ج٦ص٣٥٩
وهو خلاف مذهب الشافعيّ وأيضا اللازم عدم أقتضاء الشرع مجموع هذه الأمور وهو متحقق بنفي الفسق فقط والردّ متيقن فلا يزول بالشك وهذ هو المناسب لمذهب أبي حنيفة رحمه الله بخلاف ما ذكره ذلك القائل فتدبر وقوله ومحل المستثنى الخ لأنه من كلام تامّ موجب. قوله :( وقيل إلى النهي الخ ) ذكر. ابن الحاجب في أماليه حيث قال إنه لا يرجع إلى الكل أما الجلد فبالاتفاق وأمّا قوله وأولئك هم الفاسقون فلأنه إنما جيء به لتقرير منع الشهادة فلم يبق إلا الجملة الثانية وأورد عليه أنه إن أراد بالتقرير التأكيد فهو مانع للعطف وأن أراد التعليل فهو بالفاء وهو غير وارد لأنّ مراده أنّ ذلك معلوم منه بقرينة السياق كما تقول ضربت زيداً وهو مهين لي يفهم منه أنّ ضربه للإهانة فلا ينافي كونه للتقرير والتعليل فتدبر. قوله :( قيل إلى الأخيرة الخ ( هذ بناء على أنّ مذهب أبي حنيف رحمه الله أنّ الاستثناء لا يرجع إلى جميع السوابق بدليل أنه لا يرجع إلى الجلد اتفاقاً وذهب الزمخشريّ إلى أنّ بناء الخلاف ليس على هذا بل على أن قوله وأولئك هم الفاسقون جملة منقطعة عن الأوّلين عند أبي حنيفة فيتعلق الاستثناء بها لا محالة ومسألة الاستثناء بعد متعدّد مقترن بالواو اختلف فيها الأصوليون فقال الشافعيّ يعود للجميع وقالت الحنفية للأخيرة وقال الغزاليّ والقاضي بالوقف والمرتضى بالاشتراك وأبو الحسين إن تبين الإضراب عن الأولى فللأخيرة مثل أن يختلفا نوعا أو اسماً وليس الثاني ضميره أو حكما غير مشترك في غرض والا فللجميع والمختار عند ابن الحاجب أنه إن ظهر الانقطاع فللأخيرة أو الاتصال فللجميع والا فالوقف وفي التلويح وشرح العضد أنه لا خلاف في جواز كل وإنما الخلاف في الأظهر منها واختلفوا في اشتراط التعاطف بالواو وعدمه هذا محصل كلامهم في
هذه المسألة وأمّا النحاة فقل من تعرّض لها منهم والذي ذكره ابن مالك في التسهيل أنّ الظاهر في المفردات عوده إلى الجميع ما لم يمنع مانع أو يظهر مرجح وأمّا الجمل فإن اتحل! معمولها فكذلك هالا فلا يجوز وفي شرح اللمع أنه يختص بالأخيرة وأنّ تعليقه بالجميع خطأ للزوم تعدد العامل في معمول واحد إلا على القول بأن العامل إلا أو تمام الكلام قبله ومنه يعلم ما في قوله الأصوليين أنه يجوز الجميع بلا خلاف وإنما الخلاف في الأظهر لأنّ الخلاف فيه مبنيّ على عامل الاستثناء فالظاهر أنّ الخلاف في صحته إلا ان يقال نظر الأصولي غير نظر النحوي أو أنه يقدر معمولاً لأحدها وبقدر مثله للآخر وكذا إذا اقتضى الاستثناء الإتباع وتعدّد إعراب المستثنى منه وما نقل عن البحر أنّ ابن مالك رحمه اللّه استثنى من ذلك ما إذا اختلف العامل والمعمول كقولك إكس الفقراء وأطعم أبناء السبيل إلا من كان مبتدعاً ففي هذه المسألة يعود إلى الأخير خاصة فتحصل منه أنّ ما قاله أبو حنيفة رحمه الله مختار أهل العربية فيه نظر فتأمّله فإنه كلام غير محزر. قوله :) وقيل منقطع الخ ) اختلف في الاستثناء في هذه الآية هل هو متصل لأنّ المستثنى منه في الحقيقة الذين يرمون والتائبون من جملتهم لكنهم مخرجون من الحكم وهذا شأن المتصل كما تقول قام القوم إلا زيداً فزيد داخل في القوم غير متصف بالقيام وجعله فخر الإسلام ومن تبعه منقطعاً لأنه لم يقصد إخراجه من الحكم السابق بل إثبات حكم آخر له وهو أنّ التائب لا يبقى فاسقا ولأنه غير داخل في صدر الكلام لأنه غير فاسق وفيه تفصيل في الأصول هالى دليل فخر الإسلام أشار المصنف بقوله متصل بما بعده مع ما بين قوله المنقطع والمتصل من الطباق البديعي. قوله :( علة للاستثناء ( أي لما تضمنه الاستثناء من التوبة وكأنه إشارة إلى ردّ ما في الكشاف من أنّ الاستثناء من الفاسقين لا من غيره لأنه لا يناسبه قوله فإنّ اللّه غفور رحيم بأنه ختم به تعليلاللاستثناء مع قطع النظر عن المستثنى منه مع أنه قال بعد هذا وظاهرها أن تكون الجمل الثلاث بمجموعها جراء الشرط كأنه قيل من قذف المحصنات فاجلوهم وردّوا شهادتهم وفسقوهم أي فاجمعوا لهم الجلد والردّ والتفسيق إلا الذين تابوا عن القذف وأصلحوا فإنّ اللّه يغفر لهم فينقلبون غير مجلودين ولا مردودين ولا مفسقين وهو يقتضي أنّ الأوّل غير مرضى له. وأجاب الطيبي بأنّ العذاب إمّا بالإيلام وامّا بالتذليل فإذا تاب وقبلت توبته رفع الله عنه العذاب بنوعيه فيناسب الختام والمبدأ. قوله :( نزلت في هلال الخ ( تمام الحديث أنه


الصفحة التالية
Icon