ج٦ص٣٥٥
في رجوليته وكذا المخاطبون هنا مقطرع بإيمانهم لكن قصد تهييجهم وتحريك حميتهم وعزتهم لله فلا يتوهم أنه ليس المحل محل إن لأنه لبس المقصود به الشك بل التهييج لإبرازه في معرضه.
قوله :( والطائفة الخ ) قيل هذا مخالف لما مرّ في سورة التوبة وتحقيق المقام على وجه تندفع به الأوهام إنّ الطواف في الأصل الدوران أو الإحاطة كالطواف بالبيت والطاثفة في الأصل اسم فاعل مؤنث فهو إمّا صفة نفس فتطلق على الواحد أو صفة جماعة فتطلق على ما فوقه وهو كالمشترك بين تلك المعاني فيحمل في كل مقام على ما يناسبه بحسب القرائن فلا تنافي بينها، قال الراغب : الطائفة من الناس جماعة منهم ومن الشيء قطعة، وقال بعضهم : قد تقع على واحد فصاعدا فهي إذا أريد بها الجمع جمع طائفة دماذا أريد بها الواحد يصح أن تكون جمعاً كني به عن الواحد ويصح أن تكون كراوية وعلامة انتهى وفي حواشي العضد للهروي يصح أن يقال للواحد طائفة وبراد بها النفس الطائفة فهو من الطواف بمعنى الدوران وفي شرح البخاريّ حمل الشافعي الطائفة في مواضع من القرآن على أوجه مختلفة بحسب المواضعفهي في قوله تعالى :﴿ فَلَوْلاَ نَفَرَ مِن كُلِّ فِرْقَةٍ مِّنْهُمْ طَآئِفَةٌ ﴾ [ سورة التربة، الآية : ١٢٢ ] واحد فأكثر واحتج به على قبول خبر الواحد وفي قوله : وليشهد عذابهما طائفة أربعة وفي قوله : فلتقم طائفة منهم معك ثلاثة وفرقوا في هذه المواضع بحسب القرائن أمّا في الأولى فلأنّ الإنذار يحصل به وأمّا في الثانية فلأنّ التشنيع فيه أشد وأمّ في الثالثة فلذكرهم بلفظ الجمع في قوله : فليأخذوا أسلحتهم وأقله ثلاثة وكونها مشتقة من الطواف لا ينافيه لأنه يكون بمعنى الدوران أو هو الأصل وقد لا ينظر إليه بعد الغلبة فلذا قيلى إنّ تاءها للنقل فلها معان وفيها اختلاف فلا يرد الاعتراض على المصنف رحمه الله ولا يصح إطلاق القول بأنّ إطلاقها على الواحد لا أصل له في اللغة. قوله تعالى :﴿ لَا يَنكِحُ إلَّا زَانِيَةً ﴾ الخ جوّز فيه أن يكون معناه ما في الحديث من أنّ من زنى تزني امرأته ومن زنت امرأته يزني زوجها. قوله :( وكان حق المقابلة الخ ( وفي نسخة العبارة وتنكح قيل إنه بصيغة المجهول وكان الظاهر أن يقول لا تنكح إلا زانيا على البناء للفاعل لكنه ساق الكلام على مذهبه من أق النساء لا حق لهن في مباشرة العقد وفيه إنه وان قال بأنه لا يصح عقدهن مطلقا لحديث لا نكاج إلا بوليّ لكن إسناد النكاح والتزوّج إلى كل
منهما صحيح عنده وقد صرّح به في تفسير قوله تعالى ﴿ حَتَّىَ تَنكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ ﴾ ولك أن تقول إنه هنا مبنيّ للفاعل بتضمينه معنى تقبل النكاح منه وإنما اختاره إشارة إلى مذهبه وهو المناسب لمقابله ولو كان مجهولاً وفاعله المقدّر الوليّ عاد الذم إليه وليس بمراد. قوله :( نزلت في ضعفة المهاجرين الخ ) المراد بالضعفة جمع ضعبف الفقراء ولما بالفتح والتشديد أو الكسر والتخفيف ويكرين بضم الياء وسكون الكاف من الإكراء يقال أكريت واكتريت واستكريت ولينفقن متعلق بقوله يتزوّجوا لا بيكرين أوهموا لأنّ الصحابة رضي الله عنهم أورع من أن يصدر مثله عنهم والوارد في كتب ا- لحديث كما رواه ابن أبي شيبة عن ابن جبير أنه قال كن بغايا بمكة قبل الإسلام فلما جاء الإسلام أراد رجال من أهل الإسلام أن يتزوّجوهن فحرّم ذلك رسول الله ﷺ ذكره العراقي وابن حجر فينبغي تنزيل ما هنا عليه لكن الظاهر منه أنّ الآية مكية. قوله :( ولذلك قدّم الزاني ) أي لكون المراد بيان ما نزلت له من أحوال الرجال! وتقديم الزانية أولاً لما مرّ. وفي الكشاف أنه لأنّ الآية مسوقة لذكر النكاح والرجل أصل فيه وقوله لسوء القالة هي كما قاله الراغب كل قوله فيه طعن فعطف الطعن للتفسير وقيل هي ما تيسر من القول وقال الخليل القالة تكون بمعنى القائلة، وفي نسخة المقالة وهو مصدر ميمي بمعنى القول. وقوله عبر عن التنزيه بالتحريم على أنه بالمعنى اللغوي وهو المنع مطلقاً ولو تنزيهاً أو المراد معناه المعروف على التشبيه البليغ أو الاستعارة وهو جواب عن أنه غير حرام ولو ممن زنى. قوله :) وقيل النفي ) في قوله لا تنكح فهو خبر بمعنى الطلب كيرحمه الله وعلى الأوّل هو باق على حقيقته وإنما أبقى الحرمة على ظاهرها لأنّ حمله على التنزيهيئ تأويل وجعله خبراً بمعنى النهي تأويل آخر فهو تكلف أمّا على الخبرية فلا بأس به، وقوله مخصوص بالسبب وهو النكاح للتوسع بالنفقة من كرائهن، وهو مراد الطيبي إذ فسره بنكاج الموسرات


الصفحة التالية
Icon