ج٦ص٩٧
ما يحيط بهم من النار يحتمل أنه تشبيه للنار بالسرادق في الإحاطة ويكون مما ذكر فيه الطرفان ووجه الشبه، ويحتمل أن يكون استعارة مصرّحة لتشبيهه لهب النار المنتشر منها في الجهات بالسرادق ويكون قوله : أحاط ترشيحا، ويحتمل المكنية والتخييلية، والسرادق معرب سرابرده أو سراطاق، وقوله : الحجزة بالزاي المعجمة أي ما يحجز ويمنع من الوصول إليه من خندق ونحوه، أو بالمهملة أي الحظيرة التي تجعل حوله، وإطلاقه على الدخان وما بعده الظاهر أنه مجاز على التشبيه وان كان كلام القاموس يوهم خلافه، وقوله : من العطش قدر لقرينة قوله : بعده بماء. قوله :( كالجسد المذاب ) إن أراد بالجسد ما يتبادر منه وهو جسد الحيوان فالمراد أنه لغلظه كأنه لحم مذاب بالطبخ، وإن أراد به مطلق الجرم فهو بمعناه ويحتمل أن يريد به جرم المعدنيات فإن أهك الكيمياء اصطلحت على تسميته جسداً فيكون بمعنى ما وقع في نسخة أخرى، وهو كالنحاس، وفي الكاف إشارة إلى أنه لا يخصه لشموله سائر المعدنيان المذابة كما في القاموس وغيره، وهذا هو الموافق للكشاف وكتب اللغة، ودردقي الزيت عكره وما يرسب منه في قعر الإناء. قوله :( وهو على طريقة قوله فأعتبوا بالصيلم ( وقولهم : عتابك السيف :
وتحية بينهم ضرب وجيع
والمقصود منه آلهتكم بجعل خلاف ما يرجى مكانه وهل هو استعارة أو تشبيه أو نوع آخر
تقدم تحقيقه في قوله تعالى :﴿ فَبَشِّرْهُم بِعَذَابٍ أَلِيمٍ ﴾ وأن هذا من قصيدة لبشر بن أبي حازم أوّلها :
لمن الديار غشيتها بالأنعم تبدو معارفها كلون الأرقم
ومنها :
غضبت حنيفة أن تقتل عامر يوم النسارفأعتبوا بالصيلم
وحنيفة وعامر قبيلتان من العرب ويوم النسار بكسر النون والسين والراء المهملتين يوم معروف وقعت فيه حرب بينهم، والصيلم كفيصل الداهية وفسره في شرح المفصليات بالسلاج، وأعتبوا بمعنى أزيل عتبهم وفي رواية أعقبوا أي جعل ذلك عاقبة أمرهم فلا شاهد فيه. قوله :( يشوي الوجوه ( أي يحرقها وينضجها، وقوله : من فرط حرارته تعليل للشيئ، وقوله : صفة ثانية إشارة إلى أنّ قوله : كالمهل صفة أولى، وقوله : أو من الضمير في الكاف أي المستتر لأنها
اسم بمعنى مشابه فيستتر الضمير فيها كما يستتر فيه وهذا مما ذكره غير المصنف كالمعرب وفسروه بما ذكر ولا يخفى ما فيه من التكلف لأنه ليس صفة مشتقة حتى يستتر فيه الضمير ولم يعهد مشتق على حرف واحد وكنت توقفت في صحته كما ذكره بعضهم حتى رأيت أبا عليّ الفارسيّ قال في شرح الشواهد في شرح قوله :
رأتني كافحوص القطاة ذؤابتي
إن قلت : اجعل الكاف بمنزلة مثل فأرفع بها ذؤابتي كما رفع بمثل، قلت : ليس بالسهل،
لأنها ليست على ألفاظ الصفات ا هـ، فحمدت الله تعالى على الظفر بهذه المسألة، ولو قيل في كلامه تسمح وأنّ المراد بالكاف الجاز والمجرور كان أسهل من هذا وجوّز فيه أن يكون حالاً من ماء لوصفه، وقوله : المهل بيان للمخصوص بالذم المقدر والمهل المقدر استعارة للماء الحارّ وعبر به، لأنه أقوى في الذم لبيان أنه ذم لما فيه من تلك الصفات لا من حيث كونه ماء، ولذا قدّره الزمخشري بذلك فلا وجه لما تيل : إنّ الكلام مسوق لتقبيح حال المشبه دون المشبه به فالظاهر أن يقول : بئس الشراب الماء الموصوف بما ذكر، وقوله : وساءت النار إشارة إلى أنها متصرّفة وفاعلها ضمير النار. قوله :( متكأ الخ ( يعني أنه اسم مكان وقع تمييزاً، وأصله مر تفقها والمراد ذتم شرابهم واقامتهم وقيل معناه المنزل أو المراد أنه مصدر ميمي بمعنى الارتفاق والاتكاء وهو المناسب لما بعده والمرفق من اليذ معروف، وقوله : وهو لمقابلة الخ يعني أنه للمشاكلة وقد تقدم على المعنى الحقيقي المشاكل له كما في قوله :
نحرتني الأعداء إن لم تنحر
وإن كان الأكثر خلافه. قوله :( وإلا فلا ارتفاق لآهل النار ( أي ارتفاق استراحة وأما وضحع
اليد تحت الخذ للتحزن والتحسر فالظاهر أن العذاب يشغلهم عنه فلا يتأتى منهم حتى يكون هذا حقيقة لا مشاكلة فلذا لم يعزجوا عليه لكنه يجوز أن يكون تهكما أو كناية عن عدم اسنراحتهم. قوله :( خبر إنّ الأولى هي الثانية الخ ( ولما خلت من العائد تذره بما ذكر أو الرابط من أمّا لأنه عامّ شامل لاسم أنّ الأولى لتعريف الأعمال


الصفحة التالية
Icon