ج٦ص٤
الحرم فالأوّل على أنه حقيقة لغوية لأنه كله محل للسجود وحرام محترم ليس بحل، والثاني على أن المراد به معناه المتعارف وهو مجاز بعلاقة المجاورة الحسية والإحاطة، وقوله : ليطابق الخ توجيه للإطلاق المذكور وبيان لنكتة فيه وهو أنه لما كان المنتهى مسجداً عبر عن المبدأ به لتتم مناسبته له لا أنه سمي بذلك ليتطابقا فإن المبدأ ليس عين المسجد كالمنتهى كما توهم، وفسره بعضهم بما يتعجل منه مع ظهوره وهذا تعليل للعلة مع المعلل لبيان مرجح المجاز، فلا يلزم تعلق حرفي جز بمعنى بمتعلق واحد، وقوله : لما روي
الخ تعليل لقوله من الحرم، وأمّ هانئ بالهمز بنت أبي طالب الصحابية رضي الله عنها، وقوله : مثل لي الأنبياء عليهم الصلاة والسلام فصليت بهم مجهول من التمثيل وهو إظهار المثال والصورة فهو إفا روحاني أو بالبدن المثالي الذي أثبته الحكماء والصوفية والظاهر أنه بالبدن الحقيقي لأنهم عليهم الصلاة والسلام أحياء في قبورهم، وهو الذي يقتضيه قوله أنه ﷺ صلى بهم ولذا قيل إن مثل مخفف بوزن ظرف أي انتصب ولا حاجة إليه لأن المشدد بمعناه، قال الراغب في مفرداته : يقال مثل الشيء أي انتصب ومنه قوله عليه الصلاة والسلام :" من أحب أن يتمثل له الناس قياماً " وقد ذكر في الحديث أنه ﷺ دخل بيت المقدس ووجد فيه نفراً من الأنبياء عليهم الصلاة والسلام فصلى بهم وفي حديث عند الترمذي كما في الروض الأنف أنه أنكر أن يكون ﷺ صلى بهم وقال : ما زايل ظهر البراق حتى رأى ما رأى والمثبت مقدم على النافي، وقوله استحالة مفعول له لقوله : تعجبوا وفي نسخة واستحالوه أي عدوه محالاً، وقوله : فتعجبوا منه أي من إخباره بمثله من المحال إذ ليس له تحقق عندهم حتى يتعجب منه، وسعى بمعنى مضى وأسرع أو من السعاية وهي نقل الخبر على وجه الإفساد وإنما سعوا إليه رجاء أن يرجع عما هو عليه. قوله :( فسمي الصدّيق الخ ) الصذيق صيغة مبالغة كسكيت فإن كانت من الصدق لأن المعروف أخذها من الثلاثي فالمراد شدة صدقه فيما أجابهم به وان كانت من التصديق على خلاف القياس فالمراد كثرة تصديقه له، أو هو من الصداقة، واستنعته أي طلب منه نعته، وقوله : بيت المقدس بالإضافة بوزن مجلس اسم مكان أو مصدر ميمي من القدس وهو الطهر أي المكان الذي يطهر فيه العابد من الذنوب أو يطهر من عبادة الأصنام وجاء فيه ضم الميم وفتح القاف وتشديد الدال المفتوحة وقد تكسر ويقال البيت المقدس بالتوصيف والأشهر الإضافة، وجلى مجهول مثذد أي أظهره الله له حتى شاهده فنعته،
والعير بكسر العين الجمال وتعيين قدومها وما معه بإعلام الله له، وهو من معجزاته ﷺ لأخباره بالغيب فيه، والأورق من الجمال الأبيض الماثل للسواد وليس بمحمود فيها وإن طاب لحمه لهم، وقوله : يقدم الأوّل من القدوم وهو من باب علم والثاني من قدم يقدم كنصر ينصر بمعنى تقدّم ويجوز كونه ماضيا من التفعل، وقوله : يشتدون بمعنى يسرعون في المشي من قولهم : شد عليه إذا حمل عليه جملة أو هو من الشدة وأصله يشتد جريهم، والثنية مكان مرتفع في جبل يكون طريقا والمراد بها ثنية مخصوصة بمكة يدخل القادم من الشام منها وهي معروفة، وإلى متعلق بيشتدون أو يخرجوا، وكونه قبل الهجرة بسنة قول وقيل : بستة عشر شهراً وقيل : كان قبل البعثة وقد علمت أنه وقع مرّتين كما مر، وقولهم : ما هذا إلا سحر مبين أي ما ذكر لأن السحرة في زعمهم تطلع على بعض المغيبات. قوله :( واختلف في أنه كان في المنام الخ ( فعن عائشة رضي الله عنها كانت رؤيا حق وقالت : لم نفقد بدنه وإنما عرج بروحه ﷺ واحتج لهذا القول بقوله تعالى ة ﴿ وَمَا جَعَلْنَا الرُّؤيَا الَّتِي أَرَيْنَاكَ إِلاَّ فِتْنَةً لِّلنَّاسِ ﴾ اسورة الإسراء، الآية : ١٦٠ لأن الرؤيا تختص بالنوم لغة وكذا وقع في البخاري، وذهب الجمهور إلى أنها يقظة والرؤيا تكون بمعنى الرؤية في اليقظة كما في قول الراعي يصف صائداً :
وكبر للرؤيا وهش فؤاده وبشر قلباكان جما بلابله...
وقال الواحدي : إنها رؤية اليقظة ليلا فقط واحتجوا بما سيأتي، قال السهيلي في الروض : وذهبت طائفة


الصفحة التالية
Icon