ج٧ص٢٠١
فاتبعوه ولا يخفى بعده وفيه وجوه أخر أقربها ما ذكره المصنف تبعاً للزمخشريّ أنه غاية لما فهم مما قبله كما ورد مصرّحا به في سورة عمّ من أنّ ثمة موقفاً مهولاً عظيماً يقومون منتظرين للشفاعة راجين للإذن فيها فلا يزالون كذلك حتى إذا فزع الخ، وقوله كشف الفزع إشارة إلى معنى فزع وأنّ التفعيل فيه للسلب كقردت الجمل إذا رميت قراده، والشافعي والمشفوع لهم تفسير لضمير قلوبهم. قوله :( وقيل الضمير ) أي في قلوبهم للملائكة لأنهم مما عبد ولأنهم من الشفعاء المأذون لهم في
الكلام ومرضه لخفائه، وقوله على البناء للفاعل والفاعل ضمير الله المستتر أي أزال اللّه الفزع عنهم، وقوله وقرئ فرّغ أي بالتفعيل وصيغة المجهول من الفراغ بالفاء والغين المعجمة وهو بمعنى أزيل ونفى أيضا وعن قلوبهم نائب الفاعل وأصله فرغ الوجل عن قلوبهم. قوله :( وهو الإذن بالشفاعة ) تفسير للحق، وقوله لمن ارتضى جار على المعنيين في اللام، وقوله ليس لملك الخ بيان لمناسبته وارتباطه بأوّل الكلام، وقوله يريد به ثقرير الخ أو حملهم على الإقرار بالله تعالى ووجه الإشعار أمره النبيّ ﷺ بأن يجيب وتوليه الإجابة له دونهم كما مرّ. قوله :( من الموحدين الخ ) بيان للفريقين والمتوحد بالنصب مفعول للموحدين وهو عبارة عن الله تعالى، والرزق بالفتح مصدر بمعنى إعطاء الرزق وبالعبادة متعلق بالموحدين والمشركين معطوف على الموحدين والجماد منصوب مفعول للمشركين، والنازل وفي نسخة المنزل صفة الجماد والمراد نزوله في الدرجة السافلة من درجات الممكنات لأنّ منها إنسانا وحيوانا وهو أخسها ومع هذا جعلوه شريكا للّه جل وعزل شأنه، وقوله لعلى أحد الأمرين خبران في كلام المصنف وأمّا في النظم ففيه أقوال فقيل قوله لعلى هدى الخ خبر الأوّل وخبر الثاني محذوف، وقيل على العكس وقيل هو خبر لهما من غير تقدير لأنّ المعنى أنّ أحدنا لفي أحد هذين الأمرين فما الحاجة إلى التقدير من غير ضرورة، وفي كلام المصنف إيماء لهذا، وقيل إنّ ما ذكره بحسب المعنى وما ذكروه مقتضى الصناعة وفيه نظر. قوله :( من الهدى والضلال المبين ) أفرده ليطابق ما في النظم وإن كان وصفا لهما لأنّ الوصف والضمير يلزم إفراده بعد المعطوف بأو وفي نسخة المبينين وهي أظهر، وقوله أبلغ من التصريح لأنه في صورة الإنصات المسكت أي الذي يسكت الخصم لانقطاع حجته وفي نسخة المبكت، وهو بمعناه والمشاغب بالغين المعجمة من الشغب وهو الخصام وتهييج الشرّ، وهذا فن من فنون البلاغة يسمى الكلام المنصف. قوله :( أتهجوه الخ ) هو من قصيدة لحسان بن ثابت وضي الله عنه قالها في فتح مكة وأوّلها :
عفت ذات الأصابع فالجواء إلى عذراء منزلها خلاء
ومنها وهو خطاب لأبي سفيان بن حرب يجيبه عما كان هجا به النبيّ ﷺ قبل إسلامه رضي الله تعالى عنه :
هجوت محمدافأجبت عنه وعند الله في ذاك الجزاء
أتهجوه ولست له بكفء فشركمالخيركما الفداء
هجوت مبرأبراً جميلاَ أمين الله شيمته الوفاء.
إلى آخر القصيدة. قوله :( وقيل إنه على اللف والنشر ( أي المرتب وهو ظاهر، وقوله
وفيه نظر قد بين النظر بأنه لو قصد، للف بأن يكون على هدى راجعا لقوله : إنا وأو في ضلال راجعاً لإياكم كان العطف بالواو ولا بأو وكونها بمعنى الواو كما في قوله :
سيان كسر رغيفه أوكسرعظم من عظامه
بعيد جدا إلا أنه قيل إنه لو جعل فيه إيماء لذلك لم يبعد. قوله :) واختلاف الحرفين
الخ ) يعني قوله على هدى وفي ضلال أدخل علي على الأوّل وفي على الثاني للدلالة على استعلاء صاحب الهدى وتمكنه، واطلاعه على ما يريد كالواقف على مكان عال أو الراكب على جواد وانغماس الضال في ضلاله حتى كأنه في مهواة مظلمة ففيه استعارة مكنية أو تبعية كما مرّ تقرير. في قوله تعالى :﴿ عَلَى هُدًى مِّن رَّبِّهِمْ ﴾ [ سورة البقرة، الآية ت ٥ ] والمنار البناء المرتفع كالمنارة