ج٧ص٢٤٣
والمراد بالفلك الفلك الأعلى لأنها تتحرّك بحركتة. قوله :( يسيرون فبه بانبساط ) أي بسعة لأنّ السبح الأبعاد في السير وقد مرّ في سورة الأنبياء أنه من السباحة على التشبيه فتذكره، وفي شرح أدب الكاتب لابن السيد معنى يسبحون يسيرون فيه بانبساط وكل من بسط في شيء فهو يسبح فيه، ومنه السباحة في الماء اهـ. قوله :( أولادهم ) المراد الكبار منهم لأنهم المبعوثون للتجارة ولمقابلتهم بالصبيان، وقوله أو صبيانكم الخ فالمراد بالذزبة أهل البيت، والاتباع مجازاً فلا جمع فيه بين الحقيقة والمجاز كما قيل وإن كان ذلك جائزا عند الشافعية أو هو تغليب ولم يخصصه بالنساء كما في الكشاف، وان ورد في الحديث إطلاقه عليهن مجازاً إطلاق السماء على المطر أو لعلاقة الحالية، والمحلية كما أشار إليه بقوله لأنهن مزارعها أي لأنّ النساء منشأ الذرية تنشأ كما ينشأ الزرع من منابته لأنّ حمل النساء وحدها غير معتاد، وقوله لأنهن أي النساء فهو تعليل لإطلاق الذرّية عليهن فقط، وترك تعليل إطلاقه على الصبيان لظهوره وفي ضمير مزارعها استخدام لعوده على الذرّية بمعنى الأولاد، وقوله وتخصيصهم توجيه لذكرهم فقط مع عدم الاختصاص بهم، والتماسك الثبات والاستقرار فيها. قوله تعالى :( ﴿ فِي الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ ﴾ ا لا
يخفى مناسبته لقوله قبله في ذلك يسبحون وذكر المشحون أقوى في الامتنان بسلامتهم فيه أو لأنه أبعد من الخطر، وقوله المراد ذلك نوح فهو مفرد وتعريفه للعهد والمراد في الأوّل الجنس ومرضه لأنه محتاج للتأويل بخلاف الظاهر كما أشار إليه بقوله وحمل الله الخ أي معنى حمل الله حينثذ، وأنث ضمير فيها الراجع للفلك لأنه يجوز تأنيثه لكونه بمعنى السفينة. قوله :( وتخصيص الذرية الخ ) أي على هذا الوجه حمل ذريتهم خص بالذكر لأنه أبلغ في الامتنان لأنّ استقرارهم فيها وتماسكهم أصعب ولتضمنه بقاء عقبهم، والتعجب من الآية لأنها أمر يتعجب منه وبقاء نسلهم ونجاتهم بسفينة واحدة أعجب، والإيجاز لأنه كان الظاهر أن يقال حملناهم ومن معهم ليبقى نسلهم وعقبهم فذكر الذرية يدل على بقاء النسل، وهو يستلزم سلامة أصولهم فدل بلفظه القليل على معنى كثير. قوله :( من الإبل ) هو على التفسيرين السابقين لا على أن المراد بالفلك الجنس كما توهم إذ لا وجه لتخصيصه به، وقوله فإنها سفائن البر لكثرة ما تحمل لا لتبليغها للمقصود فإنه لا يختص بها، وقد شاع إطلاق السفينة عليها كما قيل : سفائن برّ والسراب بحارها
قوله :( أو من السفن والزوارق ) جمع زورق وهو السفينة الصغيرة وهذا على الثاني وهو
أن يراد بالفلك سفينة نوج عليه الصلاة والسلام ولا يبعده قوله خلقنا لأنّ أفعال العباد مخلوقة لله وتبادر الإنشائية ممنوع. قوله :) فلا مغيث لهم ) إشارة إلى أن الصريح يكون بمعنى المغيث وبمعنى الصارخ، وهو المستغيث فهو من الأضداد كما صرح به أهل اللغة ويكون مصدرا بمعنى الإغاثة لأنه في الأصل بمعنى الصراخ وهو صوت مخصوص وكل منهما صحيح هنا، واعتراض أبي حيان على الثاني بأنه يحتاج إلى نقل أنّ الصريح يكون مصدراً بمعنى الصراخ لا يدفعه أنّ الزمخشريّ ثقة يعتمد عليه فإنه لا يستدلط بمحل النزاع، ولا يلزم من كون الصريح بمعنى المغيث أن يكون بمعنى الإغاثة إذا كان مصدراً لأنه مصدر الثلاثي فالذي يدفعه أنّ الصريخ كالصراخ مصدر للثلاثي وتجوّز به عن الإغاثة لأنّ المغيث ينادي من يستغيث به، ويصرخ له ويقول جاءك العون والنصر وقد ورد بهذا المعنى قال المبرد رحمه الله في أوّل الكامل قال سلامة بن جندل :
كنا إذا ما أتانا صارخ قرع كان الصراخ له فزع الطنابيب
يقول إذا أتانا مستغيث كانت إغاثته الجد في نصرته، اهـ ولا عطر بعد عروس. قوله :
( كقولهم أتاهم الصريخ ) قيل عليه أنه لا يصلح دليلا للمدعي لجواز كون الصريح فيه بمعنى
المغيث بل أتاهم أظهر فيه من معنى المصدرية، وليس بشيء لأنّ وروده مصدراً بمعنى الصراخ صرّحوا به، والمناقشة في المثال ليست بمرضية عند أرباب التحصيل فإنه لم يستدل به، وقوله ينجون بالتخفيف والتشديد والثاني أنسب. قوله :( إلا لرحمة ولتمتيع ) وفي نسخة وتمتيع بدون إعادة الجار يعني أنه منصوب على أنه مفعول له وهو استثناء مفرع من أعمّ المفاعيل والظاهر أنه استثناء متصل، وقيل إنه منقطع أي ولكن رحمة من ربي هي التي تنجيهم كما مرّ في الأنعام وجوّز فيه كونه بتقدير الباء على الحذف والإيصال، وقيل إنه منصوب على المصدرية لفعل مقدّر.


الصفحة التالية
Icon