ج٦ص٣٨٣
وان لم يقرأ أو شجرة النبوّة والظاهر على هذا أنه تشبيه مفرّق وقيل إنه مركب كالأول والفرق بينهما في أصل المعنى لا في طريق التشبيه. واضافة النور إليه تعالى باعتبار السببية. قوله :( أو تمثيل لما منح الله الخ ) فهو تشبيه مفرّق وهذا مبنيّ على كلام الحكماء ولذا قال الطيبي رحمه الله : إنّ المقام ينبو عنه فتركه أولى من ذكره. وقوله : وهي الحساسة أي القوّة الحساسة والمراد بها الحس! المشترك فإنّ الحواس الظاهر كالجاسوس لها واليها يتأدّى ما يدرك كما أشار إليه المصنف وهي في مقدم البطن الأول من الدماغ وهذا شروع في بيان الحواس الباطنية التي
سمتها الأطباء نفسانية. والقوّة الخيالية هي التي تتخيل صور المحسوسات بعد غيبتها وتحفظها. وقوله : بالحواس الخمس أراد بها الحواس الظاهرة لأنها جواسيسها كما مرّ ومن لم يقف على مراده اي ض عليه بأنه لا يصح أن يقال تدرك المحسوسات بالحواس الخمس بل يقال : أعني الحواس الخمس. فإن تلت : فحينثذ كان حق النظم كمشكاة وزجاجة ومصباح الخ حتى يفيد تشبيه كل واحد بكل واحد قلت لما كان كل من هذه الحواس يأخذ ما يدركه مما قبله كما يؤخذ المظروف من ظرفه أشار إلى ذلك بأداة الظرفية دلالة على بديع صنعه وحكمته. وقوله بالأشياء الخمسة متعلق بتمثيل على اللف والنشر. وقوله : فإنّ الحاسة في نسخة بدله الحساسة. قوله :( لأنّ محالها الكوي ) في نسخة كالكوي جمع كوّة بفتح الكاف وضمها وقد مرّ بيانه والكوي يكسر مع المد والقصر ويضم مقصوراً ومحالها جمع محل وفي نسخة محلها وض! مير محالها ووجهها للحاسة والمراد بيان وجه السبب لتجويفها وتوجهها لظاهر البيت لا لما خلفه لتوجهها للحواس الظاهرة وكونها في مقدم الدماغ وما قيل من أنّ الظاهر أن يقول لأنها كالكوّة ووجهها إلى الظاهر فإنه يوهم أنّ المقصود تشبيه محلها لأنفسها بالمشكاة والقول بأنّ لفظ المحل مقحم وجمع لتعدد المواد تكلف ما لا يوافق مأخذ كلامه لا وجه له فإنه تكلف فيه واقحام لفظ المحل وان صح لكنه لا يرتضيه من وقف على مراده فتدبر. قوله :( في قبول صور المدركات ) وحفظها لها كالزجاجة القابلة للأشعة المنعكسة وضبطها للأنوار ولحفظها المدركات الحس المشترك وقوله : كالشجرة هو أوفق مما في بعضها بالشجرة والزيتونة عطف على الشجرة. وقوله : لتأدّيها ولتجردها تعليل للتشبيه فهو متعلق بمتعلق الكاف أو بها لتأويلها بأشبه عند من جوّزها. قوله :( أو تمثيل للقؤة العقلية الخ ) وهو تشبيه مفرّق لا تمثيليّ كما قيل هذا زبدة ما في النمط الثالث من الإشارات وهو أنه إشارة إلى قوى النفس النظرية ومرتبتها من البداية إلى النهاية لأنها أمّ استعداد الكمال أو نفس الكمال والاستعداد إمّا ضعيف أو متوسط أو قوفي فالضعيف استعداده للمعقولات الأولى كالطفل للكتابة وهو العقل الهيولاني والمتوسط
استعداده للمعقولات الثانية بعد الأولى كالأمي لتعلم الكتابة وهو العقل بالملكة وحصول المعقولات الثانية إمّا بحركة من الذهنية وهو حصول بالفكر أو بحركة الذهن وهو حصول بالحدس ويدخل فيه التعلم. والاستعداد القوفي استعداد المعقولات الثانية بعد حصولها كاستعداد القادر على الكتاب وهو العقل بالفعل والكمال حصول المعقولات الثانية وهو العقل المستفاد والشيخ حمل مفردات التنزيل على هذه المراتب لكن لتلك المفردات ترتيب فيه حيث جعل الزجاجة في المشكاة والمصباح في الزجاجة. وتحقيقه كما في المحاكمات أنّ هناك استعدادا محضا واستعداد اكتساب واستعداد استحضار وحصول ولا شك أنّ استعداد الاكتساب بحسب الاستعداد المحض واستعداد الاستحضار بحسب استعداد الاكتساب فتكون الزجاجة وهي عبارة عن العقل بالملكة إنما هي في المشكاة وهي العقل الهيولاني والمصباح وهو العقل بالفعل في الزجاجة التي هي العقل بالملكة لأنه إنما يحصل باعتبار هو حصول العقل أولاً. والعقل بالملكة إنما يخرج بالقوّة إلى الفعل فالفكر والحدس والشجرة الزيتونة إشارة إلى الحدس ويكاد زيتها يضيء إشارة إلى القوّة القدسية فإن قلت هذا لا ينطبق على النظم لأنه وصف الشجرة بتلك الصفات وهذه أمور متباينة لا يجوز وصف أحدها بالآخر. قلت الشجرة الزيتونة شيء واحد. فإذا ترقت في أطوارها حصل لها زيت إذا ترقى وصفاً كاد يضيء وكذلك


الصفحة التالية
Icon