ج٧ص١٠٤
المذكور مجادلة لأنه كناية عن أنا لا نصدّق نقلكم ما لم نعلم به، والتكذيب والتصديق ليسا نقيضين فيجوز ارتفاعهما كما في حال السكوت والحديث المذكور صحيح وأصله مرويّ في الببخاري وقوله مطيعون له خاصة التخصيص من تقدّم له وهو المفيد للتعريض أيضاً والآية المذكورة تقدّم تفسيرها. قوله :( ومثل ذلك الإنزال ) المذكور بعده، وقد مرّ تحقيقه وأنه يفيد أنه أمر عجيب الشأن أو هو إشارة إلى ما سبق من إنزال الكتب على ما ارتضاه المصنف هناك فتذكره، وقوله وحيا مصدقا مؤيد للأوّل لأنه كالبيان له وكون المراد ما ذكر بقرينة ما بعده مع التصريح به في محل آخر. قوله :( وهو تحقيق الخ ) أي تقرير له كالدليل عليه فإنّ تصديقه للكتب الإلهية التي قبله يقتضي إيمان أهل الكتاب لأنه يدل على أنه مثلها في كونه وحياً إلهيا لا من حيث إنه إجمال ذلك التفصيل لأن التفصيل يحقق الإجمال بدون العكس، ولا من حيث أنه توطئة لما بعده، وأمّا كون المراد بقوله لقوله ما سبق فتعمية والغاز، وقوله عبد الذ بن سلام بتخفيف اللام، وأضرابه بمعنى أمثاله ممن أسلم من الأحبار، وصار من كبار الصحابة وضي اللّه عنهم، وقوله من أهل الكتابين في نسخة من الكتابيين، وهذا يؤيد ما مرّ من أنّ المصنف يرى أنّ هذه الآية مدنية إذ كونها مكية وعبد الفه ممن أسلم بعد الهجرة بناء على أنه إعلام من اللّه بإسلامقم في المستقبل، والتفصيل باعتبار
الإعلام بعيد جداً، واذا كان لمن مضى فالمضارع لاستحضار تلك الصورة في الحكاية. قوله تعالى :( ﴿ وَمِنْ هَؤُلَاء مَن يُؤْمِنُ بِهِ ﴾ ) قيل الظاهر أنّ من التبعيضية هنا واقعة موقع المبتدأ كما مرّ في سورة البقرة ميلاً مع المعنى، وقد مرّ ما فيه والكلام عليه وأنّ المعنى شاهد له ونحوه ومنهم المؤمنون، وقول الحماسي :
منهم ليوث لاترام وبعضهم مما قمشت وضمّ حبل الحاطب
قيل إنه مؤيد بقوله :﴿ مِّنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ ﴾ فمنهم مهتد وبهذه الآية وقد غفل عن هذا السعد
فأيده بهذا البيت ( قلت ا لم يغفل وإنما دعاه له ذكر بعض صريحاً. قوله :( أو من تقدّم عهد الرسول ) فإنه ورد في الحديث إيمان بعض المتقدمين به لما رأوا نعته في كتبهم، وقوله أو ممن في عهد الرسول هذا على تفسيره الثاني، ولذا أخره ففيه لف ونشر، وقوله المتوغلون في الكفر إن كان الجحد الإنكار عن علم فهو ظاهر والا وهو ظاهر كلام المصنف رحمه الله كما مرّ في سورة النمل فهو من فحوى الكلام لأنّ الكفر به مع ظهوره يدل عليه، وقوله كما أشار إليه أي إلى كونه معجزة الخ لكونه أميا. قوله تعالى :( ﴿ وَمَا كُنتَ تَتْلُو مِن قَبْلِهِ مِن كِتَابٍ وَلَا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ ﴾ ) قال ابن حجر في تخريج الرافعيّ قال البغوي في التهذيب : هل كان النبيّ ﷺ يحسن الخط ولا يكتب ويحسن الشعر ولا يقوله الأصح أنه كان لا يحسنهما ولكن كان يميز بين جيد الشعر ورديئه وادّعى بعضهم أنه ﷺ صار يعلم الكتابة بعد أن كان لا يعلمها، وعدم معرفته سبب المعجزة لهذه الآية فلما نزل القرآن واشتهر الإسلام وظهر أمر الارتياب تعرّف الكتابة حينئذ، وروى ابن أبي شيبة وغيره ما مات ﷺ حتى كتب وقرأ ونقل هذا للشعبيّ فصدّقه وقال سمعت أقواما يذكرونه وليس في الآية ما ينافيه، وروى ابن ماجه عن أنس رضي الله عنه قال رسول الله ﷺ :" رأيت ليلة أسرى بي مكتوبا على باب الجنة الصدقة بعشر أمثالها والقرض! بثمانية عشر " والقدرة على القراءة فرع الكتابة ورد باحتمال أقدار الله له عليها بدونها معجزة، أو فيه مقدر وهو فسألت عن المكتوب فقيل الخ، ويشهد للكتابة أحاديث في البخاري وغيره
كما ورد في صلح الحديبية أنه ﷺ كتب ولم يكن يحسن الكتابة وممن ذهب إليه أبو ذز الهروي وأبو الفتح النيسابوري وأبو الوليد الباجي من المغاربة وصنف فيه كتابا وسبقه إليه ابن منية، ولما قال أبو الوليد ذلك طعن فيه ورمى بالزندقة وسبّ على المنابر، ثم عقد له مجلس فأقام الحجة على مدعاه وكتب به إلى علماء الأطراف فأجابوا بما يوافقه ومعرفة الكتابة بعد أمّية لا تنافي المعجزة بل هي معجزة أخرى لكونها من غير تعليم وردّ الإمام محمد بن مفوز كتاب الباجي لما في الحديث الصحيح :" إنا أمّة أمّية لا نكتب ولا نحسب " وقال كل ما ورد في الحديث من قوله كتب فمعناه أمر بالكتابة، وتقديم قوله من قبله على قوله ولا تحطه كالصريح فيه، وكون القيد


الصفحة التالية
Icon