ج٧ص٢٦٣
فالمقابلة بينه وبين العالم مع دخوله فيه ظاهرة وتولد بعض الحيوانات منه كالحشرات، والفار مشاهد لهم لا ينكر ولا فرق بينه وبين غيره ففيه ترق في الإلزام، وقوله بلا توسط مواقعة بالقاف والعين المهملة أي مجامعة الذكر للأنثى دفع لما يتوهم من أنهم خلقوا من أب وأمّ بالمجامعة، وهذا ليس ثمة بأنه ثبت في رأى العين لهم خلافه. قوله :( وإمّا لعدم قدرة القاعل ) معطوف على قوله إما لعدم قابلية المادّة، وهو على القول الآخر في المعاد بإيجاد المعدوم، وقوله ومن قدر وفي نسخة نإنّ من قدر وهو تعليل لقدرة الفاعل وقوله من ذلك يدأهم، وفي نسخة بدؤهم والإشارة إلى الطين، وقيل إلى مادّة البعث أو إلى اتحاد المادتين وقوله وقدرته ذاتية أي وما بالذات لا يزول ولا يقبل التغير بوجه. قوله تعالى :( ﴿ بَلْ عَجِبْتَ ﴾ ) بفتح تاء المخاطب على خطاب الرسول أو كل من يقبله وبل للإضراب إمّا عن مقدر دلّ عليه
فاستفتهم أي هم لا يقرون بل الخ أو عن الأمر بالاستفتاء أي لا تستفتهم فإنهم معاندون بل انظر إلى تفاوت حالك، وحالهم فإنك تعجب من قدرته الباهرة وانكارهم لما لا ينكروهم يهزؤون ويسخرون، وجمع المصنف بين قدرة اللّه وانكار البعث في العجب والسخرية مخالفا للزمخشريّ في التفسير بكل منهما على الانفراد لأنه لا مانع منه مع كونه أتمّ فائدة وأشمل فلا وجه لجعل الواو بمعنى أو لأنه لا وجه للتعجب من قدرة الله، وإنما يتعجب من الإنكار مع هذه القدرة التامّة فتأمّل. قوله :( أي بلغ كمال قدرتي وكثرة خلائقي أتي تعجبت منها ) وفي نسخة فكيف بعبادي، وقوله أو عجبت الخ خالف في هذا ما قبله فعطفه بأو الفاصلة، ولذا جعل بعضهم الواو بمعنى أو إذ الفرق بينهما حتى يجوز الجمع في الأوّل دون الثاني غير ظاهر. قوله :( والعجب من اللّه الخ ( يعني أنه أسند إليه تعالى في هذه القراءة وهو منزه عنه لأن العجب والتعجب حالة تعرض للإنسان عند الجهل بسببه، ولذا قيل العجب ما لا يعرف سببه، واذا ظهر السبب بطل العجب، وهو تعالى لا يخفى عليه خافية فلذا أوّلت هذه القراءة بوجوه فقوله على الفرض! والتخييل يحتمل تغايرهما واتحادهما فالفرض على أن يكون استعارة تخييلية تمثيلية كما في قوله : قال الحائط للوتد لم تشقني فقال سل من يدقني أي لو كان العجب مما يجوز على عجبت من هذه الحال، والتخييل أن يكون استعارة مكنية وتخييلية كما في نحو لسان الحل ناطق فيجعل قعالى كأنه لإنكاره لحالهم يعدها أمراً غريباً، ثم يثبت له العجب منها تخييلا واذا كانا بمعنى يراد الأوّل أو الثاني منهما وقيل فرض إنه تعالى لو كان ممن يتعجب لعجب من هذا على المشاكلة. قوله :( أو على معنى الاستعظام اللارّم له ) فهو مجاز مرسل وهذا موافق للمشهور من أنّ ما لا يجوز عليه تعالى كالغضب يحمل على غايته كما مرّ وأورد عليه أنّ الاستعظام لا يجوز عليه تعالى أيضاً لأنّ كل عظيم سواه عند. حقير وفيه نظر لأنه ورد في القرآن وكان ذلك عند اللّه عظيما من غير تأويل وعظم الشيء بلوغه الغاية في الحسن أو القبح فلا وجه لما ذكر، وقوله فإنه روعة الخ تعليل للوجه ا أصاني، ويحتمل أنه تعليل لقوله والعجب من الله الخ أولهما، والروعة بفتح الراء الفزع والخوف ويتجوّز بها عن الاستحسان أو الاستنكار المفرط لما يفجؤك ومنه قولهم أمر رائع، وهو المراد هنا وعلى كل تقدير فهو تعالى منزه عنه. قوله :( عند استعظام الشيء ) المراد بكونها عنده تعقبها له بسرعة حتى كأنهما في زمان واحدا وحصولها معه معية حقيقية فإنّ اللازم قد يكون كذلك كالإحراق للنار فلا ينافي كونه لازماً، فما قيل إن استعظام الشيء مسبوق بانفعال يحصل في الروع أي القلب عن مشاهدة أمر غريب كجوهرة نفيسة، وهو الروعة ليس بشيء وأعلم أنّ قوله والعجب الخ توجيه لإسناد
العجب إليه في هذه القراءة فهو لا يتصوّر كونه حقيقة منه تعالى، وأمّا تعجب غير الله من أفعاله نحو ما أقدر الله ما أحلم الله فمنعه أبو حيان تبعاً لابن عصفور لأنّ معناه شيء أقدره أو حلمه وجوّزه السبكي لأنّ المتعجب هو الذاكر له، وله فيه تألمف. قوله :) وإذا وعظوا بشيء لا يتعظون به ) في الكشاف ودأبهم إنهم إذا وعظوا بشيء لا يتعظون به، وهو أنسب وأبلغ مما ذكره المصنف فقيل إنه أخذ الاستمرار من إذا لأنّ الأصل فيها القطع والقطع إنما يحصل بالمشاهدة قبل الاختيار مراراً عدة أو من عطف المضارع على الماضي كما في ويسخرون أيضاً، وقيل عليه قطع الله تعالى لا يتوقف على ما ذكر. والظاهر من عطف


الصفحة التالية
Icon