ج٧ص١٠٠
بإضمار فعل من هذه المادة، وهو اذكروا كما مرّ والمراد ذكر قصتهما أو هو على ظاهره وجملة، وقد تبين الخ حالية فلا يقال إنه لا يلائمه أو أنه على تقدير القول أي، وقل قد تبين الخ أو قائلا قد مررتم على ديارهم في أسفاركم، وقد تبين الخ حتى يقال إنه تعكيس للأمر وتمحل لتنزيل المقرّر على الموهوم المقدر كما قيل وقوله ما قبله هو أخذتهم الرجفة، وعطفه على ضميره يأباه المعنى.
قوله :( بعض مساكنهم ) فمن تبعيضية وفيما بعده ابتدائية، وقيل سببية وقوله إذا نظرتم
بيان لطريق التبيين لا لأنه للاستمرار كما في قوله :﴿ وَإِذَا لَقُواْ الَّذِينَ آمَنُواْ قَالُواْ آمَنَّا ﴾ [ سورة البقرة، الآية : ١٤ ] والتزيين مرّ تحقيقه، وقوله السوقي أي المستقيم إشارة إلى أن التعريف عهدفي وحمله على الاستغراق حصراً له في الموصل إلى النجاة تكلف. قوله :( متمكنين من النظر ( إشارة إلى أنه مجاز من قبيل التعبير بالفعل عن القدرة عليه كإطلاق المسكر على الخمر قبل شربها وأصله طلب البصر أو البصيرة، ويجوز أن يكون المعنى كانوا من أولي البصيرة، وان لم يبصروا وهو قريب مما ذكر وقوله أو متبينين الخ فمفعوله محذوف، والضمير لعاد وثمود لا لأهل مكة كما توهم، وقوله لجوا أي داموا على اللجاج والعناد، ومنه المثل لج حتى حج أي غلب. قوله :( وتقديم قارون لشرف نسبه ) بقرابته من موسى عليه الصلاة والسلام كما مز وشرفه بإيمانه في الظاهر وعلمه بالتوراة وغيرها فتقديمه في مقام الغضب أدل على أنه لا يفيد شيء وينقذ من غضب اللّه مع الكفر فلا يرد أنّ قصد التشريف لا يناسب المقام الممهد لبيان مظاهر الغضب بالكفر، والاستكبار كما قيل، ولو قيل إنّ التقديم لأنّ المقصود تسلية النبي ﷺ فيما لقي من قومه لحسدهم له وقارون كان من قوم موسى عليه الصلاة والسلام، وقد لقي منه ما لقي أو كان من أبصر الناس وأعلمهم بالتوراة ولم يفده الاستبصار فهو مناسب لما قبله، كان
وجهاً وجيهاً وأيضاً هلاكه كان قبل هلاك فرعون وهامان فتقديمه على وفق الواقع، وأمّا توسيط عذابه فلمناسبته للغرق في كون كل منهما عذاباً سفلياً، وقوله من سبق الخ أي مأخوذ منه، وقوله كقوم لوط عليه الصلاة والسلام في نسخة وعاد وفي الكشاف الحاصب لقوم لوط، والمراد ما وموا به ومثله يكون مع ريح عاصف فلا إشكال فيه والحاصب إمّا صفة الرّيح أو الملك، وقوله كقوم نوح عليه الصلاة والسلام لسبق ذكرهم في هذه السورة وتركهم لعدم ذكرهم هنا فله وجه ولا إشكال فيه كما توهم. قوله :( ليعاملهم معاملة الظالم ) يعني أنّ هذه الهيئة بمقتضى وعده لا أنه لو وقع كان ظلماً لأنه مالك الملك يتصرّف فيه كما شاء فله أن يثيب العاصي، ويعذب المطيع على مذهب أهل الحق، والتعرّض للعذاب مجاز عن فعل ما يقتضيه. قوله :( فيما ٦سخذوه الخ ) يتعلق بمثل، وكذا قوله فيما نسجته والمعتمد والمتكل من يعتمد ويتكل عليه آلهة أو غيرها، والمثل بمعنى الصفة العجيبة أو بمعنى الشبه كما مرّ والوهن والخور بفتح الخاء المعجمة والواو والراء المهملة كلاهما بمعنى الضعف، أعلم أنيه قال في الكشاف الغرض تشبيه ما اتخذوه متكلاَ ومعتمدا في دينهم وتولو. من دون الله بما هو مثل عند الناس في الوهن وضعف القوّة، وهونسج العنكبوت ألا ترى إلى مقطع التشبيه، وهو قوله وأنّ أوهن البيوت الخ ومعنى قوله لو كانوا يعلمون أنّ هذا مثلهم وأنّ أمر دينهم بالغ في هذه الغاية من الوهن، ووجه آخر وهو أنه إذا صح تشبيه ما اعتمدوه في دينهم ببيت العنكبوت، وقد صح أنه أوهن البيوت فقد تبين أنّ دينهم أوهن الأديان لو كانوا يعلمون، أو أخرج الكلام بعد تصحيح التشبيه مخرج المجاز فكأنه قال وانّ أوهن ما يعتمد عليه في الدين عبادة الأوثان لو كانوا يعلمون ولقائل أن يقول مثل المشرك الذي يعبد الوثن بالقياس إلى المؤمن الذي يعبد الله مثل عنكبوت يتخذ بيتاً بالإضافة إلى رجل يبني بيتاً بآجر وجص أو ينحتة من صخر، وكما أنّ أوهن البيوت إذا استقريتها بيتا بيتا بيت العنكبوت كذلك أضعف الأديان إذا استقريتها ديناً دينا عبادة الأوثان لو كانوا يعلمون، اهـ يعني أنّ الغرض من التشبيه تقرير وهن دينهم وأنه بلغ الغاية فيه بوجوه، الأوّل إنه تشبيه مركب في الهيئة المنتزعة كما أوما إليه بقوله اتخذوه متكلاً ومعتمدا بذكر الاتخاذ والمتخذ، والاتكال عليه وقوله وأنّ أمر دينهم بالغ الخ تصريح بالغرض منه ومدار قطبه على أنّ أولياءهم بمنزلة نسج العنكبوت في ضعف الحال، وعدم الصلاحية


الصفحة التالية
Icon