ج٧ص١٦٤
العارف باساليب الكلام وأما ما قيل من أن ما في الكشاف بعيد إلا أن يحمل فعلهم على الرياء فليس بشيء لأنّ فعلهم ذلك خوفاً على أنفسهم لأن النبي ﷺ ومن معه لو لم يغلبوا لم يكن لهم من يمنع الأحزاب عنهم، ولا من يحمي حوزتهم فلا حاجة إلى حمله على الرياء مع أنه لا يلائم كلامه، وقوله أو النفقة وقع في نسخة عطفه بالواو وله وجه. قوله :( جمع شحيح ) على غير القياس إذ قياس فعيل الوصف المضاعف عينه ولامه أن يجمع على أفعلاء كضنين وأضناء وقد سمع أشحاء أيضاً، وقوله ونصبها أي أشحة وفيه وجوه أن ينصب بمقدّر على الذمّ أو على الحال من فاعل يأتون أو من ضمير هلم إلينا أو يعوّقون مضمرا أو من المعوّقين أو القائلين ورد هذان بأن فيهما الفصل بين أبعاض الصلة، وفيه كما قيل إن الفاصل من متعلقات الصلة وإنما يظهر الردّ على كونه من المعوّقين لأنه عطف على الموصول قبل تمام صلته، وقرأ ابن أبي عبلة أشحة بالرفع على أنه خبر مبتدأ مقدّر أي هم أشحة. قوله :( في أحداقهم ) وفي نسخة باحداقهم والحدقة سواد العين فإن كانت الأحداق بفتح الهمزة جمع حدفة فالنسخة الثانية ظاهرة لأن الباء للتعدية والمعنى تدير أعينهم أحداقهم أو للمصاحبة، وأما الأولى وهي المشهورة فقد أورد عليها أن الأحداق في العيون لا العكس والقلب غير مناسب هنا، ولذا قيل إنه تحريف والعبارة كانت أي التفسيرية على أنه تفسير للعين بالحدقة، ولو قرئ الأحداق بكسر الهمزة مصدر أحدق إليه إذا أحدّ النظر لم يرد عليه شيء لكن المشهور المتحديق حتى قال المطرزيّ قال الحجاح وقد ارتج عليه قد هالني كثرة رؤسكم وإحداقكم إليّ بأعينكم والصواب تحديقكم إليّ، وقال ابن الجوزي في غلطاته إنها عامية، وفي نظر لأن الحجاج فصيح يستدل بكلامه، وقد ذكر الأحداق الراغب وصاحب القاموس مع أنه يكفي لمثله تداوله في الاستعمال. قوله :( كنظر المغشي عليه الخ ) يعني أن قوله كالذي الخ صفة مصدر مع تقدير مضاف أو مضافين بعد الكاف أي نظروك نظراً
كنظر الذي يغشى عليه أو دوراناً كدوران عين الذي يغشى عليه، وقدم الأوّل لموافقته لما صرّح به في سورة القتال، وقوله أو مشبهين به أي هو حال من ضميرهم وما بعده على أنها حال من الأعين، وقوله من معالجة سكرات الموت تفسير لقوله من الموت على أنه أطلق على مفدّماته أو إشارة إلى تقديره في النظم. قوله :( خوفاً ولو أذابك ) تعليل لقوله ينظرون أو تدوروا اللواذ إلا لنجاء ومنه الملاذ للملجا، وقوله ضربوكم أصل السلق بسط العضو ومده للقهر سواء كان يداً أو لساناً كما قاله الراغب فسلق اليد بالضرب وسلق اللسان بإعلان الطعن والذمّ، ولذا قيل للخطيب مسلاق فتفسيره بالضرب مجاز كما يقال للذمّ طعن، والحامل عليه توصيف الألسنة بقوله حداد، ويجوز أن يشبه اللسان بالسيف على طريق الاستعارة المكنية، ويثبت له الضرب تخييلاً وذربة بفتح فكسر للراء المخففة، ثم موحدة بمعنى محدّدة مسنونة، وقوله يطلبون الغنيمة تفسير للمراد من قوله سلقوكم وقوله على الحال أي من فاعل سلقوكم، وقوله ويؤيده أي الذمّ لأنه خبر مبتدأ والجملة مستأنفة لا حالية كما هو كذلك على الذمّ وقوله مقيد من وجه يعني أنّ تغاير القيدين جعلهما متغايرين، وفي نسخة مفيد بالفاء والمعنى واحد. قوله :( إخلاصاً ) فسره به لأنهم منافقون باطناً مؤمنون ظاهرا، وقوله فأظهر بطلانها لأنها باطلة قبل ذلك إذ صحتها مشروطة بالإيمان وهم مبطنون الكفر فقوله إذ لم تثبمض لهم أعمال مبالغة في عدم الاعتداد بها لكونها هباء منثورا ويصح أن يقرأ مجهولاً من أثبته أي لم يكتب لهم أعمال عند الله لأنها غير مقبولة والفاء لا تأباه وإنما لم يفسره به على الأوّل لأنّ هذا أبلغ، وقوله أو أبطل الخ فالأعمال ما عملوه نفاقاً وتصنعاً وإن لم يكن عبادة والمقصود من قوله وكان ذلك على الله يسيرا التهديد والتخويف. قوله :( وقد انهزموا ) حال من ضمير ينهزموا، وقوله ففروا معطوف على قوله يظنون أي يحسبون، وقد تبع فيه الزمخشريّ وفيه إشارة إلى أنّ في النظم مقدرا وهو قوله ففروا وقد ردّه الطيبي رحمه الله بأنه لم ينقل فرار أحد منهم في السير ولا في التفاسير فإمّا أن يكون ظفر برواية فيه أو أخذه من النظم كقوله والقائلين لإخوانهم هلمّ إلينا لدلالته على أنهم خارجون عن معسكره عليه الصلاة والسلام لحثهم لإخوانهم على اللحاق بهم، وقوله ولو


الصفحة التالية
Icon