ج٦ص٤٢٢
في الكشاف فتجوز به عن بيان معنى الكلام وهو مجاز مشهور ملحق بالحقيقة فلذا تجوز به عن المعنى نفسه ولا يخفى ما فيه من التعسف وقوله من سؤالهم هو المفضل عليه المقدر وفي الفرائد المعنى إنه في غاية الحسن والكمال فلا حاجة لتقدير ما ذكر لكنه قيل إنه يفوت معنى التسلية إذ المراد لا يهمك ما اقترحوه وهو المراد بقوله : ولا يأتونك وفيه نظر. فوله :( أو لا يأتونك الخ ) في نسخة ولا يأتونك الخ قيل وهي أولى لأنّ المآل واحد ولا وجه له فإنّ الفرق بينهما ظاهر فإنّ المثل في الأوّل بمعنى السؤال وفي هذا بمعنى حاله صلى الله عليه وسلم. ثم إنه قيل عليه أنه يأباه الاسنشاء المذكور لأنّ المتبادر منه أن يكون ما أعطاه الله من الحق مترتباً على ما أتوا به من الأباطيل وأفعالها ولا ريب في إنّ ما آتاه الله من الملكات السنية ليس لأجل ما حكي عنهم من الاقتراحات بل لأجل إبطالها ولا يخفى ضعفه فإنّ المراد بقوله : جئناك بالحق أظهر نافيك ما يكشف عن بطلان ما أتوا به نعم الوجه الأوّل أرجح وقد أشار إلى ترجيحه بتقديمه. وقوله : أحسن كشفا أي مما زعموه حسناً أو هو تهكم كما مر وفيه إشارة إلى أنّ تفسيرا بمعنى كشفا ولكنه كشف لما بعث به. قوله :( أي مقلويين ) أي منكسين
يطؤون على رؤوسهم ووجوههم مع ارتفاع أقدامهم بقدرة الله وهذا يحتمل التضمين فعلى وجوههم وإلى جهنم صلته ويحتمل أنه يشير إلى أنهما حالان بتقدير ما ذكر وكذا قوله : أو مسحوبين أي مجرورين. قوله :( أو متعلقة قلوبهم الخ ( أي هو كناية عما ذكر أو استعارة تمثيلية لأنّ من تعلق قلبه بشيء توجه إليه بوجهه والمراد بالسفليات الدنيا وزخارفها وما لهم فيها ولعل كون هذه الحال في الحشر باعتبار بقاء آثارها فتأمّل. قوله :( وعنه عليه الصلاة والسلام الخ ) رواه الترمذي وفيه قيل يا رسول الله وكيف يمشون على وجوههم قال :" إنّ الذي أمشاهم على !دامهم قادر على أن يمشيهم على وجوههم ) وعن المصنف الصنف الذي على الدواب هم المتقون والمراد أنهم يسرعون إلى الجنة كالركبان والمشاة هم الذين خلطوا عملاً صالحاً وآخر سيثاً والذين يمشون على الوجوه الكفرة وقوله : وهو أي لفظ الذين يحشرون منصوب بتقديرم أذم أو أعني أو مرفوع على أنه خبر مبتدأ محذوف تقديره هم لا أنه بتقدير بئس كما توهم أو هو مبتدأ. قوله :( كأنه قيل إنّ حاملهم ) أي الداعي والباعث على أسؤلتهم ما ذكر فكأنهم نسبوا إليه الشرّ والضلال فقيل لهم على وجه التسليم أنتم شرّ وأضل منه وإلا فلا شيء فيه من ذلك فإنه محض خير وهداية ويجوز أن لا يجعل هو مفضلاً عليه ويكل ن المعنى أنتم أقوى في ذلك من كل من اتصف به والمكان في كلامه إمّا بمعنى الشرف والمنزلة أو بمعنى المسكن كقوله :﴿ أَيُّ الْفَرِيقَيْنِ خَيْرٌ مَّقَامًا وَأَحْسَنُ نَدِيًّا ﴾ [ سورة مريم، الآية : ٧٣ ] وقوله : إنه متصل الخ المراد ٦لصال الشيء بقسيمه ومرضه لبعده وتقدم قسيمه أو ما يشبهه وهو في الوجه السابق متصل بما قبله وقوله من الإسناد المجازي لأنه وصف صاحبه وهو وان أسند إليهم فسبيلا تمييز محوّل من الفاعل ففيه جمع بين الحقيقة والمجاز لكنه جائز في المجاز الحكمي فتأمّل. قوله :( يوارّره في الدعوة ) أي يعاونه فيها وهو إشارة إلى معنى الوزير واشتقاقه على اختلاف فيه. واعلاء الكلمة
إظهار التوحيد وهو مجاز معروف كما في الحديث من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا. وقوله : ولا ينافي الخ إشارة إلى قوله :﴿ وَوَهَبْنَا لَهُ مِن رَّحْمَتِنَا أَخَاهُ هَارُونَ نَبِيًّا ﴾ [ سورة مريم، الآية : ٥٣ ] وأنه لا ينافي هذا لأنه وان كان نبيا فالشريعة لموسى عليه الصلاة والسلام وهو تابع له فيها كما أنّ الوزير متبع لسلطانه. وفي قوله : وجعلنا إشارة إلى نبوّته أيضاً إلا أنّ في قوله : لأنّ المتشاركين الخ قصورا لأنه لو كانت الوزارة بمعنى الاشتراك صح جعل موسى وزيراً فلا بدّ من قيد التبعية ولذا قال ووهبنا له ثمة دون جعلناه نبياً لكنه اعتمد على فهمه من جعله معاونا له لظهوره فلا يرد عليه شيء. قوله :( بآياتنا ( إمّا متعلق باذهبا وهي الآيات التسع فمعنى كذبوا فعلوا التكذيب قيل وهو ظاهر من صنيع المصنف وفصله منه أو بكذبوا لقربه منه فالآيات دلائل التوحيد أو الآيات التي جاءت بها الرسل الماضية أو التسع وحينئذ يحتاج إلى جعل صيغة الماضي بمعنى المستقبل لتحققه إن لم يكن ذهابا ثانيا لكنه قيل إنه لا يناسب المقام فالمضي بالنظر إلى زمن الحكاية للرسول لا إلى زمن المحكي كما قيل ولا يخفى أنه بناء على أنه يعتبر زمن الأخبار وهو مرجوح عندهم كما تقرر في الأصول إذ المعتبر زمن الحكم فتأمّل.