ج٦ص٨٣
قالوا : ربكم أعلم الخ، فما قيل : من أن هذين القولين يعني، كونه لعظم أجرامهم وانفتاج عيونهم أو لوحثة المكان ليسا بشيء لأنهم لو كانوا بتلك الصفة أنكروا أحوالهم ولم يقولوا يوما أو بعض يوم ولأن المرسل للمدينة إنما أنكر معالمها لا حال نفسه ولأنهم بحالة حسنة بحيث ظنوا نياما وهم في فجو ة موصوفة بما مر فكيف يكون موحشا غير وارد لما عرفت، وأما لأن وحشة المكان لبعده وكونه بعيد الغور وتغيره بمرور الزمان فلا منافاة بينه وبين ما مر بوجه من الوجوه، وإنكار الرسول للمعالم لا ينافي إنكار الناس لحاله أو كونه على حالة منكرة لم يتنبه لها، وقوله : وعن معاوية رضي اللّه عنه الخ هذا يشهد لكونه بطرسوس ويضعف ما قاله أبو حيان : من أنه بأندلس لأن معاوية رضي الله عنه لم يدخلها، . وقوله : لو كثف جواب لو محذوف أي لكان حسنا ونحوه أو هي لتمني ذلك ولا ينافي كشفه بعد ذلك ومنع الله يفهم من لو الامتناعية ولا حاجة إلى القول بأنه منع من النظر إليهم نظر استقصاء، وهو الذي طلبه معاوية رضي الله عنه وإنما لم يطاوعه ظنا لتغير حالهم عما كانوا عليه أو طلبا له مهما أمكن، وقوله : فأحرقتهم في نسخة أخرجتهم، وفي أخرى أهلكتهم والمراد بالتثقيل ضم العين لثقله بالنسبة للسكون. قوله :( زكما أنمناهم الخ ( أي كما أنمناهم هذه الإنامة الطويلة أيقظ!اهم
فالمشبه الإيقاظ والمشبه به الإنامة المفهومة من قوله : وهم رقود ووجه الشبه كون كل منهما آية على قدرته الباهرة كما أشار إليه المصنف رحمه الله. قوله :( فيتعرّفوا حالهم الخ ( قيل تعرّف الحال لم يترتب على التساؤل كما يدل عليه الفاء بل على البعث إلى المدينة، وأجيب بأن التساؤل أدّى إلى البعث المرتب عليه فهو سبب بعيد أو سبب السبف وهو سبب يكفي لمثله، وبه تبين أنّ البعث علة للتساؤل وأنه لا حاجة إلى جعل اللام للعاقبة وفيه نظر لأن من قال إنها للعاقبة وهو الظاهر لاحظ أن الغرض من فعله تعالى إظهار كمال قدرته لا ما ذكر وقوله : ويستبصروا في أمر البعث أي يكونوا على بصيرة فيه، فإن قلت هم مؤمنون وهذا يقتضي شكهم في البعث وهو كفر، قلت : هم متيقنون له وإنما اختلفوا في كونه روحانيا أو لا وفي كيفيته كما روي عن عكرمة من طرق أنهم كانوا أولاد ملوك اعتزلوا قومهم في كهف فاختلفوا في بعث الروج والجسد فقال قائل : يبعثان وقائل : تبعث الروج فقط، وأما الجسد فتاً كله الأرض فأماتهم الله ثم أحياهم الخ كما في شرح البخاري، وما أنعم الله به عليهم إيواؤهم إلى الكهف وزيادة يقينهم وغيره مما وقع لهم. قوله :( بناء على غالب ظنهم الخ ( فلا يكون كذبا بناء على أن مرجع الصدق والكذب اعتقاد المخبر فإن رجع إلى مطابقة الواقع وعدمها فلا شك في أنه كذب، كذا قيل وليس بشيء لأنه لا كذب فيه على المذهبين أما الأوّل فظاهر، وأما الثاني فلأنه مجاز عن لازمه، وهو لم يتحقق مقداره كما ذكره أهل المعاني في قول النبي ﷺ لذي اليدين رضي الله عنه : كل ذلك لم يكن وهو هنا أظهر لكون أو للشك كما أشار إليه المصنف رحمه الله بقوله : فإنّ النائم لا يحصي مدة نومه الخ، وكونه بناء على ظنهم الغالب قيل معناه من غير نظر إلى القرائن الخارجية كقرب الشمس من الغروب أم لا، ثم لما نظروها بعيدة منه قالوا أو بعض يوم فلا يرد الاعتراض بأنهم إن كان نومهم في ذلك ليوم فهو بعض يوم، وأن كان في اليوم الذي قبله فهو يوم وبعض يوم فلا يتوجه ما في النظم، وهذا يقتضي أن أو فيه للإضراب، وإذا قلنا إنها للشك وإنه مجاز عن إنا لم نتحقق مقداره كما مر لم يرد عليه شيء، نعم على كلام المصنف رحمه الله معناه أن غالب الظن أنه زمن قليل، وأما ما قيل في الجواب إنهم لما ظنوا أنهم في اليوم الذي بعده أرادوا أن يقولوا يوماً وبعض يوم فلما قالوا : يوما اعترض عليهم احتمال أنهم في يومهم فقالوا : قبل أن يتموه أو بعض يوم فمع أنه مما لا وجه له لو كان كما زعمه، لقال : أو وبعض يوم بالعطف، كما لا يخفى على من له معرفة بأساليب الكلام. قوله : الآن النائم لا يحصي مدّة نومه الخ ( قيل عليه إنّ النائم وإن كان لا يحصي مدة
نومه حال نومه لكنه يعلم يقينا عند انتباهه مذته استدلالاً بالشمس مثلا، كما إذا نام وقت طلوعها وانتبه وقت الزوال ونحوه، وقد مرّ إنّ معناه أنه بعد الانتباه وقبل النظر في الإمارات لا يحصيها مع أن الظاهر أن هذا كله