ج٦ص٣٣٥
للحلال وقوله فأجازيكم عليه لأنّ علم الله يذكر ويراد به الجزاء كما مرّ تحقيقه. قوله :( والمعلل به فاتقون الخ ) يعني أنه على قراءة الفتح والتشديد قبله لام تعليل جارة مقدرة فلما حذفت جرى فيه الخلاف المشهور وهذه اللام متعلقة باتقون والكلام في الفاء كالكلام في فاء قوله تعالى ﴿ فَإيَّايَ فَارْهَبُونِ ﴾ وهي للسببية أو للعطف على ما قبله وهو اعملوا والمعنى اتقوني لأنّ العقول متفقة على ربوبيتي والعقائد الحقة الموجبة للتقوى. وقوله أو واعلموا معطوف على قوله ولأنّ أو هو مفعول لأعلموا مقدر معطوف على اعملوا.
٥٨٧
قوله :( معطوف على ما تعملون ( والمعنى إني عليم بما تعملون وبأن هذه أمّتكم أمّة واحدة الخ فهو داخل في حيز المعلوم قيل إنه مرضه لعدم جزالة معناه وقوله على الاستئناف لأنه معطوف على جملة إني المستأنفة والمعطوف على المستأنف مستأنف لا لأنّ الواو ليست بعاطفة كما قيل وهذه إشارة إلى ما بعده أو إلى الملة وقوله بالتخفيف أي بفتح الهمزة وسكون النون مخففة من أنّ الثقيلة. قوله :( ملتكم الخ ( أصل معنى الأمّة جماعة تجتمع على أمر ديني أو غيره ثم أطلقت على ما يجتمعون عليه كما أشار إليه الزجاج بتفسيره بالطريقة والى المعنيين أشار المصنف رحمه الله والحال المذكورة مبينة لا مؤكدة وهي من الخبر والعامل معنى الإشارة وخطاب أفتكم للرسل عليهم الصلاة والسلام أو عامّ وقوله فاتقون قيل إنه اختير على قوله فاعبدون الواقع في سورة الأنبياء لأنه أبلغ في التخويف لذكره بعد إهلاك الأمم بخلاف ما ثمة وهذا بناء على أنه تذييل للقصص السابقة أو لقصة عيسى عليه الصلاة والسلام لا ابتداء كلام فإنه حينئذ لا يفيده إلا أن يراد أنه وقع في الحكاية لهذه المناسبة كما قيل. قوله :( في شق العصا ومخالفة الكلمة ) شق العصا العصيان ومخالفة الكلمة مفارقة الدين والجماعة أو هو عطف تفسيري واتحاد الملة سبب لإبقائه وكذا علم الله به فلا ركاكة فيه معنى. قوله :( فتقطعوا أمرهم ( يعني أنّ تقطع بمعنى قطع كتقدم بمعنى قدم متعد وفي نسخة فتقطعوا أي تقسموا وقوله جعلوه أديانا تفسير له والمراد بأمرهم أمر دينهم أمّا على تقدير مضاف أو على جعل الإضافة عهدية فالأمر هو الديني وهذا جار على تفسيري الأمّة وليس ناظراً إلى تفسير الأمّة بالملة كما قيل وقوله فتفزقوا على طريق المجاز وجعل التفعل لازما وليس ناظراً إلى تفسير الأمّة بالجماعة وعلى هذا أمرهم منصوب بنزع الخافض أي في أمرهم أو التمييز عند من أجاز تعريفه وهم الكوفيون. قوله :( والضمير لما دل عليه الآمّة ( إن كانت بمعنى الملة أولها إن كانت بمعنى جماعة الناس أو بمعنى الملة على الاستخدام ولا يتعين هذا على الثاني كما توهم فتأمّل ولم يجعله للمخاطبين التفاتاً لأنهم أنبياء ولا يصح إسناد التقطع إليهم بالمعنى المذكور بخلاف ما في سورة الأنبياء ولا إلى الناس كما قيل. قوله :( قطعاً جمع زيور الذي بمعنى الفرقة ( بضمتين بمعنى قطعاً جمع زبور بمعنى فرتة قال الراغب قوله فتقطعوا أمرهم بينهم زبراً أي صاروا فيه أحزابا وهو مروفي عن الحسن وذكره في القاموس وقوله ويؤيده أي كونه بمعنى قطعا وفرقا
القراءة بضم الزاي وفتح الباء فإنه مشهور ثابت في جمع زبرة بمعنى قطعة وإنما غير المشهور فيه زبور فما قيل إنه رد للزمخشري في جزمه بكون زبرا بضمتين جمع زبور بمعنى الكتاب لا غير إلا أن هذا إنما يتم إذا ثبت ما ذكره عن أئمة اللغة لا وجه لما سمعته وقوله حال من أمرهم أو من الواو أو مفعول ثان على التفسيرين. قوله :( وقيل كتبا ( جمع زبور وزبرت بمعنى كتبت وزبور فعول بمعنى مفعول كرسول وقوله مفعولاً ثانياً لتقطعوا المتعذي بمعنى الجعل أو حال على لزومه وقيك إنها حال مقدرة أو بنزع الخافض أي في كتب ومرضه لما فيه من الخفاء لاحتياجه إلى التأويل بأن يراد فرقوها في كتب كتبوها أو يراد بالكتب الأديان أو يقدر مضاف أي مثل الكتب السماوية عندهم أو في اختلافهما فتأمل وقوله من المتحزبين أي المجتمعين لا المنقطعين وقوله معجبون بيان للمراد منه وأصل معناه السرور وانشراح الصدر. قوله :( شبهها بالماء الذي يغمر الخ ( لما ذكر توزعهم واقتسامهم ما كان يجب الاتفاق عليه وفرحهم بباطلهم قال لنبيه ﷺ دعهم في جهلهم تخلية وخذلانا لعدم فائدة القول لهم وسلاه بالغاية وعلى الثاني لما ذكر فرحهم بالغفلة والغرور جعلهم لاعبين


الصفحة التالية
Icon