ج٦ص٤١٠
فرده بأنه على تسليم ما ذكر فالمختص بهم كونه جزاء لهم بمقتضى وعده فلا ينافي كونه لغيرهم بفضله أو المراد بالمتقي المؤمن لاتقائه النار بإيمانه كما مر في مراتب التقوى ويدل عليه مقابلته بالكافر في النظم أو المختص بهم دخولهم ابتداء دون سبق عذاب وكلامه واضح إلا قوله برضاهم فإنه اعترض عليه بأنه مخالف للمذهب فإنه تعالى يتصرف كيف يشاء من غير اشتراط رضا أحد وقد يفسر رضاهم برضا الله عنهم فتأمّله.
قوله :( ما يشاؤونه ) إشار إلى أنّ ما موصولة حذف عائدها. وقوله : يقصرهمّ أي ما يهتم
به ويريده وفي نسخة همم جمع همة وهو جواب عما يقال : إنّ عموم الموصول يقتضي أنه إذا شاء أحد رتبة من فوقه كالأصفياء والأنبياء عليهم الصلاة والسلام نالها وان يقبل شفاعتهم لأهل النار وقوله : شيئاً مما يدركه الكامل في نسخة شيئاً مما للكامل وهما بمعنى والتشهي تكلف شهوة ما لا يليق به. ووجه التنبيه تقديم الخبر وفيها المفيد للحصر وقوله : إذ الظاهر تعليل
لقصر همهم وذلك بصرف الله لهم عن ذلك ورؤية كل أحد أنّ ما هو فيه ألذ الأشياء. قوله :( حال من أحد ضمائرهم ) أو من المتقين قيل جعله حالاً من الأوّل يقتضي كونها حالاً مقدّوة ومن الثالث يوهم تقييد المشيئة بها فخير الأمور أوسطها وقد رجح الثالث لقربه وما ذكره من التقييد غير مخل بل مهم. قوله :( الضمير في كان الخ ) أو للخلود وقيل إنه ليحصل لهم فيها ما يشاؤون أوله ولكونه جنة الخلد جزاء ومصيرا والإفراد باعتبار ما ذكر. ولا يخفى أنه معنى رجوعه إلى الوعد أو الموعود المفهوم من الكلام وقوله : حقيقاً الخ فهو كناية عن كونه أمراً عظيما من شانه أن يطلب ويتناف! فيه وعلى الوجه الآخر فهو على ظاهره. وقوله ربنا الخ بدل من دعائهم أو مقول قول دل عليه الدعاء. ويحتمل أنه لم يقل لقولهم كما في الذي بعده لتوهم أنه دعاء منه. وهذا على كون وعدا خبرا بمعنى موعود فعلى ربك متعلق بكان أو بمقدّر لا بوعداً للمنع من تقديم معمول المصدر عليه عندهم وان كان خبرا فوعدا مصدر مؤكد. وقوله : أو الملائكة معطوف على الناس والمسؤول هنا وإن كان ما يشاؤونه لا الجنة نفسها كما في قوله :( ربنا وأدخلهم جنات عدن ) فإنها معروفة بأنّ فيها ما تشتهي الأنفس وتلذ الأعين فلا يرد عليه أنه كيف يصح التفسير به. قوله :( وما في على ) مبتدأ خبره لامتناع الخلف يعني على للإيجاب وليس يجب على الله شيء عندنا لاستلزامه سلب الاختيار وأن لا يكون محمود التعلق الحمد والثناء والجميل الاختياري فاجاب بأنّ الممتنع على الله إيجاب الإلجاء والقسر من خارج لأنه هو السالب للاختيار. وأمّا ما أوجبه على نفسه بمقتضى وعده وكرمه فلا ضير فيه وحاصله أنّ الوجوب الناشىء من إرادته لا ينافي القدرة والاختيار وما قيل اللازم الوجوب على الله وما صححه المصنف رحمه الله هو الوجوب منه ففي كلامه إشارة إلى دفعه بأنّ الأوّل مستعار للثاني بجامع التأكيد واللزوم بقرينة الوعد والسؤال لأنّ سؤال الواجب عبث لتحتم وقوعه وأمّا دفعه بأن الأوّل يستلزم الثاني فلذا اهتم به فليس بشيء لظهور فساده. قوله :( فإنّ تعلق الإرادة بالموعود الخ ) حاصله أنه إذا أراد خيرا ووعد به بعد ذلك وعد ألا يخلفه كانت إرادته سابقة على لىلجابه منه فلا يتصوّر الإلجاء فيه أصلا والوعد إن كان حادثاً فظاهر وان كان قديما بان كان بالكلام النفسيّ فالتقدم والتأخر بحسب الذات وهو لا يستلزم الحدوث أو يقال الحادث بالإرادة تعلقه بالموعود به وأمّا كون إراد الموعود تستلزم حصوله فلا معنى للوعد به فليس بشيء. قوله :( ويوم نحشرهم ) متعلق باذكر مقدر معطوف على تل وكسر الشين قليل في
الاستعمال قويّ في القياس لأنه أكثر في المتعدي وما يعبدون معطوف على مفعول نحشرهم وليست الواو للمعية. وقوله يعم كل معبود الخ سواه معنى قوله : من دون الله وقوله : لأنّ وضعه أعم هذا على مذهب ولا ينافيه عدم ارتضائه له في موضحع آخر والوصف بناء على أنه إذا أريد به الذات اختص بغير العقلاء وإذا أريد الوصف لا يختص! كما في قوله : وما بناها فهو بمعنى المعبودين وقد مر تحقيقه. قوله :( أو لتنليب الأصنام ) غير العقلاء على غيرهم من العقلا واعترض عليه بأنّ التحقير لا يليق بشأن المغلب عليهم وهم الأنبياء والملائكة عليهم الصلاة والسلام وأجيب بأنّ المراد بالتحقير بعدهم عن استحقاق العبادة وتنزيلهم منزلة ما لا علم له ولا قدرة فلا نسلم أنه بهذا المعنى غير لائق وهو لا يدفع ما في عبارة التحقير وكون


الصفحة التالية
Icon