ج٧ص١٩٧
المقام، ولذا اختاره في الكشف وفيه نظر. قوله :( معطوفان على كل لا على خمط ( على التفاسير لخمط وعلى تقدير المضاف وعدمه، وتعليله بقوله فانّ الخ على الأوّل دون الثاني لأنه لا اشتباه فيه، وهذا بناء على ما مرّ وقد عرفت ما فيه، والطرفاء بالمد شجر لا ثمر له وهو نوع من الأثل بالمثلثة وثمر الطرفاء المذكور في الطب لا يضر لأنه لا يعتمد على الكتب الطبية في مثله، وقوله ووصف السدر ظاهر إذا كان صفة له وكذا إن كان وصفاً الشيء المبين به فإنه وصف له معنى والجنى الثمر واحده جناة، والنبق بفتح النون وكسر الباء حمل السدر وثمره وهو معروف وتسكن بائه تخفيفا كما قيل :
أرسلت خوخاً به ظللنا تعيش في نعمة ونبقا
يعني أنه لطيب ثمره جعله الله قليلا فيما بدلوا به لأنه لو كثر كان نعمة لا نقمة وإنما أوتوه تذكيراً للنعم الزائلة ليكون حسرة عليهم، ولذا قيل المراد بالسدر نوع منه لا ثمر له يسمى الضال وهو أنسب، وقوله وتسمية البدل جنتين إشارة إلى أنّ الباء داخلة على المتروك وللمشاكلة لأنّ الجنة ما فيه أشجار مثمرة، وقوله بتخفيف أكل أي تسكين الكاف وغيرهما ضمها. قوله :( بكفرانهم ) إشارة إلى أنّ ما مصدرية سوأء كان من الكفر أو الكفران، وقوله إذ
روي الخ اعترض عليه بأنه مخالف لقوله هنا وكان ذلك بين عيسى ونبينا عليهما أفضل الصلاة والسلام سواء قلنا إنه لا نبي بينهما أو بينهما أربعة أنبياء ثلاثة من بني إسرائيل وواحد من العرب، وهو خالف العبسي كما مرّ في المائدة فإنه بعث لقومه وبنو إسرائيل لم يبعثوا للعرب ففيه خلل من وجهين كما قيل إلا أن يقال ما بين عيسى، ونبينا ﷺ هو خراب السد وما ذكر هنا على رواية في جملة قومهم من سبا بن يشجب إلى أن أهلكهم الله أجمعين فتأمّل. قوله :( وتقديم المفعول للتعظيم لا للتخصيص ) المراد بالمفعول ذلك المشار به إلى التبديل ولما كان الجزاء غير مقصور عليه لتمزيقهم الآتي وغيره جعله لتعظيم الجزاء أي عده أمرا عظيما مهولاً كما يدل عليه اسم الإشارة للبعيد أيضا. قوله :( وهل يجازي بمثل ما فعلنا ) يعني ليس المراد بالجزاء هنا ما يشمل الثواب، والعقاب لأنه لا يتأتى معه الحصر بل جزاء مخصوص بجنس ما مرّ وهو العقاب الخاص فلا يتوجه على الحصر إشكال بعد التخصيص، وهو أنّ عصاة المؤمنين يجازون أيضاً على سيئاتهم لأنهم لا يجازون في الدنيا بمثل هذا الجزاء المستأصل مع أنّ العقوبات الدنيوية للمؤمن مكفرات، وليس معاقبا على جميع ما يصدر منه كما أشار إليه في الكشف، وقوله البليغ من صيغة فعول. قوله :( نجازي بالنون والكفور بالنصب ) على أنّ المجازي هو الله والمجازاة المكافأة ولم يرد في القرآن إلا مع العقاب بخلاف الجزاء فإنه عامّ وقد يخص بالخير ونقل الفرق بينهما ابن جنى وأما قول الراغب إنه يقال جزيته وجازيته ولم يجيء في القرآن إلا جزى دون جازى، وذلك لأنّ المجازاة المكافأة وهي مقابلة نعمة بنعمة هي كفؤها ونعمة الله تعالى عن ذلك، ولذا لم يستعمل لفظ المكافأة فيه تعالى فغير ظاهر لأنه يرد عليه ما هنا وهو قول آخر غير ما مرّ عن ابن جنى ومنهم من اختلط ذلك عليه فافهم. قوله تعالى :( ﴿ وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْقُرَى ﴾ الخ ) معطوف بمجموعه على مجموع ما قبله عطف القصة على القصة نذكر أوّلاً ما أنعم به عليهم من الجنتين، ثم تبديلهما بما مرّ ثم ذكر هنا ما كان أنعم به عليهم أيضا قبل هلاكهم بالسيل من جعل بلادهم متصلة بأنزه البلاد وأوسعها، واتصال العمران بن بلادهم والثأم فإنه كما قيل :
بجيرانها تغلو الديار وترخص
ثم عقابهم بجعلها منفصلة عنها. قوله :( متواصلة يظهر بعضها لبعض ) فسره بوجهين الأوّل الاتصال وقرب بعضها من بعض بحيث يظهر لمن في بعضها ما في مقابلته من الأخرى أو أنها جعلت موضوعة على الطرق ليسهل سير السابلة فيها، والفرق بينهما ظاهر. قوله :
( وقدّرنا ) أي جعلنا بين قراها مقادير مساوية فمن سار من قرية صباحا وصل إلى أخرى وقت الظهيرة والقيلولة ومن سار بعد الظهر وصل إلى أخرى عند الغروب فلا يحتاج لحمل زاد ولا مبيت في أرض خالية، ولا يخاف من عدوّ ونحوه وهذا معنى قوله بحيث الخ. قوله :( سيروا فيها ) في إشعار بشدة القرب حتى كانهم لم يخرجوا من نفس القرى، وقوله بلسان الحال كأنهم لما تمكنوا منه جعلوا مأمورين به فالأمر للإباحة والمقال على


الصفحة التالية
Icon