ج٦ص٣٤١
ولذا قيل إنّ معناه لعادوا إلى اللجاج وقوله في الكفر مأخوذ مما سبق والعمه الحيرة وعمى البصيرة. قوله :( العلهز ) بكسر العين والهاء وبينهما لام ساكنة وفي الفائق هو دم كان يخلط بوبر ويعالج بالنار وقيل كان فيه قراد والقراد الضخم يقال له علهز وقيل هو شيء كأصل البردى أي القصب وقيل دم القراد مع الصوف كأنهم ركبوه من العل وهو القراد واللهز وهو الدق. قوله :( أنشدك اللّه والرحم ) مضارع نشد ينشد بمعنى سأل أي أسألك بالله والله منصوب بنزع الخافض وهو قسم استعطافي وقوله تزعم لغلوّه في الكفر قبل إسلامه وقوله قتلت الخ يعني فكيف تكون رحمة فنزلت هذه الآية جواباً له بأنه يكتب رحمته لن يستحقها وهم لعنادهم لا يرحمون وقوله : فما
استكانوا الخ أي ما خضعوا ولا تضرّعوا بعده وقوله أقاموا ليس فيه ترجيح لكونه من الكون كما قيل وقوله : يعني القتل يوم بدر يدلّ على أنّ هذه الآيات من قوله حتى إذا أخذنا مترفيهم مدنية وأمّا كونه إخبارا عن المستقبل بالماضي فبعيد. قوله :( واستكان ) هو بمعنى ذل وخضع بلا خلاف فمعنى استكانو! انتقلوا من كون العمه والتحير إلى كون الخضوع وإنما الخلاف في وزنه هل هو استفعل من الكون أي انتقل من كون إلى كون كاستحال إذا انتقل من حال إلى حال كما في الكشاف وأورد عليه أنه كان عليه أن يمثل باستحجر الطين واستنوق الجمل وأمّا تمثيله باستحال للدلالة على التحوّل فوهم لأنه ليس إفادته للتحوّل من صيغة الاستفعال بل من مادّته كما في تحوّل وحال فاستفعل فيه بمعنى فعل وهو أحد أقسامه وأن استكان وان أفاد انتقاله من كون إلى كون فليس حمله على أنه انتقال من كبر إلى خضوع بأولى من عكسه فلو كان من الكون كان مجملاَ وأجيب بأنها بحسب الوضمع لكن العرف والاستعمال خصها بأحد الاحتمالين بالغلبة فيه وقال جدي إنها من قول العرب كنت لك إذا خضعت وهي لغة هذيلية كما ذكره أبو عبيد في الغريبين وهو أحسن الوجوه وأسلمها فاستفعل فيه بمعنى فعل كقرّ واستقرّ ولا يجوز كون استفعل فيه للمبالغة لأنّ نفي الأبلغ لا يقتضي نفي أصله وهو المراد وقيل إنه من الكين أي لحمة الفرج لذلته وردّ ما أورده أوّلاً في الكشف بان الحول والاستحالة وإن اتحدا في التغير إلا أنّ بينهما فرقا معنى واشتقاقا فالأوّل يلاحظ فيه معنى الانتقال وسبق حالة أخرى وإنما التغير فيه بمرور الحول المبلى لكل جدّة أو بالحول بمعنى الحركة والاستحالة تبذل! من حال إلى حال البتة وما قيل من أنه يدلّ لما في الانتصاف قول الأساس حال الشيء واستحال تغير وحال عن مكانه تحوّل إلا أنه يرد عليه أنه لا مانع من اعتبار كون استفعل من الحول للتحوّل والانتقال فيصح ذكره بهذا الاعتبار للمثال وعلى هذا ينبغي حمل كلام الكشف فلا يمنع قوله يلاحظ فيه معنى الانتقال كلام ناشئ من عدم الفهم. واعلم أنّ قوله في الانتصاف جدي المراد به ابن فارس كما صرّح به وكان رحمه الله دخل بغداد في زمن الناصر فجمعه بالعلماء وسألوه عما ذكر. قوله :( أو افتعل من السكون الخ ) اعتر ضعليه بامرين أحدهما أنّ الإشباع كمنتزاج في منتزج مخصوص بضرورة الشعر وبانه لم يعهد أنه يكون في جميع تصاريف الكلمة واستكان كذلك جميع تصاريفه فهو يدلّ على أنه ليس كذلك. قوله :( وليس من عا تهم ) معطوف على أقاموا على عتوّهم والأوّل تفسير لاستكانوا وهذا تفسير لقوله وما يتضرّعون والمعنى إنا محناهم بالعذاب الواقع بهم فلم يفد وضمنه الإشارة إلى وجه التعبير في الاستكانة بالماضي وفي التضرّع بالمضارع وأشار بقوله أقاموا الخ إلى أنه يفيد دوام النفي أيضا لأنه إذا لم يعقب المحنة استكانة لم تقع منهم أبدا فأريد به الإقامة على العتوّ بطريق الكناية فليس فيه إشارة إلى ترجيح
كونه من الكون كما توهم وقوله وليس من عادتهم التضرّع إشارة إلى أن العدول إلى المضارع للدلالة على الاستمرار وإذا نفى تضرّعهم المستمر ربما يتوهم ثبوته أحيانا فجعله لاستمرار النفي لا لنفي الاستمرار ولو حمل على ظاهره لقوله إذا هم يجأرون سابقاً كان له وجه لكن التضرّع يستعمل فيما إذا كان عن صميم القلب لا باللسان فقط ولذا عبر عن استغاثتهم أولاً بالجؤار الذي هو من أصوات الحيوان فلا منافاة بينهما كما توهم أو المراد نفيه بعده وذاك في أثنائه فسقط السؤال وما قيل إنه لبيان حال المقتولين وهذا لبيان


الصفحة التالية
Icon