ج٧ص٢٤٥
الصاد من خصم الثلاثي وهذه مروية أيضاً عن أبي عمرو وقالون كما في البحر، والمفعول محذوف أي يخصم بعضهم بعضاً وحذف المضاف إلى الفاعل فارتفع الضمير المجرور واستقرّ، وتفصيله كما في الحجة أنّ ابن كثير وأبا عمرو قرآبفتح الياء الخاء غير أنّ أبا عمرو يختلس حركة الخاء قريبا من قول نافع، وقرأ عاصم والكسائي وابن عامر بفتح الياء وكسر الخاء وهذه رواية خلف وغيره عن يحيى عن أبي بكر وقرأها نافع ساكنة الخاء مشذدة الصاد وورس بفتح الياء والخاء مشذدة الصاد وحمزة ساكنة الخاء خفيفة الصاد، وعن عاصم أنه قرأ بكسر الياء والخاء ويهدي بكسر الياء والهاء وقال أبو عليّ : من قال يخصمون حذف الحركة من الحرف المدغم وألقاها على الساكن، وهذا أحسن الوجوه بدليل قولهم ردّ وعض فألقوا حركة العين على الساكن، ومن قال يخصمون حذف الحركة إلا أنه لم يلقها على الساكن كما ألقاها الأوّل ولو جعله بمنزلة قولهم مسنا السماء حذف الكسرة من العين، ولم يلقها على الحرف الذي قبلها فلما لم يلقها التقى ساكنان فحرك ما قبل الحرف المدغم، ومن قال : يخصمون جمع بين الساكنين الخاء والحرف المدغم، ومن زعم أنّ ذلك ليس في طاقة ادّعى ما يعلم فساده بغير استدلال فأما من تال : يخصمون فتقدير. يخصم بعضهم بعضاً فحذف المضاف والمفعول به وهو كثير، ويجوز أن يكون المعنى يخصمون مجادلهم عن أنفسهم فحذف المفعول ومعنى يخصمون يغلبون في الخصام خصومهم، فأما يخصمون فعلى قول من قال أنت تخصم يريد تختصم فحذف الحركة وحركت الخاء لالتقاء الساكنين لأنه لم يلق الحركة المفتوحة على الفاء، وكسر الياء التي للمضارعة لسبقها كسرة الخاء وهذه لغة حكاها سيبويه عن الخليل وهذه الياء كسرت في مواضع حكاها سيبويه في يسبأ وينحل ويخصمون ا هـ، وتوصية مفعول به ليستطيعون أو مفعول مطلق لفعل مقدّر وتبغتهم بالغين المعجمة أي تفجؤهم.
قوله :( إلى ربهم ينسلون ) لا منافاة بين هذا وبين ما وقع في آية أخرى فإذا هم قيام ينظرون لأنهما في زمان واحد متقارب قيل، وذكر الرب في موقعه للإشارة إلى إسراعهم بعد الإساءة لمن أحسن إليهم حين اضطرّوا له وقوله بالضم أي ضم السين، ومرقدنا قال المعرب يجوز أن يكون مصدرا بمعنى رقادنا وأن يكون مكاناً فهو مفرد أقيم مقام الجمع والأوّل أحسن لأنّ المصدر يفرد مطلقاً. قوله :( يمعنى أهبنا ) ظاهره أنه يكون متعدّيا كالمزيد، وقد قال ابن جنى أني لم أر له أصلاً ولا مر بنا في اللغة مهبوب إلا أن يكون على الحذف والإيصال وأصله هب بنا أي أيقظنا. قوله :( وفيه ترشيح ورمز الخ ) أي فيما ذكر على قراءة هبنا وأهبنا أو على القراآت إشارة إلى أنّ في المرقد اسنعارة أصلية إن كان مصدوا وتبعية، إن كان اسم مكان شبه الموت بالرقاد ثم استعير له اسمه ووجه الشبه الاستراحة من الأفعال الاختيارية وهي في المشبه به أقوى، وإن توهم بعضهم أنه ليس بأقوى لظن إنه عدم ظهور الأفعال وهي في الموت أقوى، وأما كونه البعث وهو في النوم أقوى وأشهر إذ لا شبهة فيه لأحد والقرينة صدوره من الموتى فمع أنه غير موافق لكلام المصنف لأحسن فيه لأنّ البعث القيام من النوم والقبر وهي حالة مضادّة له فلا يحسن جعلها وجهاً في غير الاستعارة التهكمية، وليس هذا منها مع أنه لا يشترط فيه كونه أقوى فقط بل أو أشهر وأعرف، ولا شك أنه أعرف في النوم لتكرّره على الحس، وأما كون البعث ترشيحاً على التوجيه الثاني ففيه نظر لأنه لا اختصاص له بالنوم ولا بالموت فكما لا يصلح أن يكون قرينة لا يصلح أن يكون ترشيحاً فمن جعله ترشيحا فلعله لكونه أعرف في النوم من غير منكر له أو لأنه مشترك فيهما فلا يدل على أحد معنييه بدون قرينة، وذكره مع الرقاد يتبادر منه معنى الهبوب من النوم فيكون ترشيحا، أو هو حقيقة وهذا مجاز ألحق بالحقيقة في لسان الشرع، وما قيل من أنّ المراد بالترشيح معناه اللغوي إذ لا تشبيه هنا ولا استعارة فلا معنى له أص!لأ. قوله :( أو إشعار ) هذا وجه آخر بناء على أنهم قالوه لظنهم لاختلاط عقولهم أنهم كانوا نياما فهو على حقيقته، وأما على النسخة الأخرى وهي عطفه بالواو لا بأو فإمّا أن يقال الواو بمعنى أو ويقال هذا إشعار بأنهم على حال من شأنها ذلك لا أنه وقع منهم ذلك الظن الذي ألحقه بالحقيقة في الواقع، والظاهر أنّ النسخة الأولى هي الصحيحة لسلامتها من التكلف، وتوهم النوم لأنه كالراحة بالنسبة لما بعده، وما روي من أنّ البشر لهم نومة قبل الحشر غير صحيح كما في البحر، وما قيل من أنه


الصفحة التالية
Icon