ج٦ص٣٠٦
كما أنّ وقوع السهو بمثله مخل به أيضا لأنّ من يسمعه قد لا يستمر على صحبته. حتى يقال إن استمراره على قراءته يدفع أن يكون ما صدر منه سهوا لو جوّز عليه السهو في الموحى به. وقيل معنى إلقاء الشيطان فيها إلقاء الشبه والتخيلات فيما يقرؤه على أوليائه ليجادلوه بالباطل وهو المناسب للمقام. ولا يخفى نبوّ ظاهر النظم عنه. قوله :( ولا يندفع بقوله فينسخ اللّه ما يلقي الشيطان الخ ( جواب عما قيل من أنه لا يختل الوثوق بما يلقيه الشيطان لأنه ينبه عليه فينسخ ويزال بأنه إذا لم يوثق بالوحي لا يوثق بقوله فينسخ الله ما يلقي الشيطان فالتوهم باق كما كان. وقوله لأنه أيضاً يحتمله أي كما يحتمل غيره مما يتلوه لو جوّز تكلم الشيطان على لسانه ٠ فما قيل إن قوله أيضا تشبيه لهذا القول في المردودية عند أهل الحديث بالقول السابق والا لم يصح التشبيه غفلة عن مراده، وكذا ما قيل إنّ إعجازه إذا انضتم إلى مقدار أقصر سورة يدل على أنه من اللّه فإنه يحتمل أن يكون الإعجاز للمجموع أو لما انضم إليه. فلا وجه لما قيل إنه ظاهر الورود ولا لقول إن مواظبته ﷺ على قراءته وتلقى الصحابة عنه يدفع هذا الاحتمال لما مرّ. وقوله : والآية الخ يعني على القولين الأوّلين وفيه نظر لأنك قد عرفت أنّ مثل هذا السهو لا يجوز على الأنبياء عليهم الصلاة والسلام وأيضاً هو غير متعين حتى يكون دليلاً فتأمّل. قوله :( ما يلقى الشيطان ) ما مصدرية أو موصولة. وقوله : علة لتمكين الشيطان إشارة إلى أنه متعلق بألقى لا بمحذوت دل عليه ألقى لأنه إذا ألقاه فقد تمكن منه، وضمير منه للإلقاء وقيل للرسول ﷺ لا يقال إذا لم يقدر تمكن من إلقائه على نبينا ﷺ يكون الجعل والعلم المذكوران سببين للإلقاء في أمنية الرسول والأنبياء عليهم الصلاة والسلام والعلم بان القرآن حق وليس كذلك لأنه بالنسبة للأنبياء يكفي لصحة التعليق عموم العلة الأولى وكون الثانية لبعض ما تضمنه. وقوله : أمر ظاهر كما يتعلق به سهواً أو ما يشتهيه باعتبار ما يظهر منه من اشتغاله بأمور الدنيا إذ هو بهذا الاعتبار ظاهر كما أشار إليه لا مجرّد الخواطر وحديث النفس كما مر فإنه لا يفتتن بما لم يطلع عليه، وقيل إنه إشارة إلى ضعف ما اختاره في تفسير ألقى الشيطان في أمنيته واًن الأولى التفسير بإلقاء الشبه كما مز. قوله :( شك ونفاق! قيل هذا هو المناسب لقوله تعارى في المنافقين :﴿ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ ﴾ وتخصيص المرض! بالقلب دليل عليه لعدم إظهار كفرهم بخلاف الكافر المجاهر. فقول بعضهم من زعم أن المراد بهذا المنافق فكأنه غافل عن أنه أقسى
قلبا من الكافر المجاهريرده أنه لو سلم فليس في كلام المصنف رحمه الله ما يمنعه إذ مرضه لا يورث رقة قلب. واعترض عليه بأنّ عدم انجلاء صدأ قلبه بصيقل المخالطة للمؤمنين يرشد إلى أنه أقسى قلبا فاندراج من دونه في القسوة دونه يأباه الذوق السليم وهذا كله من ضيق العطن فإن في مرتبة الشك ليس مثل من هو في مرتبة الجحد وإن كان أشد منه من وجه آخر ولذا قدم هنا كما مرّ في سورة البقرة وقوله : موضع ضميرهم بضم الهاء على أنّ المراد لفظه وكسرها على أنه ضمير الفريقين وقوله : قضاء عليهم بالظلم أي حكما عليهم بأنهم ظالمون أو بالفتنة بسبب ظلمهم. قوله :( عن الحق أو عن الرسول الخ ( متعلق ببعيد والبعيد صاحبه فإسناده إليه مجاز كما في ضلال بعيد والشقاق والمشاقة المنافرة والعداوة كأنّ كلاً في شق غير شق الآخر. قوله :( إنّ القرآن هو الحق النازل ( قدمه لأنه المناسب لقوله ولا يزال الذين كفروا الخ وكونه علة لتمكين الشيطان من الرسل باعتبار اندراجه فيهم فلا يرد عليه أن التخصيص يأباه قوله : من رسوله ولا نبيّ الدال على الاستغراق. وقوله : بالقرآن أو بالله لف ونشر على التفسيرين. وقوله : يوصلهم هو وجه الشبه بين الصراط المستقيم والنظر الصحيح. قوله :( من القرآن ( فمن ابتدائية ومما ألقى من فيه ابتدائية أو تعليلية. وقوله : يقولون بيان لافترائهم فيه والمراد بذكرها أي الأصنام بخير قوله تلك الغرانيق العلا. قوله :( حتى تأتيهم الساعة بغتة ( هو مع ما بعده غاية لامتراء الكفار كلهم أو جنسهم على التوزيع. وقوله : القيامة هو على ظاهره لأنه يتبين فيه زوال المرية لكل أحد ويؤيده قوله الملك يومئذ الحق كقوله :﴿ لِّمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ لِلَّهِ ﴾ [ سورة غافر، الآية : ٦ ا ] وإذا أريد بها الموت


الصفحة التالية
Icon