ج٦ص٣٣٩
وثمة الأقربون لعدم توصيفهم فيها فالمراد بالآباء على هذا الكفرة والاستفهام تقريريّ لا إنكاريّ كما توهم. قوله :( او من الأمن من عذاب الله ) أي لهم من الأمن من عذاب الله وخوفه
ما ليس لآبائهم الأوّلين والمراد المؤمنون منهم كما صرّج به المصنف وفي الآية المتلوّة آنفا الكفرة وتوصيفهم بالأوّلين لإخراجهم لا للتأكيد كما في الوجه السابق والاستفهام إمّا إنكارفي أو تقريريّ فتأمّل وأعقابه من بعد. من أولاده كعدنان ومضر فإنّ الكفر حدث بعدهم كما يعلم من كتب الآثار وأخره لأنّ إسناد المجيء إليه غير ظاهر ظهوره في الأوّل. قوله :( بالآمانة والصدق ) إشارة إلى أنّ الاستفهام إنكارفي لأنهم عرفوه بما ذكر فأم للإضراب عما قبله مع الإنكار. قوله :( فهم له منكرون ) الفاء فيه سببية لتسبب الإنكار عن عدم المعرفة فهو داخل في حيز الإنكار وماك! المعنى هم عرفوه بما ذكر فكيف ينكرونه والضمير للرسول ﷺ واللام فيه للتقوية وتقديمه للتخصيص أو الفاصلة وهو على تقدير مضاف أي منكرون لدعواه وهي الرسالة من الله مع قيام البرهان الشاهد على خلافه مما ذكر واليه أشار بقوله دعواه لأنه لا يمكن إنكار ذاته وهو فيهم. قوله :( لأحد هذه الوجوه ) المذكورة تعليل للإنكار بوجوه مذكورة في قوله أفلم يدبروا إلى هنا فإنها وجوه للإنكار ترتب عليها لا وجه له أي للإنكار غيرها إذ إنكار ما جاء به القرآن الدال على مدعي الرسالة من الله إمّا من عدم تدبره والنظر في مدلوله ووجوه إعجازه أو لكونه لم يسبق مثله حتى سمعوه هم وآباؤهم أو لكون من أتى به معروفا بصفات تنافي مدّعاه كعدم علمه وصدقه وقد بين هذا بقوله فإنّ إنكار الشيء الخ وقوله بحسب النوع ناظر إلى قوله أم جاءهم ما لم يأت آباءهم الأوّلين وقوله أو الشخص ناظر إلى قوله أفلم يدبروا القول وأقصى ما يمكن فاعل يدل وهو إشارة إلى التدبر لأنه النظر في أدبار الأمور وعواقبها وغاياتها وقوله : قطعا راجع إلى الامتناع بحسب النوع أو الشخص وظناً راجع للبحث وقوله فلم يوجد أي ما يدل على امتناعه فلا وج! لإشكاره هذا تحقيق كلامه وتوضيح مرامه ولأرباب الحواشي هنا كلام يتعجب منه أفلم يدئروا القول ولولا خوف الإطالة لأوردنإه مع بيان ماله وعليه. قوله :( أم يقولون به جنة ) إضراب انتقاليّ عما قبله فلذا قاد فلا يبالون لأنّ ما قبله ناشئ من التقليد والمبالاة وقوله وكانوا الخ إشارة إلى أنه ناشئ من حيرتهم في عنادهم لا عن سبب وأثقب استعارة من الثقب بمعنى التنفيذ أو التنوير والمراد أشدهم وأسدّهم نظرا. قوله تعالى :( ﴿ وَأَكْثَرُهُمْ لِلْحَقِّ كَارِهُونَ ﴾ ) ظاهر كلام المصنف رحمه الله أنه عين الحق الأوّل على قاعدة إعادة المعرفة وأظهر في مقام الإضمار لأنه أظهر في الذمّ والضمير ربما يتوهم عوده للرسول، وقيل : اللام في الأوّل للعهد وفي الثاني للاستغراق أو للجنس أي كثرهم للحق أيّ حق كان لا لهذا الحق فقط
كما ينبئ عته الإظهار وتخصيص أكثرهم بهذا لا يقتضي إلا عدم كراهة الباقين لكل حق وهو لا ينافي كراهتهم لهذا الحق والتعرّض لعدم كراهة بعضهم للحق مع اتفاق الكل على الكفر به لا يساعده المقام وهو وجه آخر مناسب للتذييل لكن ما ردّ به على المصنف غير متجه كيف وهو المناسب للواقع بخلاف ما ذكره فإنه ليس أكثرهم يكره الحق مطلقا وعدم الكراهة من وجه لا ينافي الكفر كما مرّ. قوله :( لآنه يخالف شهواتهم ) بيان لسبب كراهته وقوله فلذلك أي لمخالفة طبائعهم الفاسدة أو لكراهته وقوله : وإنما قيد الحكم بالأكثر الخ ويجوز أن يكون الضمير للناس لا لقريش كقوله وما أكثر النار ولو حرصت بمؤمنين ومن المستنكمين أبو طالب ومن قلت فطنته البله منهم والرعاع وقوله لا كراهة للحق من حيث هو حق فلا وجه لما قيل إن من أحب شيئاً كره ضده فإذا أحبوا البقاء على الكفر فقد كرهوا الانتقال إلى الإيمان ضرورة وحمل الأكثر على الكل بعيد. قوله :( بأن كان ني الواقع آلهة شتى ( فالمراد بالحق ما يطابق الواقع خلاف الباطل لا الله خالى!الفته وان صح واتباعه موافقته لأهوائهم وعقائدهم الفاسدة فليس بحقيقه كما توهم إذ ليس حقيقة الاتباع الموافقة وان لزمته كما لا يخفى وقوله وقيل لو اتبع الخ فالمراد بالحقي أيضاً ما مرّ والفرق بينه وبين ما قبله أنّ المعنى فيه لو كان الواقع مطابقا لأهوائهم ابتداء وفي هذا لو كان موافقاً بعد مخالفته كما أشار إليه بقوله


الصفحة التالية
Icon