ج٦ص٣١٠
قال ابن خروف قوله : هذا وأجب وقوله : فكان كذا وكذا يريد أنهما ماضيان وفسر الكلام بأتسمع يريد أنه لا يحصل بالاستفهام لضعف حكم الاستفهام فيه. وفي نسخة الكتاب
المشرقية عوض أتسمع أنثبت وفي بعض شروح الكتاب فتصبح لا يمكن نصبه لأنّ الكلام واجب، ألا ترى أنّ المعنى إنّ الله أنزل بأرض هذه حالها. وقال الفراء ألم تر خبر كما تقول في الكلام إن الله يفعل كذا فيكون كذا وقال أبو حيان إنما امتنع النصب جوابا للاستفهام هنا لأن النفي إذا دخل عليه الاستفهام وان كان يقتضي تقريراً في بعض الكلام هو معامل معاملة النفي المحض في الجواب ألا ترى قوله تعالى :﴿ أَلَسْتَ بِرَبِّكُمْ قَالُواْ بَلَى ﴾ [ سورة الأعراف، الآية : ١٧٢ ] وكذلك الجواب بالفاء إذا أجبت النفي كان على معنيين في كل منهما ينتفي الجواب فإذا قلت ما تأتينا فتحدثنا بالنصب فالمعنى ما تأتينا محذثا إنما تأتينا ولا تحدث ويجوز أن يكون المعنى إنك لا تأتي فكيف تحدّثنا فالحديث منتف في الحالتين والتقرير بأداة الاستفهام كالنفي المحض في الجواب يثبت ما دخلته همزة الاستفهام وينتفي الجواب فيلزم من هذا الذي قررناه إثبات الرؤية وانتفاء ألاخضرار وهو خلاف المقصود وأيضا فإن جواب الاستفهام ينعقد منه مع الاستفهام السابق شرط وجزاء وهنا لا يقدر أن تر انزال المطر تصبح الأرض مخضرّة لأن اخضرارها ليس مترتبا على علمك أو رؤيتك إنما هو مترتب على الإنزال. وقال الحلبي : قوله فإنّ جواب الخ متفرّع من قول أي البقاء إنما رفع الفعل هنا وإن كان قبله استفهام لأمرين أحدهما أنه بمعنى الخبر فلا يكون له جواب الثاني أن ما بعد الفاء ينصب إذا كان المستفهم عنه سببا له ورؤيته لا توجب الاخضرار إنما يجب من الماء هذا زبدة ما في الكتاب والبحر ومنه علم أنّ الرؤية يجوز كونها بصرية وعلمية نظراً للماء المنزل خلافا لمن مغ الأوّل لأنّ إنزال الله لا يرى فمن جوّز النصب بتقدير إن لم يصب وما قيل من أنّ الاستفهام الداخل على النفي نفي فهو إثبات ردّ باقتضائه الاستقبال وهو غير صحيح كما مرّ وكونه مسبباً عن النفي أو مكتفى فيه بما يشبه السبب فما مرّ في الكتاب يأباه. وإذا عطف على أنزل فالعائد مقدر أي بإنزاله أو يقال الفاء سببية لا عاطفة فلا يحتاج إلى العائد كما في أمالي ابن الحاجب لكن هذا لا يصلح توجيهاً لكلام المصنف فالصواب أنها عاطفة مغنية عن الرابط كما صرّح به ابن هشام في المغني والتعقيب فيها حقيقيّ أو عرفيّ أو هي لمحض السبب فلا تعقيب فيها.
قوله :( يصل علمه ) إشارة إلى ما قاله الراغب من أنّ اللطيف ضد الكثيف وقد يراد به ما
لا تدركه الحاسة فيصح أن يكون وصفه تعالى به على هذا الوجه. وأن يكون لمعرفته بدقائق الأمور وأن يكون لرفقه بالعباد في هدايتهم وفي غير ذلك. قوله :( بالتدابير الخ ) هذا بناء على أنه من الخبرة وهي معرفة بواطن الأمور ويلزمه معرفة ظواهرها وقوله خلقا وملكا إشارة إلى أنّ
اللام للاختصاص التام فيشملهما فليس فيه جميع بين الحقيقة والمجاز كما يتوهم. وقوله في ذاته إشارة إلى أنّ الحصر باعتبار الغنى الذاتي. وقوله : عطف على ما فجملة تجري حال وإذا عطف على اسم إنّ فهو خبر والواو عطفت الاسم على الاسم والخبر على الخبر وإذا رفع فهو مبتدأ خبره ما بعده والجملة مستأنفة أو حالية واليه أشار بقوله حال منها أو خبر أي على الاحتمالين الأخيرين. قوله :( من أن تقع أو كراهة أن تقع ) إشارة إلى أنّ أن تقع على حذف حرف الجرّ وهو من فهو في محل نصب أو جز على القولين أو في محل نصب على أنه مفعول له والبصريون يقدرون في مثله كراهة أن تقع والكوفيون لئلا تقع وجوّز فيه أن يكون في محل نصب على أنه بدل اشتمال من السماء أي ويمنع وقوع السماء ورد بأنّ الإمساك بمعنى اللزوم يتعدى بالباء وبمعنى الكف بعن وكذا بمعنى الحفظ والبخل كما في التاج، وأمّا بمعنى المنع فهو. غير مشهور وليس بشيء لأنه مشهور مصرّج به في كتب اللغة. قال الراغب : يقال أمسكت عنه كذا أي منعته قال تعالى :﴿ هَلْ هُنَّ مُمْسِكَاتُ رَحْمَتِهِ ﴾ وكني عن البخل بالإمساك انتهى. وبه صزج المصنف رحمه الله والزمخشري في تفسير قوله :﴿ إِنَّ اللَّهَ يُمْسِكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ أَن تَزُولَا ﴾ [ سورة فاطر، الآية : ٤١ ] فلا وجه لما ذكره. وقوله متداعية أي مقتضية له مجاز من التداعي بمعناه المشهور وهو إشارة إلى أنه ليس بابرلة تحس.


الصفحة التالية
Icon