ج٧ص١٧٥
فعلم منه أنّ المنفي الأبوّة الحقيقية، وما قيل من أنّ قوله لو كان له ابن بالغ ناظر إلى الوجه الأوّل من الجواب عن النقض، وأما على الثاني فيجوز أن يقال كما أنّ قوله رسول الله يفيد كونه أبا لأمته من الحيثية التي ذكرها يفيد قوله خاتم النبيين امتداد هذه الأبوة إلى القيامة، وهذا لا يحصل من قوله رسولط الله وهو دفع لما أورد من أنّ الثاني لا ينتظم مع التأكيد يعني أنه لما قال إنه ليس أبا حقيقيا قال لكنه أب من حيث شفقته فما ذكر مؤكد للأبوة المثبتة لا للمنفية إذ لا يتعين ذلك فإنّ قوله رجاله لا رجالكم الخطاب فيه للأمة وأولاده من أمته فيدخلون في رجالكم ( قلت ( هذه مغالطة باردة لأن الإضافة للعهد الخارجي فالمراد به من أولاده لا من أولادكم.
قوله :( ولا يقدح فيه نزول عيسى الخ ) أي لا يقدح في كونه خاتم النبيين ما ذكر، وقيل
عليه كونه على دينه لا ينافي استقلاله في الرسالة كما لم يناف ذلك أوّل بعثته مع أمره بالعمل بالتوراة فالجواب هو أنه كان نبيا قبله لا بعده فلا ينافي كونه خاتماً للأنبياء على معنى أنه آخرهم بعثة، والجواب بأنّ ما ذكره المصنف رحمه الله جواب واحد وقدم قوله لأنه الخ اهتماماً به، ثم أشار بمع الدالة على المتبوعية إلى أن ما بعدها هو العمدة في الجواب وسياق المصنف رحمه الله ينادي على خلافه فالظاهر أن المراد من كونه على دينه انسلاخه عن وصف النبوّة، والرسالة بأن يبلغ ما يبلغه عن الوحي وإنما يحكم بما يلقي عن نبينا، ولذا لم يتقدم لإمامة الصلاة مع المهدي فلا يتهم ورود ما ذكر بوجه. قوله :( ينلب الأوقات ) يعني أنّ كثرته بالعدد وكونه في أغلب الأوقات فجعل الأوقات مغلوبة مجازا وبجوز نصب الأوقات على الظرفية أي يغلب على غيره في الأوقات، وقوله ويعمّ الأنواع يعني إنّ كثرته بكثرة أنواعه، وقوله بما هو أهله في نسخة أنواع ما هو أهله وهما بمعنى، والجملة صفة ذكراً مفسرة له والضمير المرفوع لله والمجرور للموصول، وهو أولى من عكسه وان جازوا لتمجيد التعظيم بما يليق فهو من ذكر العام بعد الخاص. قوله :( خصوصاً ) إشارة إلى أنه يجوز أن يراد العموم كما يقال صباحا ومساء بمعنى دائما. قوله :( لكونهما مشهودين ) أي يحضرهما ملائكة الليل والنهار لالتقائهما فيهما، وهذا يدل على فضلهما وأما قوله ﷺ :" يتعاقبون فيكم ملائكة بالليل والنهار " فدلالته على ما ذكر محل نظر، وقوله لأنه العمدة إذ هو تنزبه وتخلية مقدمة على غيرها، وقوله وقيل الفعلان أي اذكروا وسبحو. ومرضه لأنه على تفسيره بغلبة الأوقات يكون شاملا لهما فلا حاجة لتعلقه بالأوّل على التنازع. قوله :( وقيل المراد بالتسبيح الصلاة ) بإطلاق الجزء على الكل ومرضه لأنه تجوز من غير ضرورة. قوله :( وملانكتة ) معطوف على الضمير في يصلي للفصل
بينهما لا على ما هو، وقوله بالرحمة تفسير لصلاة الله بالاستغفار لصلاة الملائكة كما هو المشهور، وقوله والاهتمام الخ راجع لهما يعني أن المراد بالصلاة هنا معنى مجازي شامل لهما فهو من عموم المجاز لا من استعمال اللفظ في معنييه، وان كان جائزا في مذهبه لكن الاهتمام من الله يقتضي رحمتهم ومن الملائكة يقتضي الاستغفار لهم، واليه أشار بقوله والمراد الخ وهو مراد صاحب الكشاف كما حمله عليه الطيبي رحمه الله وان كانت عبارته ظاهرة في خلافه فلا يرد عليه أنه مخالف لمذهبه فيحتاج إلى ما وجهه به شراحه من أنّ الفاعل لتعدده يصيره كتعدد لفظ يصلي، وهو مخالف لكلامهم، أو هو من المشاكلة كقوله خذوا حذركم وأسلحتكم وان كان لكل وجهة. قوله :( مستعار ) أي لفظ الصلاة بمعنى الدعاء لأنه الأشهر، والمراد بالاستعارة معناها المشهور فإنّ العناية تشبه الدعاء لمقارنة كل منهما للميل، أو المعنى اللغوي ليشمل المجاز المرسل لأنّ الدعاء مسبب عن العناية فذكر المسبب وأريد السبب. قوله :) وقيل الترحم ) معطوف على قوله والمراد بالصلاة الخ أي المراد بها هنا الترحم وأصله عطف صلويه، وهما عرقان في منتهى الفخذ ينعطفان من المنحنى ومنه المصلى في خيول الحلية لأن رأسه محاذية لصلا ما يقدمه، ثم وضعت للصلاة المعروفة لما فيها من الانحناء والانعطاف في الركوع والسجود، وصارت حقيقة مشهورة فيها، ثم تجوز بها من الانعطاف الصوري إلى الانعطاف المعنوي، وهو الترحم والرأفة وقال الطيبي هذا أقرب لقوله :﴿ لِيُخْرِجَكُم مِّنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ ﴾ [ سورة الحديد، الآية : ٩ ] الخ لأنه نص عليه بقوله وكان


الصفحة التالية
Icon