ج٧ص٢٦٠
بين القراءتين وتوفية لحق الإصغاء المدلول عليه بإلى وحينئذ يكون الوصف شديد الطباق وأولى من قطع ما ليس بمنقطع معنى، وهو كلام دقيق جدّاً به يصح ما منعوه وحاصله أنة ليس المنفي هنا السماع المطلق حتى يلزم ما ظنوه لأنه لما تعدّى بمالى وتضمن معنى الإصغاء صار المعنى حفظناها من شياطين لا تنصت لما فيها إنصاتاً تامّاً تضبط به
ما تقوله الملائكة، وما-له حفظناها من شياطين مسترقة للسمع، وقوله إلا من خطف الخ بناء على صحته فللّه درّه في بعد مغزاه، واصابة مرماه ومن لم يقف على مراد. قال ما قال وماذا بعد الحق إلا الضلال، وكون الأوصاف قبل العلم بها إخباراً غير مطرد كما مرّ ولا لزوم له هنا فتدبر. قوله :( ولا علة للحفظ الخ ) إهدارها هو إبطال عملها النصب كما في أحضر الوغى على روايته مرفوعا وفيه رواية أخرى بالنصب ولا شاهد فيها، وهو صدر بيت عجزه :
وأن أشهد اللذات هل أنت مخلدي
وهو من المعلقة المشهورة يخاطب من زجره ولامه في حضور الحرب خوف الهلاك،
وعن التلذذ والتهتك في الملاذ ويقول هل تضمن ليس الخلود فإن مت لا خلود له يغتنم الفرص ولا يخاف الذي هو لا بد ملاقيه، والوغى بالمعجمة الحرب والقتال وقوله فإن اجتماع ذلك الخ أي حذف اللام وأن ورفع الفعل، لان كان كل منهما واقعاً في كلام الله وغيره أمّا اجتماعها فلا لأنه كم من حمل يقدر على حمل بعضه دون كله، وعدل عن قول الزمخشري كل واحد من هذين الحذفين غير مردود على انفراده فإمّا اجتماعهما فمنكر لأنه اعترض عليه بأن مدّهب
الكوفيين تجويز هذين الحذفين قياساً كما قدروه في قوله :﴿ يُبَيِّنُ اللّهُ لَكُمْ أَن تَضِلُّواْ ﴾ [ سورة النساء، الآية : ١٧٦ ] لئلا تضلوا وقال بعض شراحه إنه ليس بجائز عنده بل يقدر في مثله كراهة ان تضلوا ونية شيء وكذا ما قيل إنه مراد الزمخشري لأنّ هذين الحذفين باسم الإشارة يقتضي حذفين مخصوصين وهو ما كان مع الإهدار مع أنه لا يلزم من تجويز الكوفيين حذف اللام ولا جواز حذف اللام، وان وعلى كل حال فكلام المصنف رحمه الله أولى. توله :( وتعدية السماع إلى الخ ) سمع له استعمالات فيتعدى إلى غير المسموع بنفسه كسمعت زيداً يتحدث، وقد مرّ الكلام عليه وبالباء نحو قوله :
عمرك الفه هل سمعت براع ردّ في الضرع ما قرى في الحلاب
ويتعدى بإلى للمسموع كسمعت إلى حديثه والى غيره كسمعت إليه يتحدث، وهو يفيد الإصغاء مع الإدراك كما في الكشاف والظاهر أنه تضمين ويحتمل التجوّز أيضا والمصنف رحمه الله اختار الأول ووجه المبالغة أنه يلزم من نفي الإصغاء نفيه بالطريق الأولى، والتهويل لأنهم إذا كانوا مع إصغائهم لا يسمعون يدل على مانع عظيم، ودهثة تذهلهم عن الإدراك، وأمّا ما قيل من أنه عدى بإلى لتضمنه معنى الانتهاء أي لا ينتهون بالسمع أو التسمع إلى الملأ الأعلى لتضمنه معنى الإصغاء لعدم لزوم انتفاء السمع أو التسمع إذ لا يلزم من انتفاء المجموع انتفاء كل جزء منه فالمبالغة فيه، وهم فهو غفلة لأنه إذا انتفى المجموع فأمّا بجزأيه وهو أبلغ أو جزؤه الثاني فهو المطلوب، أو الأوّل لزم منه انتفاء الثاني لأنّ من لا يصغي كيف يسمع فهو كقوله :
ولا ترى الضب بها ينحجر
فلا وجه لما قيل إنه من نفي القيد والمقيد وأمّا ما دل عليه كلام المصنف رحمه الله من
انّ تعدية التسمع بإلى على التضمين أيضا ففيه نظر لما سيأتي مع أنّ الظاهر أنه لا يخالف ثلاثيه ! التعدية فمتعه مكابرة والاستعمال لا يقتضي كون حقيقة فتدبر. قوله :( ويدل عليه الخ ( لأن التسمع طلب السماع على ما تدل عليه صيغة التفعل كتحكم، وتجرأ إذا طلب ذلك بتكلف أو كدونه فهو يدل على أنّ القراءة الأخرى موافقة لها معنى وطلب السماع يكون بالإصغاء فهي كل افقها وان لم يقل بالتضمين واذا انتفى تطلب السماع انتفى هو بالطريق الأولى لأنه مبدؤه غالبا لأن قلت كيف هذا، وتطلبهم واقع حتى قيل إنه ترك بعضهم بعضا لذلك قلت هو إما ادّعاء للمبالغة في نفي سماعهم، أو هو بعد وصولهم إلى السماء لخوفهم من الرجم حتى يدهشوا عن طلب السماع فضلاً عنه فاندفع ما قيل إنّ قول ابن عباس رضي اللّه عنهما يتسمعون فلا يسمعون كئمر القراءة بالتخفيف فتدبر. قوله :( الملأ الأعلى ( لأنهم في الس!ء والملأ الأسفل الإنس
والجن، وقد نقل عن ابن عباس تفسيره بالكتبة وإشراف الناس فالعلو معنوي. قوله :( من جوانب السماء ( ليس المراد أن كل واحد يرمى من جميع الجوانب بلهو على التوزيع أي كل من صعد