ج٧ص١٩٠
وهذا ماخوذ من النبأ لأنه الإخبار بأمر مستغرب، وتنكير رجل لتنزيلهم قائله منزلة من لا يعرف حتى كأنه رجل غريب يحدثهم بما يحكي للهزؤ والسخرية، ولذا قالوا استهزاء وتهكماً هل ندلكم كأنه لكونه لا يعبؤ به مجهول المكان محتاج لدلالة دليل عليه قيل، وحذفوا المنبأ عنه ظاهراً إشارة إلى أنه مما لا يتفوّه به وفيه نظر وما قيل إنه من دلالة المقام لا الكلام من بعض الأوهام. قوله :( كل تمزيق وتفريق ) إشارة إلى أنّ ممزق مصدر ميمي، وقوله وتقديم الظرف يعني إذا والمراد بتقديمها إيقاعها مقدّمة في المنبأ به لا أنها كانت مؤخرة فقدمت لأنها
قيد لما بعدها معنى، وحقه التأخير عما قيد به فهو كقولهم ضيق فم الركية ويدل عليه جعل عاملها محذوفاً لا ما ذكر بعدها ولولاه كان كلامه متناقضاً، فما قيل عليه من أنّ الشرطية حقها التقديم فما الحاجة إلى لعذر ولا حاجة إلى الإخراج عن معنى الشرط، وقد أضمر جزاؤها ناشئ من عدم التأمّل في كلامه، وكذا ما قيل من أنه يجوز اعتبار تقديمها على كونها شرطية معمولة للجزاء حتى قال الشريف في شرح المفتاح إنه على هذا القول يجوز أن يفيد الحصر في نحو إذا خلوت قرأت فإنه مع بعده لا يوافق ما ذكره المصنف، واذا الشرطية إذا كان جوابها جملة اسمية يقترن بالفاء كما صرّحوا به إلا أنه قال في شرح المفتاح أنها تركت هنا لأنه بمعنى تجدد خلقكم فعدل إلى الاسمية للدلالة على التحقق، وفيه نظر لأنها لو اقترنت بالفاء لم تزل دلالتها على التحقق فتأمّل. قوله :( وعامله محذوف ) كتبعثون أو تحشرون مقدر قبلها إن لم تكن شرطية وبعد هذا الكلام على أنه جواب إن كانت شرطية، وقوله للدلالة على البعد أي بعد المدعي في أوّل الأمر من تجديد الخلق فإنّ تفريقهم غاية التفريق يبعد الإعادة، والمبالغة من قوله كل ممزق، وقوله وعامله محذوف مرّ تقديره، وقوله فإنّ ما قبله يعني ينبئكم أو يدلكم، وقوله لم يقارنه يعني أنّ التنبئة ليست في وقت التمزيق وما بعده أي بعد إذا من الجملة مضاف إليه والمضاف إليه لا يعمل في المضاف أو ما هو في موقع الجواب، وهو مصدر بأنّ وهي لها الصدر فلا يعمل ما بعده فيما قبله من خلق أو جديد، وما ذكره المصنف مما ارتضاه بعض النحاة قال الطيبي قال السجاوندي : إذا إنما تعمل فيما بعدها إذا كان مجزوما بها وهو مخصوص بالضرورة فلا يخرج عليه القرآن فإذا لم تجزم كانت مضافة، والمضاف إليه لا يعمل في المضاف فسقط ما قيل إنا نمنع الإضافة فإنهم أجمعوا على أنها إذا جزمت لا تضاف فما الدليل على وجوب الإضافة إذا لم تجزم، وقد عزا ابن هشام كون عامل إذا فعل الشرط إلى المحققين مع أنه بناء على شرطيتها، وقد تقدم أنها لمحض الظرفية ثم إنّ الجملة الشرطية بتمامها معمولة لينبئكم لأنه بمعنى يقول لكم كما ذكره المعرب. قوله :( يحتمل أن يكون مكاناً ) أي اسم مكان لا مصدراً فينتصب كل على الظرفية لأنّ كلاً لها حكم ما تضاف إليه كما في قوله :( ذهب كل مذهب ) وقوله السيول على طريق التمثيل لأنّ أجزاء الميت في قبره إذا تبدّدت، وصارت أجزاء دقيقة إنما ينقلها من مكانها السيل في الأكثر فلا وجه لما قيل إن التمزيق لا اختصاص له بالسيول فكان الأولى أن يقول طرحتكم الرياح، وقوله طرحته أي المذهب وفي نسخة طرحتكم وهي أظهر. قوله :( وجديد بمعنى فاعل ) أي فعيل بمعنى فاعل من جد الثوب، والشيء بمعنى صار جديداً وهو لازم فلا يكون بمعنى مفعول، وقيل بمعنى مفعول من جده بمعنى قطعه، ثم شاع في كل جديد وإن لم يكن مقطوعا كالبناء والسبب في
الخلاف أنهم رأوا العرب لا يؤنثوه ويقولون ملحفة جديد لا جديدة فذهب الكوفيون إلى أنه بمعنى مفعول والبصريون إلى خلافه، وقالوا ترك التأنيث لتأوبله بشيء جديد أو لحمله على فعيل بمعنى مفعول. قوله :( يوهمه ذلك ويلقيه على لسانه ) جعل الجنون موهما وملقياً تجوز لأنه يتخيل لغلبة الخلط السوداوي تخيلات توهمه ذلك أو أنّ أحداً يكلمه ويلقيه عليه، وقوله واستدلّ الخ أي استدلّ به أبو عمرو الجاحظ على أنّ من الكلام الخبري ما هو واسطة بين الصدق والكذب على ما عرف من مذهبه فيه لأنه فابل كلام المجنون بالكذب وهم لا يعتقدون صدقه فيكون غير صادق ولا كاذب وأجابوا عنه بأنّ الافتراء الكذب عن عمد لا مطلق الكذب كما ذكره أهل اللغة فيكون تقسيما للكذب بأنه عن عمد أولاً فلا يثبت ما ذكر هذا محصل كلامه فقوله غير معتقدين الخ حال من ضمير جعلهم وضمير صدقه له كب! أو لخبره والمآل واحد، وقوله بين