ج٧ص٢٥٤
هذه الآية بحسب الظاهر قيل المراد بالعظام هنا صاحبها بتقدير، أو تجوّز أو المراد بإحيائها ردّها لما كانت عليه غضة وطبة في بدن حيّ حساس، والثاني أنّ نجاسة الميتة ليست لعينها بل لما فيها من الرطوبة
والدم السائل والعظم ليس فيه ذلك فلذا لم يكن نجسا وهذا لا يرد عليه شيء إلا أنه غير مسلم عند الشافعيّ، وتمام تفصيله في الفروع، ومن هذا علمت جوابه فيما استدلّ به لكن قيل الدليل في الحقيقة قل يحييها فلو أخره كان أولى، وفيه نظر وفي قوله قل يحييها قياس جليّ.
تنبيه : ذكروا أن الشافعيّ قال العظم والشعر تحله الحياة وقال الحنفية لا حياة فيهما واستدل الشافعي بهذه الآية وأجابوا بأنّ معناها يحيى صاحبها أو المراد بإحيائها إعادتها لحالها الأولى وفيها دليل على المعاد، وكان الفارابي يقول وددت لو أنّ أرسطوا وقف على القياس الجليّ في الآية، وهو الله أنشأ العظام وأحياها أوّل مرّة وكل من أنشأ شيئا أوّلاً قادر على إنشائه وإحيائه ثانياً فينتج اًنّ الله قادر على إنشائها واحيائها بقواها، وهذا مما اختصت به هذه السورة وإن قلنا سبب النزول الوارد لا بد من دخوله فكيف يتأتى ما قاله الحنفية قلت لا مانع من دخوله بتأويل إحيائها بإعادتها لحالها الأولى فتدبر. قوله :( فإنّ قدرته الخ كما كانت ) خبر أن وتذكير ضمير القدرة في قوله لامتناع التغير فيه لتأويله بالمذكور، وامتناعه لأنها صفة ذاتية قديمة، وقبول المادّة لتاثير القدرة فيها لازم لها لأنه لإمكانها وهو لا ينفك عنها أيضا، وقوله بعلمه ردّ على المعتزلة في قولهم إنه عالم بذاته لا بصفة زائدد عليها، وقوله أصولها وفصولها ضبطه بعضهم بالضاد المعجمة، وهو معنى زوائدها والظاهر أنه بالمهملة والمعنى هو ما ذكره أيضاً قال في المصباح يقال للنسب أصول وفصول فالفصول هي الفروع المتفرّعة عليها، وأمّا قولهم ما له أصل ولا فصل فهو بمعنى حسب ونسب كما في المجمل، ومواقعها محال وقوعها وطريق تمييزها إذا اختلطت بغيرها وقوله أو إحداث مثلها بناء على أنّ المعدوم لا يمكن إعادته بعينه، والإعراض والقوى هي ما به تشخصه وتنوّعه. قوله :( كالمرخ والعفار ) المرخ بالراء المهملة والخاء المعجمة، والعفار بالعين والراء المهملتين يتخذ منها الزند الأعلى والزندة السفلى بمنزلة الذكر والأنثى على ما ذكره المصنف تبعاً للزمخشري المرخ ذكر والعفار أنثى واللفظ مساعد له وقد عكسه الجوهري لكنه يقبل ما تفرّد به إلا أنّ قوله :
إذ المرخ لم يور تحت العفاز
البيت يؤيده وفي المثل في كل شجر نار واستمجد المرخ، والعفار ضرب للفاضل يفضل
على غيره وعن ابن عباس في كل شجر نار إلا العناب ولذا يتخذ منه مدق القصارين وفيه أقول :
أيا شجر العناب نارك أو قدت بقلبي وما العناب من شجر النار
ومن إرسال المثل المرخ والعفار لا يلدان غير النار والكاف إشارة إلى عدم انحصاره
فيهما لكنهما أسرع وريا ولذا خصا بالتمثيل. قوله :( لا تشكون في أنها نار تخرج منه ( يشير به إلى أنه محقق لما قبله مؤكد له ولولاه لم يكن لذكره فائدة فاندفع ما قيل ليس في ذكره كثير نفع مع عدم دلالة اللفظ عليه، ومضاذة الكيفية لأنّ الماء بارد رطب والنار حارة يابسة. قوله :( على المعنى ( يعني أنه أنث رعاية لمعناه لأنه في معنى الأشجار والجمع يؤنث صفته، وهو اسم جنس جمعيّ في معناه فيجوز تأنيثه كنخل خاوية، وقيل لأنه في معنهى الشجرة كما أنث ضميره في قوله :﴿ مِن شَجَرٍ مِّن زَقُّومٍ فَمَالِؤُونَ مِنْهَا الْبُطُونَ ﴾ [ سورة الواقعة، الآية : ٥٣ ] الخ. قوله :( في الصغر والحقارة ( لما كان المعنى قادر على إعادتهم كما هو قادر على خلقهم والمثلية ليست دالة على ذلك أوّلوه بوجهين الأوّل أنّ المراد بها هؤلاء الأجسام الصغيرة الحقيرة إمّا على أنّ المراد بمثلهم هم، وأمثالهم أو هم على طريق الكناية في نحو مثلك يفعل كذا وهذا هو الوجه، ولذا قدمه والثاني ما أشار إليه في قوله أو مثلهم في أصول الذات وصفاتها وفي الكشاف، أو أن يعيدهم لأنّ المعاد مثل المبتدأ وليس به وأورد عليه أنه خلاف المذهب الحق ورد بأنه لا خلاف بين المسلمين في إعادة الأجساد وأق المعاد عين المبتدأ ولولاه لم يكن الثواب والعقاب لمستحقه سواء كان معدوما أعيد بعينه، أو متفزقا جمع بعينه على المذهبين وهؤلاء أجل من أن يخفى عليهم مثله فمراده أن إيجاد المعاد وخلقه ثانيا مثل الجاده، وخلقه أوّلاً وليس إيجاده في الآخرة عبن إيجاده في الدنيا، وهذا ما عناه المصنف أو هو متحد معه ويكفي في الاتحاد اتحاد الأصول