ج٦ص٤٣٣
وفي نسخة به وخبيراً مفعول اسأل ويصح تنازعهما فيه وفيه حينئذ نوع من البديع غريب يسمى المتجاذب وهو كون لفظ واحد بين جملتين يصح جعله من الأولى والثانية وقد ذكره السعد في أواخر شرح المفتاح وهو كثير في الفارسية وهذا مما غفل عنه أصحاب البديعيات وقد نظمنا فيه أبياتا ليس هذا محلها وبقي في الكشاف وجه آخر وهو أنه تجريد كقولك : رأيت به أسداً أي برؤيته أي اسأل بسؤاله خبيراً والمعنى إن سألته وجدته خبيرا وباء التجريد سببية عنده قال في
الكشف وهو أوجه ليكون كالتتميم لقوله : الذي خلق الخ فإنه لإثبات القدرة مدمجاً فيه العلم. قوله تعالى :( ﴿ اسْجُدُوا لِلرَّحْمَنِ ﴾ ا لا يخفى موقع هذا الاسم الشريف هنا وفيه معنى أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد فافهمه ووقع السؤال بما دون من لأنه عن معناه أو لأنه مجهول كما يقال للشيخ المرئي ما هو فإذا عرف قيل من هو. وقوله : ما كانوا يطلقونه على الله ولذا قيل إنه عبرانيّ وأصله رخماني بالخاء المعجمة ولذا أنكروه كما سيأتي وظنوا أنه غير الله وقوله ولذلك أي لأحد هذين الأمرين أو للثاني قيل وهو الأقرب لأنّ ما بعده ناظر له. قوله :( للذي تامرناه ) إشارة إلى أنّ ما موصولة عائدها محذوف وقوله يعني تأمرنا بسجوده على الحذف والإيصال والأصل تأمرنا بالسجود له ثم بسجوده ثم تأمرنا سجوده كأمرتك الخير ثم تأمرناه بحذف المضاف ثم تأمرنا كما ذكره أبو البقاء وهل هذا الحذف تدريجي أولاً قولان. وقوله : أو لأمرك على أنّ ما مصدرية واللام تعليلية والمسجود له محذوف أو متروك ومرّض كونه معرّباً لبعده ولشهرة اشتقاقه وهو قول ثعلب وقولهم : رحمن اليمامة يأباه واستدل بهذه الآية وبتقديمه على الرحيم وجوابه ظاهر مما مر وعلى هذا فالمقصود من قولهم ما الرحمن التعريف اللفظي. وقوله : الأمر بالسجود للرحمن لعلمه مما مر والإسناد مجازي وجملة وزادهم معطوفة على قالوا لا على مقوله وفي اللباب أنّ الضمير للسجود لما روي أنه-لمجهيه وأصحابه رضي الله عنهم سجدوا فتباعدوا عنهم مستهزئين وعليه فليس معطوفاً على جواب إذا بل على مجموعه فلا يرد عليه أنه غير سديد معنى فتأمّل. قوله :( البروج الاثني عشر هي معروفة ) وقوله : سميت به أي أطلق لفظ البروج عليها وهي في الأصل بمعنى القصور على طريق التشبيه. ثم شاع فصمار حقيقة فيها، وعن الزجاج أنّ البرج كل مرتفع فلا حاجة إلى التشبيه أو النقل. قوله :( واشتقاقه ) أي البرح المفهوم من البروح. وقوله : لظهوره إشارة إلى أنّ التبرج بمعنى الظهور لا الإظهار وقد مر ما فيه وهذا كاشتقاق الوجه من المواجهة وهو اشتقاق كبير فلا يرد عليه أنّ الظاهر العكس لأنّ المزيد يؤخذ من المجرد إذ عادة الأدباء جعل الأشهر مشتقا منه وضمير فيها للبروج أو للسماء وهو أظهر. قوله :( وهي الشمس والكواكب الكبار ) وقد جوّز فيه أن يكون من قبل إنّ إبراهيم كان أمّة قالتا لأنها لعظمها وكمال إضاءتها كأنها سرج كثيرة أو جمع باعتبار الأيام
والممطالع ومنهم من فسر السرج بالكواكب الكبار واعترض على المصنف بأنه يلزم تخصيص القمر بالذكر بعد دخوله في السرج والمناسب تخصيص الشمس لكمال مزيتها على ما سواها ورد بأنه بعد تسليم دخوله في السرج خص بالذكر لأن سنيهم قمرية ولذا قدم الليل على النهار أي اعتبر مقدماً عليه فالليلة لليوم الذي بعدها فهم أكثر عناية به مع أنه على ما ذكره يلزمه ترك ذكر الشمس وهي أحق بالذكر من غيرها والاعتذار عنه بأنها لشهرتها كأنها مذكورة. ولذا لم تنتظم مع غيرها في قرن لا يجدي ولبعض الناس هنا كلام تركه أولى من ذكره. قوله :( مضيئا ) تقدم الكلام على الضوء والنور والفرق بينهما. وقوله : أي ذا قمر قدّر فيه ذا بمعنى صاحب لأنه جمع قمراء بمعنى منيرة وهي الليلة ذات القمر وصاحبها هو القمر نفسه فيتضح وصفه بقوله منيراً وكونه فيها ويوافق القراءة المشهورة في المعنى ومنيرا وصف للمضاف المقدر لأنّ المحذوف قد يعتبر بعد حذفه كما في فوله :
بردي يصفق بالرحيق السلسل
قوله :( أي ذوي خلفة ) بفتح الواو وتثنية ذي والخلفة الاختلاف أو كونه خلفا عنه وهو مفعول ثان لجعل أو حال إن كان بمعنى خلف وان كان بمعنى مختلف كما في القاموس فلا حذف ولا تأويل والإفراد لكونه مصدراً في الأصل. وقوله : يقوم مقامه أي ما فات فيه يعمل في الآخر. قوله :( أن يتذكر الخ ) يعني أنّ هذا أصله