ج٧ص٢٥١
مقابلته بالكافرين ويجوز كونه على هذا مجازاً مرسلا لأنه سبب للحياة الحقيقية الأبدية وفي كلامه إيماء له، وقوله في علم الله توجيه للمضي في كل على الثاني بأنه باعتبار ما في علمه لتحققه، وقيل إنه من مجاز الأول أو المشارفة فأطلق مؤمنا على من سيؤمن، وقيل إن كان فيه بمعنى يكون وقوله وتخصيص أي على الوجهين أو على الثاني، ويحق القول مرّ تحقيقه. فوله :( المصرين على الكفر ( فسره به لأنهم هم الذين يجب تعذيبهم بمقتضى الوعيد ويؤخذ من المقابلة على الثاني، وأما الصيغة فلا دلالة لها عليه كما قيل، وقوله إشعار الخ الإشعار من التقابل ويجوز أن يجعل استعارة مكنية قرينتها استعارة أخرى. قوله :( أولم الخ ) معطوف على مقدر أي ألم يعلموا بدائع صنعنا لأنه معلوم مما مرّ، وقيل إنه
معطوف على قوله :﴿ أَلَمْ يَرَوْا كَمْ أَهْلَكْنَا ﴾ الخ والأوّل للحث على التوحيد بالتحذير من النقم وهذا بالتذكير بالنعم، وقوله تولينا إحداثه الخ إشارة أنّ عمل الأيدي مجاز عما ذكر كما سنبينه، والحصر المذكور من إقحام الأيدي ودلالة المقام والظاهر إنه استعارة تمثيلية لكن كون ذكر الأيدي والإسناد استعارة تسمح إذ مجموع عملت أيدينا على هذا استعارة وليست الاستعارة من قبيل :﴿ طَلْعُهَا كَأَنَّهُ رُؤُوسُ الشَّيَاطِينِ ﴾ كما قيل، ويجوز أن يكون من المجاز المتفرع على الكناية بأن يكنى عن الإيجاد بعمل الأيدي فيمن له ذلك ثم بعد الشيوع يستعمل لغيره، وأمّا التجوّز في الأيدي وحدها فلا وجه له. قوله :( مبالغة في الاختصاص الخ ( لأنّ المجاز أبلغ من الحقيقة، وقوله هذا شيء عملته بيدي يدل على التفرد كما هو معروف في الاستعمال أي لا مدخل لغيري فيه لا خلقاً ولا كسبا، والمراد بالأنعام الأزواج الثمانية، وبديع خلقها مشاهد وكذا كثرة نفعها فلذا خصت دون غيرها وهذا كقوله أفلا ينظرون إلى الإبل كيف خلقت. قوله :( متملكون الخ ) فهو بمعناه المعروف، وإنما قال : بتمليكنا بيانا للواقع ولما به الامتنان أو هو بمعنى التمكن من التصرف فالملك بمعنى القدرة والقهر من ملكت العجين إذا أجدت عجنه ومنه قوله أملك رأس البعير أي أمسكه وأضبطه، وأخره لأنّ قوله وذللناها الخ على هذا يكون تأكيدا. قوله :( أصبحت الخ ) هو من قصيدة للربيع بن منيع الفزاري يصف كبره وعلوّ سنه، وقد سئل عن حاله وكان من المعمرين لا لابن هرمة كما في شرح الكتاب وأوّله :
أصبح مني الشباب مبتكرا إن يناعني فقدثوى عصرا
فارقنا قبل أن نفارقه لمامضى من جماعناوطرا
أصبحت لا أحمل السلاح ولا أملك رأس البعير إن نفرا
والذئب أخشاه إن مررت به وحدي وأخشى الرياح والمطرا
قوله :( مركويهم ) فهي فعول وفعولة بمعنى مفعول وليس الثاني جمعاً للأوّل لأنه لم يسمع فعوله في الجمع ولا في أسماء الجموع، وعلى القراءة بالضم فهو مصدرك القعود فيه مضاف مقدر أو مؤوّل بالمفعول أو في قوله فمنها مضاف مقدر وهو منافع، ومن ابتدائية أو تبعيضية لكن المصنف رحمه الله جعلها تبعيضية فتأمّل. قوله :( أي ما يثلون لحمه أليس مراده
أنّ الموصوف حذف، وبقيت صلته لأنه ممنوع عند بعض النحاة بل هو بيان للمعنى وأنّ التبعيض قبله باعتبار الجزئيات، وهنا باعتبار الأجزاء، وليس للإشارة إلى أنّ الفعل موضوع موضع المصدر، وهو بمعنى المفعول للفاصلة إذ لا داعي له فإنّ الجملة معطوفة على الجملة قبلها من غير تأويل وإنما غير الأسلوب لأنه عام فيها جميعها، وكثير مستمر بخلاف الركوب وغير.. قوله :( من اللبن ) خص مع دخوله في المنافع لشرفه واعتناء العرب به وجمع لتعدد ألبانها وللإشارة إلى أنها جميعها مشروبة، وهو تفسير لحاصل المعنى لأنه إذا كان موضعا فالمشارب هي نفسها لقوله فيها فإنها مقره، واذا كان مصدراً فهو بمعنى المفعول وتعميم المشارب للزبد والجبن لا يصح إلا بالتغليب أو التجوّز لأنها غير مشروبة، ولا حاجة إليه مع دخولها في المنإفع، وقوله نعم الله مفعوله المقدّر وذلك ما مرّ من التذليل والخلق ونعمة سائر المنافع كما يدل عليه ما بعد. ، وقوله بعدما رأوا الخ إشارة إلى أرتباطه بقوله أولم يروا وانّ الاستفهام فيه إنكاريّ فهو في المعنى إثبات للرؤية وعلمهم تفرده بها أي يخلقها لقوله تعالى :﴿ وَلَئِن سَأَلْتَهُم مَّنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ ﴾ [ سورة لقمان، الآية : ٢٥ ] وقوله


الصفحة التالية
Icon