
تبليغ له أصلاً وهو قول مشهور وارتضاه كثير من العلماء، وفي هذا المقام كلمات كثيرة أكثرها مضطرب. وقوله : ولذلك شبه الخ أي لكون علماء هذه الأمة مقررين للشرع كانوا كأنبياء بني إسرائيل. قوله :( ويدل عليه ( أي على أن النبيّ عائم لا على عمومه بالوجه المذكور فإن قوله الرسل منهم صريح فيه والحديث المذكور قال ابن الجوزي رحمه الله أنه موضوع وليس كما قال فإنه رواه ابن حبان والحاكم كما قاله ابن حجر وفي سنده ضعف خبز بالمتابعة، وتجفا بالمذ والقصر بمعنى كثيراً وتفصيله في باب المصدر من النحو. قوله :( وقيل الرسول من جمع الخ ( هو ما ذهب إليه الزمخشري وضعفه لأنّ بينهما تباينا على هذا وصريح الحديث السابق ينافيه وكذا قوله رسولاً نبياً وأيضا عدد الكتب وهو مائة وأربعة كما روي في الحديث عن أبي ذر رضي الله عنه يأباه وتكرار النزول بعيد وأبعد منه الاكتفاء بكونه معه وإن لم ينزل عليه وأقرب منه ما قيل من له كتاب أو نسخ في الجملة وعدم نسخ إسماعيل عليه الصلاة والسلام ممنوع. قوله :( وقيل الرسول يأتيه الملك ( يقظة بالوحي قائله الرازي ووجه ضعفه أنه يقتضي التباين كما مرّ. وكون بعض الأنبياء عليهم الصلاة والسلام لم يوح إليه إلا مناما بعيد ومثله لا يقال بالرأي وامّا إنّ المنامات واقعة لازمة لنبينا ﷺ فليس بشيء كما توهم وفي الإنصاف للعراقي إن حديث سئل عن الأنبياء رواه ابن حبان والحاكم في مستدركه من حديث أبي ذز رضي الله عنه بلفظ أربعة وعشرون ألفا وذكره ابن الجوزي ورواه أحمد واسحق وابن راهويه في مسنديهما من حديث أبي أمامة رضي اللّه عنه بلفظ أربعة وعشرون ألفاً وقال الرسل ثلثمائة وخمسة عشر. قوله :( إلا إذا تمنى ( جملة شرطية وهي إمّا حال أو صفة أو الاستثناء كقوله :﴿ إِلَّا مَن تَوَلَّى وَكَفَرَ فَيُعَذِّبُهُ ﴾ [ سورة الليل، الآية : ٦ ا ] الخ وأفرد الضمير


الصفحة التالية
Icon