ج٧ص١٢٥
قوله تعالى :( ﴿ مَن كَفَرَ فَعَلَيْهِ كُفْرُهُ ﴾ أو وباله ) ففيه مضاف مقدر أو هو مجاز عن جزائه بل عن جميع المضارّ التي لا ضرر وراءها لأنها كلمة جامعة كما في الكشاف، وأفراد الضمير باعتبار لفظ من لقلتهم وحقارتهم عند الله، ولذا جمع فيما بعده مع رعاية الفاصلة فيه، وقوله يسوّون أي يوطؤنه توطئه الفراس لمن يريد الراحة عليه كقولهم في المثل للمشفق أم فرشت فانامت، وقابل الكفار بمن عمل صالحاً دون المؤمن لأنّ المراد بالعمل ما يشمل العمل القلبي كالإيمان، أو لأنه كناية عنه لأنه لا يخلو عن عمل ما. قوله :( للدلالة على الاختصاص ) لأنّ ضرب الكفر لا يلحق غير صاحبه كما أنّ فائدة العمل الصالح إنما هي لمن عمله، وهذا لا ينافي كونه استئنافا للسؤال عن حال الفريقين لأنّ الزيادة في البيان لا تضرّ مع أنه يجوز أن يقدر السؤال كيف يتفرّقون كما قاله الطيبي. قوله :( علة ليمهدون أو ليصدّعون ) والأوّل ظاهر وإنما يحتاج إلى التوجيه الثاني لأنّ التفريق للفريقين، وما ذ! مخصوص بالمؤمنين فلذا قال والاقتصار الخ والاكتفاء معطوف على الإشعار يعني أنه في قوّة أن يقال وليعاقب الكافرين فإنه يفهم من عدم المحبة، وقوله فإنّ فيه إثبات البغض الخ تعليل لدلالة الفحوى على العلة فإنّ عدم المحبة كناية عن البغض في العرف، وهو يقتضي الجزاء بموجبه، وقوله والمحبة للمؤمنين إشارة إلى ما في الكشاف من أنه تقرير بعد تقرير على الطرد والعكس، وهو كون الجملتين أولاهما مقرّرة بمنطوقها لمفهوم الثانية وبالعكس كقول ابن هانئ :
فما جازه جود ولا حل دونه ولكن يصير الجود حيث يصير
وقد فصل في المصباح. قوله :( وتثيد اختصاص الصلاح ) بالفريق الثاني المفهوم من المقابلة والتأكيد بتكراره في من عمل صالحا وعملوا الصالحات، وكان الظاهر الإضمار وأن يقال ليجزيهم وتأكيد مبتدأ خبره قوله تعليل له والمفهوم صفته أي لم يضمر، وأتى بالظاهر المؤكد لبيان أنّ علة الجزاء عملهم الصالح على قاعدة التعليق بالمشتق في إفادة أنّ مبدأ
الاشتقاق علة له، وقوله تفضل محض لأنه لا يجب عليه شيء عند أهل الحق، وقوله وتأويله ردّ على الزمخشريّ وغيره من المعتزلة القائلين بالوجوب إذ أوّلوا الفضل بالعطاء الشامل للواجب أو بالزيادة على ما يستحقونه من الثواب. قوله :( الشمال ) بفتح الشين والميم، وبعدها ألف أو بسكون الميم وبعدها همزة، وأصول الرياح أربعة كما ذكره المصنف والثلاثة الأول تلقح السحاب الماطر وتجمعه فلذا كانت رحمة وكان اكثر ذكرها مجموعة إذا أريد الرحمة ومفردة إذا أريد العذاب وقد ورد خلافه أيضاً كقوله :﴿ وَجَرَيْنَ بِهِم بِرِيحٍ طَيِّبَةٍ ﴾ [ سورة يونس، الآية : ٢٢ ] وقوله ولسليمان الريح والحديث المذكور أخرجه البيهقيّ والطبرانيّ وهو ضعيف لكنه ورد من طرق تجبر ضعفه، وقوله فانها الخ تعليل لتفسيره بالثلاثة وقوله على إرادة الجنس يعني به أنه في معنى الجمع، ولذا قيل مبشرات فهو لا يخالف الحديث ولا القراءة المشهورة. قوله :( يعني المنافع التابعة لها ) أي للمبشرات كتذرية الحبوب وتجفيف العفونة وسقي الأشجار إلى غير ذلك من اللطف والنعم وما بعده داخل فيه، ولذا مرّضه لأنه لا وجه للتخصيص فيه، والروح بفتح الراء الراحة والعلة المحذوفة لتبشركم، وقوله باعتبار المعنى لأنه قد يقصد بها التعليل كزرته كريماً فانّ المعنى لكرمه والفعل المضمر تقديره ويرسلها ليذيقكم ولم يجعله معطوفا على جملة ومن آياته أن يرسل الخ بتقدير وليذيقكم أرسلها أو فعل ما فعل لأنّ المقصود اندراجها في الآيات وقيل الواو زائدة وفاعل دل قوله ولتجري الخ لقصد لفظه لا ضمير يرسل على أنّ التقدير ولتجري الرياح ليذيقكم، وهو بعيد ولا بطلان فيه كما توهم وأمّا ترجيحه بأنّ جري الفلك والابتغاء من الفضل لا تعلق له بإرسال الرياح المبشرات فليس بشيء لأنّ المقدر ليس هو يرسل الرياح فقط مع أنه لا يلزم تخصيص التبشير بالمطر ولا تعميمه لكل الناس، وقوله ولتشكروا تقدم تأويله. قوله تعالى :( ﴿ وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا ﴾ الخ ) اعتراض لتسليته ﷺ بمن قبله على وجه يتضمن الوعد له والوعيد لمن عصاه، وقوله إلى قومهم المراد به أقوامهم
وأفرد لعدم اللبس، وقوله فانتقمنا الخ الفاء إمّا فصيحة والتقدير فعصاه أكثر قومه فانتقمنا الخ أو هي تفصيل للعموم بأنّ فيهم مجرما مقهوراً ومؤمنا منصورا. قوله :( إشعار الخ ) أي في هذا الكلام إشعار الخ ووجه الإشعار أنّ نصرهم على عدوّهم


الصفحة التالية
Icon