ج٦ص٣٢٧
والمعنى لو كان نبياً لكان له ذكر في آبائنا الأوّلين وهذا الوجه وما قبله إنما يتأتى من متأخري قومه المولودين بعد بعثته بمدة طويلة فيكون المراد بابائهم من مضى قبلهم في زمنه ﷺ وهذا القول صدر منهم بعد مضيهم ولا يلزم أن يكون في آخر أمره فالفاء فيه للسببية لا للتعقيب كما أثبته النحاة. وقوله : ما كلمهم به معطوف على نوحا وعلى هذا لا يحتاج إلى تأويل. وفي الكشاف أي ما سمعنا بمثل هذا الكلام أو بمثل هذا الذي يدعي وهو بشر أنه رسول الله وما أعجب شأن الضلال لم يرضوا للنبوّة ببشر، وقد رضوا للإلهية بحجر. وقد قيل إنه قدر المثل إشارة إلى أنه لا بد من تقديره لأن عدم السماع بنوح عليه الصلاة والسلام أو بكلامه المذكور لا يصلح للرد لأن السماع بمثله كاف للقبول كما أفاده بعض المحققين من شرّاحه ومن لم يقف على مراده قال إنه لا حاجة إلى تقديره فإنّ الإشارة إلى نفس هذا الكلام مع قطع النظر عن المشخصات وفي قوله من الحث دون حثه إيماء إليه. نعم هو وجه آخر لا غبار عليه والظاهر أنه ليس إشارة إلى التقدير بل هو تقرير للمعنى فيتحد كلامهما فتدبر. قوله :( وذلك ( أي كلامهم المذكور على الوجهين الأخيرين من أنه لم يحث أحد على عبادة الله أو لم يدع بشر النبوّة مع وقوعه إفا إنكار للواقع عناداً أو
لكونهم في زمان فترة فلم يسمعوه قبله وما قيل إنه على جميع الوجوه لا وجه له. والتربص التوقف وباؤه للتعدية أو السببية فتفيد الاحتمال أو الانتظار وفاعل قال ضمير نوح عليه الصلاة والسلام. قوله :( بإهلاكهم ( لا شك أن إهلاك العدوّ مستلزم لنصرته وسبب له لا عينه وهو معنى قول الزمخشريّ : في نصرته إهلاكهم فكأنه قال أهلكهم. ولو كانا مترادفين لم يقل كأنه فما قيل إنّ الزمخشريّ جعل النصرة عين إهلاكهم ولا وجه لعدول المصنف عنه سهو. قوله :( أو بإنجارّ ما وعدتهم ) بقوله :﴿ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ ﴾ [ سورة الأعراف، الآية : ٢٦ ] والإهلاك الأوّل غير ما توعدوا به فمن قال الواو أحسن لعدم التنافي بينهما لم يصب والزمخشري جعل هذا معنى قوله : بما كذبون فالباء فيه آلية وعلى ما ذكره المصنف لا يلزم تعلق حر في جرّ بمتعلق واحد لتغايرهما وترك هذا أولى فتدبر. وقوله. بدل تكذيبهم فما مصدرية والباء للبدل كخذ هذا بذاك فنصرته بدل تكذيبهم لأنه جزاء لصبره أو بدل عن تكذيبهم. قوله :( بحفظنا ) مرّ في سورة هود أنّ المعنى ملتبسا بأعيننا عبر بكثرة آلة الحس التي بها يحفظ الشيء ويراعى من الاختلال والزيغ عن المبالغة في الحفظ، والرعاية على طريق التمثيل وقد سبق تحقيقه. ونزول العذاب مرفوع معطوف على أمرنا أو مجرور معطوف على الركوب في السفينة. والتنور كانون الخبز ووجه الأرض! ومنبع الماء وقوله : ومحله أي محل التنور وباب كندة باب لذلك المسجد معروف وكندة علم لقبيلة. وعين وردة علم بقعة بالشام. وقيل : بالجزيرة كما مرّ في هود وفسر عليّ كرّم الله وجهه فار التنور بطلع الفجر فقيل معناه إنّ فوران التنور كان عند طلوع الفجر وفيه بعد وقيل هو مثل كحمى الوطيس. قوله :( فأدخل ( بهمزة قطع وسلك متعد هنا وأمتي الذكر والأنثى بمعنى طائفتيهما والإضافة بيانية. وقوله : واثنين تأكيد أي على هذه القراءة. وواحدين مزدوجين تفسير لزوجين إشارة إلى أنّ المراد فردان لا صنفان. قوله :( وأهل بيتك أو ومن آمن معك ) من قومك لا من آمن من أهلك والتفسير هو الثاني لذكرهم معهم في سورة هود والقرآن يفسر بعضه بعضاً والأهل كما يطلق
على العشيرة يطلق على أقة الإجابة وهو المراد بالثاني والاستثناء منقطع وإنما ذكر الثاني هنا ولم يذكره في سورة هود للزوم ترك المؤمنين هنا بخلافه ثمة للتصريح بهم فكان ينبغي الاقتصار عليه كما فعله بعض المتأخرين ولا يلزمه الجمع بين معنيي المشترك كما توهم وكونه تفسيراً بما لا يحتمله اللفظ لا يجدي نفعاً فلعله أدخل من آمن به في أهله وفي أهل بيته تغليبا بقرينة ما بعده ولعلمه من التصريح به ثمة، وضمير منهم لأهله بمعنييه لا لقومه كما قيل إذ هو تكلف بلا فائدة فتدبر. قوله :( بإهلاكه للكفرة ( وفي نسخة الكفرة. وقوله : الذين ظلموا أقامه مقام الضمير للتنبيه على علة النهي كما أشار إليه بقوله لظلمهم بالإشراك. وقوله : بالدعاء لهم بالإنجاء قدره بقرينة ما بعده ولو عمم لصح ودخل فيه هذا بالطريق الأولى. وقوله لا محالة من التأكيدات. وقوله : إنهم مغرقون استئناف بيانيّ لتعليل