ج٦ص٩٠
التباس متعلقها وفرق بينهما، مع أنه أيضا غير صحيح لما ذكره فهو تأييد له لا رد عليه فتدبر.
قوله :( أو إلا وقت أن يشاء اللّه أن تقوله ( فهو أيضا استثناء مفرّغ من النهي والمستثنى منه
أعم الآوقات لا من أعم الآلات والأسباب كما توهم، أي لا تقل ذلك في وقت من الأوقات إلا في وقت تذكر فيه مشيئة الله فالمصدر المؤول مقدر بالزمان وفسر المشيئة على هذا الوجه بالإذن من الله لأن وقت مشيئة اللّه لشيء لا تعلم إلا بإعلامه به وإذنه فيه، وعلى هذا فمعنى
الآية كقوله :﴿ وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى ﴾ [ سورة النجم، الآيتان : ٣ و ٤ ] ويكون هذا مخصوصا بالنبيّ ﷺ وهو مناسب لقول المصنف : تأديب من الله لنبيه ﷺ كما يدل عليه سبب النزول وعلى الأوّل هو تأديب للأمة كما أشار إليه الطيبي وعدم الاختصماص به يعلم بطريق الدلالة، وأمّا القول بأنه لا يلزم ذلك من المنع في غد لاحتمال المانع عنه فيما بعده لأنّ الزمان باتساعه قد ترتفع الموانع فيه أو تخف، فلا تتأتى الدلالة فليس بشيء لأنه مجرّد احتمال لم ينشأ من دليل والمانع عام شامل للموت واحتماله في الزمن البعيد أقوى، فمن قال إنه تضييق على الناس لم يقف على مرادهم وكذا ما قيل إنه على مذهب المعتزلة من أنّ الأمر عين الإرادة أو يستلزمها ولذا أخره المصنف رحمه اللّه وقدمه الزمخشريّ، وإنما أخره المصنف لأن المتبادر منه الأوّل فتدبر. قوله :( ولا يجوز تعليقه بفاعل الخ ا لما بين أنه مستثنى من مدخول النهي على الوجهين كما بينه أشار إلى أنه لا يجوز أن يكون مستثنى من قوله : إني فاعل أي مما في حيزه استثناء مفرغا من أعم الأحوال، أو الأوقات لفساد معناه لأنه يصير تقديره إني فاعل بكل حال أو في كلى وقت إلا في حال أو وقت مشيئة الله ومآله النهي عن أن يقول إني فاعل إن شاء الله وهذا لا يقوله أحد كما قاله ابن الحاجب رحمه الله، وأمّا ما قيل عليه أنه صحيح ومعناه النهي عن أن يذهب مذهب الاعتزال في خلق الأعمال فيضيفها لنفسه قائلا إن لم تقترن مشيئة الله بالفعل فأنا فاعله استقلالاً فإن اقترنت فلا فمع ما فيه من التعسف الذي لم يقع مثله في القرآن ولذا لم يعرج عليه أحد من المفسرين مع ما في الآية من التأويلات لأن المستثنى إما عدم ذلك الفعل أو وجوده، أمّا على الأوّل فلأنه يصير المعنى إني فاعل في كل حال إلا إذا شاء الله عدم فعلى وهذا لا يصح النهي عنه أما على مذهب أهل السنة فظاهر وأمّا على مذهب المعتزلة فلأنهم لا ينكرون أنّ مشيئة الله لعدم فعل العبد الاختباري إذا عرضت دونه بإيجاد ما يعوق عنه، كموت ونحوه منعت عنه وإن لم يكن ذلك بإيجاده واعدامه، ولذا قال في الكشف : إنّ ما ظنه صاحب الانتصاف من أنه مخالف لأصولهم كلام نشأ عن عدم التدبر، وهو مأخذ هذا القائل ولم يسلمه أحد من شراح الكشاف، وأما على الثاني فلا يصح النهي أيضا لأنّ فعل ما شاء الله وجوده لا ينهى عنه عندنا ولا عندهم فتأمل، وقيل إنه على الاستثناء من النهي منقطع والمقصود منه التأبيد أي لا تقله أبداً، كقوله : خالدين فيها إلا ما شاء اللّه والمعنى لا تقولن فيما يتعلق بالوحي إني أخبركم به إلا أن يشاء اللّه والله تعالى لا يشاء أن يقوله من عنده فهو لا يقوله أبداً فهو على حد قوله : لا يذوقون فيها الموت إلا الموتة الأولى. قوله :( واستثناء اعتراضها ) أي مشيئة الله دونه أي الفعل لا يناسب النهي لما عرفت من أنه معنى صحيح لا ينهى عنه وأما كونه ردّ المذهب المعتزلة فقد عرفت رذه. قوله :( مشيئة ربك وقل إن
شاء اللّه ( يعني أنه على حذف مضاف أي مشيئة ربك لا إنه حذف منه كلمتان أي بمشيئته كما قيل : وقل إن شاء الله بيان لكيفية ذكر المشيئة وفسره بما ذكر لدلالة ما كبله عليه وذكر الحديث لدلالته على هذا التفسير، وهو ظاهر، وقوله : ثم تذكرف قيد لا بدّ منه لأنه ما دام ناسيا لا يؤمر بذكزه، وقوله : ما لم يحنث لأنّ عدم الحنث يستلزم تذكر اليمين وهو في قوّة ذكره فكأنه متصل به، وقوله : وعامة الفقهاء أي أكثرهم إذ فيه خلاف ابن عباس رضي الله تعالى عنهما، ومن تابعه وهو رواية عن أحمد والشافعيّ، موافق للجمهور ولا وجه لما قيل إنه مع ابن عباس رضي الله عنهما، وقيل إنه يصح ما لم يقتم من مجلسه، وقوله : لم يتقرر إقرار ولا طلاق الخ، أي لم يثبت لأنّ للحالف أن يقول استثنيت بعد ذلك أو أستثني، وفي نسخة لم يتصؤر أي لم يتصوّر بقاؤه وتقرره والأولى أصح وأظهر.
تنبيه : فيما قاله المصنف رحمه الله تعالى بحث فإنّ الإمام


الصفحة التالية
Icon