ج٦ص٣٧٩
فهو مجاز مرسل من إطلاق ا ا " نر على مؤثره كما يطلق المسبب على سببه ولم يجعله من المبالغة لأنه لا يحسن هنا جعله نفس الكيفية إدّعاء ولا يصح. كما أشابى- إليه في قوله : بالكواكب الخ قيل : هو لف ونشر فتنوير السماء بالكواكب والأرض يما يفيض عنها وكذا قوله : بالملائكة والأنيياء عليهم الصلاة والسلام لكن التنوير على هذا عقليّ لا حسيّ وفيه نظر. قوله :( أو مدبرهما ) معطوف على قوله منوّر السموات فيكون مجازا واستعارة وأورد عليه أنه ذكر فيه طرفا التشبيه وهما الله والنور فهو تشبيه بليغ لا استعارة على الأصح إلا أن يكون على قول ضعيف أو يعطف على قوله تجوّز والجوإب عنه أنّ ذكرهما إنما ينافيها إذا ذكر على وجه ينبىء عن أنه مشبه وكان هو المشبه بعينه كما أشار إليه في مواضمع من الكشاف وصرّح به أهل المعاني كما سنرا. في سورة الدخان وهنا لم يشبه إلله بالنور بل المدبر به وذكر جزئي يصدق عليه المشبه أو كليّ يشمله لا ينافي ذلك واليه أشار من قال : يمكن أن يقال : إنه استعارة تبعية استعير للتدبير بعلاقة المشابهة في حصول الاهتداء ثم اشتق منه المنور بمعنى المدبر. وقوله : من قولهم بيان لتصحيح الاسنعارة حيث يفهم منه جواز إطلاق النور على التدبير في قوله : على تجوز دلالة على هذا إلا أنه خبط فيه خبط عشواء لأنّ النور مصدر فلا معنى لجعل الاستعارة فيه تبعية ولا حاجة إليه بعدما سمعته وقد مرّ تفصيله في سورة يوسف وعذا جار في قوله أو موجدهما. قوله :( فإنّ النور ظاهر الخ ) كذا في المواقف حيث ذكر إنه من أسماء الله وكذا قال الغزالي : فإن فهمت فهو نور على نور فيكون أطلق عليه تعالى مجازا مرسلا باعتبار لازم معناه وهو ظهوره في نفسه واظهاره لغيره وأريد بالظهور فرده الكامل وهو ما كان من كتم العدم إلى الوجود لتبادره واليه أشار بقوله : وأصله الوجود. وقيل : هو استعارة وقوله : ظاهر الخ بين لوجه الشبه فالمستعار له الواجب الوجود الموجد لما سماه لا الوجود كما توهم والم! نتعار منه الظاهر بنفسه المظهر لما سواه لكن قوله : وأصل الظهور الخ لا يناسبه فإنّ الأصالة ينبغي أن تكون في المشبه به وان كانت الأعرفية كافية فيه كما هنا والمراد بكونه أصلاً إنه أقوى أفراده أو أنه مترتب عليه في الأكثر فتامّل. قوله :( أو الذي به يدرك الخ ) الظاهر أنه معطوف على قوله : منوّرهما وهو مجاز لا على قوله : تجوّز حتى يكون حقيقة ولا على قوله كيفية كما قيل لبعده واباء ما بعده عنه والنور يدرك بواسطته المعالم فتجوّز به عن مفيض الإدراك ومعطيه لأنه يفيض على الإنسان ما علم وهو قريب من معنى الهادي. كما أشار إليه فهو مجاز مرسل أو استعارة لا تشبيه بليغ كما عرفت ويدرك الأوّل معلوم والثاني مجهول وهما
تنازعا قوله أهلهما أي السموات والأرض. يعني أنه أطلق عليه تعالى مجازاً لإطلاقه على قوّة البصر والبصيرة إطلاقا شائعا حقيقة أو بمنزلتها لتجوّز به عن معطي ذلك لأنه سببه أو مشابهه ولذا قال : وهو الله وفيما ذكره المحشي هنا خلل يعلم مما مرّ. قوله :( لتعلقها به ( يشير إلى ما في البصر من الخلاف هل هو بشعاع نوراني فيتعلق البصر بالنور أو بالانطباع أو بمجرد خلق الله فيكون مثابها أو متوقفا عليه على وجهي التجوّز كما مرّ وهما وجهان لإطلاق النور على الباصرة. وقوله : من حيث بيان لإطلاق النور عليه تعالى. وقيل : معنى قوله لتعلقها به أنّ أبصارها بسببه فهو مجاز مرسل. وقوله : عليه أي على كل منهما لا على النور فتأمّل. قوله :( ثم على البصيرة لأنها أقوى ) فهي أحق بإطلاق النور عليها من الباصرة فإن قلت قوله ثم يقتضي أنها دونها وقوله أقوى يخالفه قلت هما باعتبارين فإنّ إطلاق النور على البصر أشهر وأظهر والبصيرة مستمدة من الحواس الظاهرة غالباً فهي في المرتبة الثانية بهذا الاعتبار وباعتبار أنّ مدركاتها أكثر أقوى ورب فرع قلق أصله فهي تدرك المعدومات ونفسها بخلاف الباصرة. وقوله : الموجودات والمعدومات بدل أو صفة للكليات والجزئيات لتعميم إدراكها وقوله : تغوص في بواطنها أي تدرك ما خفي وتركب منها وهذا بيان للإدراكات العقلية التي لا تدركها الباصرة إجمالا. وقوله : تتصرف فيها أي في بواطنها أو في المدركات قيل وهو أولى. قوله :( ثم إنّ هذه الإدراكات الخ ) إشارة إلى العلاقة بين المدرك المسمى نورا وبين الباري تقدس وتعالى بل كونه أحق به والمراد من الإدراكات إدراك البصر والبصيرة